حكاية العطش في الحسكة صارت عنواناً ووجهاً آخر لحرب الإبادة الجماعية ، حكاية حفظها العالم كلّه منذ احتلال مدينة رأس العين وعمليات قطع المياه عن الحسكة تتكرر لأيام وأسابيع بشكّل دوري وتستخدم ورقة ضغط وابتزاز يمارسها المحتل التركي وعصاباته الإرهابية حيث مئات آلاف الناس يعيشون بلا مياه صالحة للشرب ويضطرون لشراء المياه الملوثة وغير النظيفة على مضض لسدّ بعض حاجتهم والتي يكون مصدرها غير معلوم ومستخرجة من آبار عشوائية لا تتوخى معايير السلامة والفحص والتعقيم ، وحتى لو حاول الناس شراء الماء عليهم الانتظار لأيام وأسابيع لأن الأمر يتعلق بعشرات آلاف العائلات حيث لا توجد صهاريج كافية لتوفير المياه الأمر الذي يتسبب في تعطيل عجلة الحياة ويتحول الأمر إلى كارثة إنسانية وصحية.
محطة علوك للمياه في منطقة رأس العين متوقفة عن العمل بشكّل كامل نتيجة جرائم الاحتلال التركي وإذا كانت جهود الجهات الحكومية التي تبذلها بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية الإنسانية لم تتوقف لتأمين مياه الشرب للأهالي عن طريق توفير صهاريج نقل المياه وتعبئة خزانات المياه المنتشرة في الشوارع والحدائق العامة إلا أنها لا تغطي احتياجات أكثر من مليون مواطن ، وإضافة إلى قطع المياه تقوم قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها بسرقة الكهرباء المغذية لمحطة علوك بهدف تشغيل المشاريع الزراعية التي أقيمت على أراضي المواطنين التي قاموا بالاستيلاء عليها.
المعاناة تتفاقم والنظام التركي يواصل استخدام مياه الشرب كسلاح حرب ضد الأهالي في الحسكة بسبب رفضهم الاحتلال على الرغم من أن العالم كلّه يعرف أن قطع المياه يشكّل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي.
وفي الوقت الذي تستمر وتتفاقم فيه المعاناة يبقى السؤال : أين دور المنظمات والهيئات الإنسانية العاملة على الأراضي السورية وفي محافظة الحسكة تحديداً ؟ وأين دور منظمة الأمم المتحدة التي لم تستطع أو أنها بكّل وضوح لا تريد أن تعمل على وقف هذه الانتهاكات وإنقاذ حياة مئات الآلاف من سكان الحسكة ، وتحميل النظام التركي وشركائه في هذه الجريمة مسؤولية هذا الإجرام وفق النصوص القانونية والمعايير الإنسانية.
أين دور المؤسسات والمنظمات الدولية ، ولماذا لا تقوم المنظمات الدولية الإنسانية بتحييد محطة آبار علوك عن أي صراع عسكري أو سياسي ؟ ويبقى السؤال الكبير الذي أصبح اليوم يثير الخوف والقلق : هل تستطيع الحسكة الاستمرار بالحياة بلا ماء؟
الكنز- يونس خلف