ثورة أون لاين- رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم
لم يستطع الضجيج المتوالي للكذب الأميركي وتوابعه في أرجاء القاعة السويسرية أن يحجب الحقيقة، ولم يتمكن دعاة الإرهاب ورعاته من إغلاق البوابات والتحكم بمخارجها كما أرادوا ان يتحكموا بمداخلها،
بعد أن مارسوا التسويف والتضليل والمراغة في طول العواصم وعرضها، وفردت القاعة أرجاءها وسمحت لفضائها أن يحتفظ بفسحات أخرى رغم المحاولات المحمومة لاستلابه.
على المنابر كانت جردة الحساب تقتضي اجتياز الاختبار في النيات، وأن تعكس الأوراق المفرودة على الطاولة إرادة جادة في الحل السياسي، بحيث تختفي لغة المراوغة ويغيب النفاق، أو في الحد الأدنى أن تخف حدّته، وأن يصمت أصحابه ومريدوه ومشجعوه، وبينهم من توارى خلف أصابعه محمولاً بوهم أن شمس الحقيقة يمكن أن يحجبها غربال الكذب.
اللافت أن رعاة الإرهاب حضروا إلى جنيف، وأحضروا معهم خطابهم الذي يجترّونه منذ بداية الأحداث، وتمسكوا بكل ما فيه من مماحكات، وبعضهم على الأقل لم يتردد في العودة إلى المنسي منه وهو ينبش في قاعه.
فأعاد كيري سرد الأكاذيب الأميركية، وأسهب في شرح موقفه الذي تطابق إلى حد الاستنساخ في الكثير من مفرداته مع خطاب الإرهابيين، ولحقت به أدواته.. المتهالك منها أو تلك التي تكابر بحثاً عن مخارج جانبية تؤخر لبعض الوقت انهيارها، وبعضها لم يتردد في أن يضيف هنا أو هناك على قاعدة المزايدة على الأميركي، بحكم ما يتملكهم من أوهام ما زالت تسيطر على مقارباتهم.
لا نعتقد أن هناك مفاجآت في التقاطعات التي جمعت حولها جميع من ارتبط عضوياً وسياسياً وتنظيمياً ومصلحياً بالإرهاب، ولا في تطابق مفردات حديث كل من له يد في دعمه بالأصالة عن نفسه أو وكالة عن غيره، بطريقة مباشرة أو عبر أدوات وأجراء ومرتزقة، لكن هذا لا يحول دون التوقف عند هذه العناوين التي سطرت من خلالها رسائلها العاجلة من القاعة السويسرية، بعد أن استعصت كل رسائلها السابقة، وتاهت في ردهات الفنادق وخلف أبواب القاعات المغلقة، وداخل سراديب الظلامية التي تنتج وتصنع وتمول الإرهاب.
المفارقة الواضحة أن تلك الاوهام تساوى فيها الأميركي مع السعودي.. وتملقها الفرنسي كما فعل التركي.. ومن جاوره في الحديث من القطري إلى البريطاني.. وصولاً إلى الإيطالي، فجاءت استنساخاً مشوهاً لكل ما سبقها وتجميعاً لكل ما استحضرته من أدوات الإرهاب ومرتزقته، لتكون شاهداً على أن ما عجزوا عنه بالإرهاب على الأرض جاؤوا به إلى منبر المؤتمر من بوابة السياسة ومن نافذة النفاق، مصحوبة بكمّ لا ينتهي من التصرفات الصبيانية التي توغل في تبني الإرهاب.
أمام هذا «المحفل» من المداورة على الحقيقة وفي مواجهتها، ترتسم في معالم القاعة السويسرية مساحة أخرى عبّرت عنها رؤية دولية تتوالد على وقع ما يجري، وقد باتت على قناعة أكثر من أي وقت سبق بالاتجاه الذي تقود إليه، وإلى أين تريد تلك الحفنة من الحاقدين على سورية ودورها وموقعها وشعبها، أن تأخذ المؤتمر، وأي قاع تغوص فيه وهي تخفي خلف أجنداتها خبايا ما استولدته من إرهاب.
يستطيع غلاة الناطقين باسم الإرهاب والممثلين الفعليين له أن يخوضوا جولة جديدة من الأكاذيب، وأن يتباروا فيما بينهم على موقع السبق في المغالاة والنفاق، لكن ذلك لا يعدّل في المسار الذي بدا أن الكلمات التي خرجت من هنا وهناك، أشارت بالاسم والدور والموقع إلى الإرهاب وصانعيه وقواده الذين باتوا تجار أزمات عالمية ومرتزقة مخاطر تحدق بالعالم من كل حدب وصوب.
تلك المواجهة القائمة ليست وليدة هذه القاعة ولا هي نتيجة لتلك الكلمات التي استولدت خلفها لائحة طويلة لا تنتهي من المماحكات اللفظية وافتعال المعارك الجانبية، بل كانت نتاج تجاذبات دبلوماسية وسياسية وإعلامية محمولة، بما أضافته من هوامش، رسختها إرادة صمود السوريين وتضحياتهم.
تصلح جنيف لتكون علامة فارقة، ليس في الحدث السوري فحسب، بل أيضا في المشهد العالمي وافتضاح مساحة المنافقين فيه، وهم يتدافعون خلف أكاذيبهم التي كشفت الزيف وأماطت اللثام عن الإرهابيين بهوياتهم الحقيقية، وهم ينطقون باسم الإرهاب، يحاضرون عن العدالة وحقوق الانسان، ومن أقدر منهم على المحاضرة عن الإرهاب و«عدالة الساطور» و«مقبض السكين»..!؟
a.ka667@yahoo.com