الثورة أون لاين – حمص – رفاه الدروبي:
شارك 16 نحاتاً في ملتقى سيلينا الثقافي الفني الرابع، مُطلقين على تجمّعهم اسم “أنين الشجر” يرافقه دقيقة صمت على روح الفنان والنحَّات السوري فؤاد أبو عساف ليُطوّعوا أشجار الكينا المُتمدّدة بليونة كأنثى عاشقة بين يدَي نحاتيها خلعت عنها لحاءها الخشبي مُنتظرةً قبلتها الأولى لتكون قرية عيون الوادي مكاناً يحتضنهم ويظهر مفاتن أناملهم في عشرة أيام بدءاً من فاتحة الشهر الحالي.
الفنان أكسم السلوم تناول حديثه عن إنجازه عملاً يُمثّل الأنثى الصامدة والمتمرّدة والشامخة والصابرة المُعبّرة عن سورية، تحاول الخروج من المعاناة المحيطة بها والانطلاق بجناحيها، مُشبّهاً إياها بالفينيق.
النحات الحموي غاندي خضر يُشارك للمرة الثانية في سيلينا، حيث كانت الأولى على الحجر في الملتقى الأول ليعود في الرابع ويقدّم عملاً على الخشب، ورأى أن كلا المادتين تحملان اختلافاً كبيراً فالحجر مادة صماء قاسية خشنة والتعامل معها يحتاج لخشونة وصلابة؛ لكن تجربته الآنيَّة مختلفة لأنه تعامل مع مادة تحمل روحاً وحياةً وحركةً، مُبيِّناً مدى أهمية المشاركة بسبب وجود أخشاب بأحجام كبيرة غير مألوفة، متوجّهاً في عمله على التجريبي الرمزي، طارحاً فكرة عيون الوادي جسّدها من منظور مختلف على شكل عيون بشرية، والقمر يترأس التكوين وفق فنّه ورؤيته الخاصَّة ضمن كتلة نحتية فراغية.
وأعرب النحات أسامة عماشة من السويداء عن أهميّة مشاركته في الفعالية الحالية، لأنَّ المشاركين طوَّعوا كتلاً خشبيّةً ضخمةً تُمثّل تحدِّياً لديهم، مستخدمين المناشير والصواريخ الكهربائية والمطارق، واستطاعوا من خلال تجمعهم الاستفادة من تجارب بعضهم بعضاً، وتعرّفوا على آلية تفكيرهم وأدواتهم، وأردف: إنّه قدّم عملاً وفق إيقاع بصري يحقق التوازن ضمن الفراغ ويتجه للجانب التعبيري برموز سورية حيث أدخل المرأة لأنها رمز الخصوبة والعطاء والحاضن للحنان. إنها كلُّ شيء.
النحاتة حنان الحاج من السليمة قدّمت منحوتة لرجل بحسب رؤيتها ضمن مشاركتها الأولى، ورأت أنها فرصة جميلة رغم حجوم الخشب الكبيرة المتعبة.
واختلفت النحاتة رنا حسين عن بقية المشاركين ليكون نصيبها خشب السنديان إذ أنجزت منحوتة لفتاة بسيطة رشاقتها مُفرطة ترفع رأسها للأعلى موحية بالسمو والنقاء الروحي والهدوء وشيء قريب لا تتمنّى أن تعيشه تحمله في داخلها، مُضيفةً عنصر العصفور على كتفها يتّجه رأسه نحو عنقها مكان خروج الأنين والآهات للجمع بين عنصر السنديان كخاصة، وبين موضوع الفتاة في حالة الهدوء والسكون الروحي.
بينما كانت منحوتة الفنان وائل الدهان الدمشقي في أول مشاركة له بالنحت على الخشب ليُقدّم لوحة عن دمشق المقدَّسة تتمثل بفتاة ترتدي اللون الأزرق دائماً وذات ملمس خشن وله علاقة بالتاريخ، لافتاً أنَّه حاول العمل على فكرة التجريب حيث ألبسها المعدن كي يُعبِّر عن إعادة الإعمار.
وأردف الفنان بسيم الريس قائلاً: إنَّ تقديم أعمال من شجر الكينا له خصوصية في تجمّعٍ يُعتبر من أضخم الملتقيات لأنَّه يضمُّ 16 نحاتاً حوّلوا أنين الشجر والخشب لديهم إلى ابتسامات وضحكات، وقدّموا أعمالاً فنية مدهشة؛ لافتاً إلى تلقِّي أصداء من خارج الوطن لتكون عبارة عن محطات يمرّ عبرها كلُّ الفنانين لتعزيز مكانتهم ووضع بصماتهم في سورية وإعطاء شيءٍ من روح المكان.
أما النحات إياد بلال فقال عن مشاركته الأولى في الملتقى: إنه قدّم أعمالاً ذات كتلٍ كبيرةٍ وموضوعاتٍ عدَّةٍ في الآونة الأخيرة، موضِّحاً أنَّها استمرارٌ لأعماله السابقة فقد كان يعمل على الوجوه لكنه توجّه الآن للعمل على التكوين لتكون المنحوتة مؤلفة من جزأين أو كتلتين تمّ ربطهما بقطعة معدنية علَّه يعكس فيها صمود أناس أبرزهم بطريقة رومانسية وصوفية بكمٍّ كبير؛ وطرق باب الخيالي والذاتية وزمن الفروسية، إضافة إلى أعمال متخيّلة أكثر من الواقع واستعادة فكر أسطوري سوري ليبيِّن من خلاله كيفية اتصال الأرض بالسماء.
الفنان وضاح سلامة تحدّث عن تقديم عملٍ نحتيٍّ لحيوان له علاقة بشيءٍ من الطفولة أو الأسطورة، يُمثّل منحوتة لغزال له جوانح يقفز قفزاً. يجول به من مكانٍ لآخر، ليخرج ما يعتمل بداخله ويأخذه لشيء مريح أبعد منه.