الجدل الذي أثير خلال الأيام الماضية حول قرار وزارة الاقتصاد السماح باستيراد الأقمشة المسنرة، يكشف الكثير من نقاط الضعف في آلية اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية ويدفع للتساؤل حول صوابية بعض تلك القرارات ومدى تأثيرها في مسيرة العمل الاقتصادي ككل.
ففي أول ردة فعل على القرار عبرت غرفة صناعة حلب عن رفضها الكامل للقرار لكونه يتسبب بتأثيرات سلبية على الصناعة المحلية، خاصة وأن المادة التي سمح باستيرادها تنتج محلياً أي أنها متوافرة في الأسواق، لكن موقف غرفة صناعة دمشق وريفها جاء مخالفاً لموقف صناعة حلب، حيث عبرت عبر بيانها بأن القرار مناسب ويهيئ الفرصة لإعادة تنشيط صناعة الألبسة ويدعم توجهات الصناعيين بتوفير المادة الأولية اللازمة لصناعتهم.
وبهذا نجد أن الصناعيين انقسموا ما بين مؤيد للقرار ورافض له والواضح أن المصلحة الشخصية هي التي أدت إلى هذين الموقفين المتباينين من قبل الصناعيين، على الرغم من أن الجميع يعمل في نفس القطاع.
وبدل أن يتحول السجال والنقاش من قبل كامل الصناعيين سواء كانوا في دمشق وحلب مع وزارة الاقتصاد التي أصدرت القرار، فقد تحول الأمر إلى سجال بين الصناعيين أنفسهم هؤلاء يفندون حجج أولئك، والبعض يذهب إلى القول بأن القرار يناسب مصلحة الجميع بلا استثناء.
وهنا تبدو الحقيقة تائهة ما بين هؤلاء وأولئك ما بين صناعيو دمشق الذي رحبوا بالقرار وصناعيو حلب الذين عبروا عن مخاوفهم تجاهه وأعلنوا رفضه لما له من تأثيرات سلبية على منتجين مادة الأقمشة المسنرة.
هذا التباين قد يدفع بالسؤال مجدداً حول إشراك أصحاب المصلحة الحقيقة في بحث ومناقشة مشاريع القرارات الاقتصادية قبل صدورها، وهل فعلاً كان هناك تشاور وتشارك وأخذ آراء فيما يخص هذا القرار، وإن كان قد حدث ذلك، فلماذا تضاربت الآراء بين مرحب ورافض ومتخوف..؟؟.
وقبل ذلك يمكننا السؤال عن مصلحة الاقتصاد الوطني ما بين هذين الرأيين، فهل هي متحققة بنسبة جيدة حتى صدر مثل هذا القرار؟، وثم يأتي السؤال عن السبب الذي أدى إلى انقسام الصناعيين حول القرار لجهة تقبله والقبول به لكونه مناسب وضروري، وعدم تقبله لما له من تأثيرات سلبية على واقع الصناعة المحلية؟.
ولعلنا هنا نعود إلى ما بدأنا به القول بأن بعض ما يصدر من قرارات اقتصادية قد تكون بحاجة إلى المزيد من التدقيق والدراسة لكي تتحقق المصلحة المرجوة منها لجميع الأطراف، لا أن تكون عبئاً على الاقتصاد أو المنتجين أو المستهلكين كما شهدنا في بعض منها..!!.
على الملأ -محمود ديبو