الملحق الثقافي:حوار: عبد الحكيم مرزوق:
صدر مؤخراً عن اتّحاد الكتاب العرب في دمشق، مجموعة شعرية جديدة للشاعر «محمود نقشو».. تقع في 134 صفحة من القطع المتوسط، وتتضمن مجموعة من القصائد الشعرية التي تحمل عناوين منها: خيول فوق بنفسجيّة، قاع الكوكب، حواف حادّة، خطّ استواء، رتوش أخير على مُسوَّدةِ البقاء، بيانو منفرد، فضّة سائلة، معالم اليوم التالي، الإطار، من أوجاع المجرّة، ثقوب سوداء، كلام من وراء غيمة، ما رآه العابر، جرى في حانة قديمة، إعادة كتابة نصّ قديم، قطعٌ ناقص، في مدار الشّعر، حكايا الضوء الخافت، أبيض مجروح، على الطاولة المجاورة، كلام السكون، تشكيل مائيّ، عبور أبيض..
حول هذه المجموعة، والشّعر عموماً، حاورنا الشاعر «نقشو» وسألناه:
ما الجديد في مجموعتك الشعريّة هذه.. «خيول فوق بنفسجيّة»؟..
في المجموعة جديدٌ حتماً، ليس استتباعاً لما سبق، بل دأباً على التكثيف اللغوي، وجدّة المعالجة، والصورة المغايرة في رسمها ودلالاتها.. بالإضافة لما كنت أسير عليه في كتاباتي الأخرى، في درب الكتابة الجديدة، في إطار ما يعرف بالثقافة الثالثة في عالم اليوم.. تلك التي تكتب العصر .
برأيك، كيف بإمكان الشّعر اليوم، مقاومة القبيح والرديء؟..
تصعب كلّ يوم المعركة مع هذا القبيح والرديء، فالكثير من الذي يحيطنا صعبٌ، وعديم الفهم.. يتراكم فيه الأسوأ بوتيرةٍ عالية، مقابل الأجود والأهمّ والعالي.. الشّعر البسيط الساذج، كثيرٌ وفي كلّ مكان.. إنّه كتابة قليلة القيمة في الشعر وفي النثر. لكنّ الأسوأ، ذلك الذي يدعو بطريقةٍ أو بأخرى، إلى الانزياح الخطير عن الحقّ والخير والجمال.. وأرى أن هذا المدّ الخطير، يمكن أن يُقاوم عبر وسائل الإعلام والمنابر الثقافية، بالترويج وتقديم الأهمّ، لا بتقديم المتاح.. الأهم الذي يبقى خالداً في بنك التحف والمعلّقات وسائر الفنون، وللمؤسسات الثقافية الدور الكبير في حسن الانتقاء، وحسن النشر، وحسن التكريم.. إنّها ليست مهمّة عاديّة. إنها مهمّة ومسؤولية كبرى.. مواجهة القبيح بالجميل.
أين تقع قصيدة النثر من كلّ هذا؟!!
قصيدة النثر أكثر وضوحاً في تسلّل الخراب إليها، والافتقار الشديد لمبدعيها ـ على كثرة مدّعيها، واستسهالهم كتابتها، والولوج إليها دون قدرات تذكر، سوى الرغبة في الكتابة، والأسوأ منها القصيدة التقليديّة الفقيرة الشعر، والعديمة الأناقة.. لكن، ما يثلج الصدر أنّه في كلّ زمانٍ ومكان، هنالك المبدعون الحقيقيّون، وبهم تسير عربة الشعر ـ بل عربة الفنّ، بل عربة الحياة – كما ينبغي..
هل تعتقد أنه ما زال هناك قرّاء للشّعر؟..
طبعاًّ، لكنّهم يقرؤون ما طاب لهم، ولذّ.. وهم مختلفو المشارب، مختلفو الأعمال والتخصّصات.. الطلاّب وأساتذتهم.. الأطبّاء ومرضاهم. المهندسون، العازفون، النحّاتون، البنّاؤون، وباقي أفراد الأسرة البشرية.. كلّهم يحتاجون الرقص، فيقرؤون الشّعر..
ماذا تقول مجموعتك الشعريّة هذه؟..
تقول ألم وأمل الإنسان الذي مازال يعيش مأساة بلده، وأمامه العالم القاسي الملامح، العالم الوقح، المنافق، الكاذب.. ترصد المجموعة دواخل إنسان المأساة السوريّة، وبعضاً من تفاصيلٍ مؤلمة، لا يتّسع الشّعر لاستيعابها، بل يتّسع لآمالٍ تأتي بطيئة وغائمة، هي ما تبقّى له من إنسانيّته المعذّبة في هذا العالم..
هل تفكّر بكتابة قصيدة النثر؟..
ربّما، فقد تصل الأشكال الشعريّة حدّ الامتلاء، ولا تغدو الكتابة فيها تأتي بجديد.. حينها يأتي التقاعد، أو التحوّل، ليبقى الكائن على قيد الشّعر .
أما زال لبعض الشّعراء السوريين الأحياء، القدرة على إقناعك وإدهاشك؟.
نعم مازال.. يدهشونني بخروجهم عن اللغة الجليلة الأمّ.. لغة العصر، اللغة الأصعب بقدرة العارف..وهم قليلون جدّاً على أيّة حال..
ترى ما مستقبل الشّعر، والقصيدة الخليليّة تحديداً؟..
أرى أنّها باقية ونابضة بين الحين والحين، على أيدي مبدعين هضموا تراث الأمّة، وأعادوا إنتاجه بطريقةِ العصر.. فالرسم الكلاسيكيّ باقٍ، وكذا الموسيقا والنحت.. الخ، جنباً إلى جنبٍ مع المدارس والأشكال الحداثيّة الأخرى.. اليوم لا أحد يلبس لباس أبيه، الكلّ يتسابق على السهولة والغموض والموضة، والشّعر له موضاته كذلك.. لكن يبقى منه الشّعر الجميل، ما بقيت اللغة العربيّة، فهي القادرة المقتدرة على مرّ العصور.. المشكلة مشكلة المبدع.
ما مصير مهرجان الشّعر العربي، لرابطة الخرّيجين الجامعيين في حمص، وأنت مستمرّ في مجلس إدارتها؟..
لقد عقّدت الحرب الكثير من الأمور، ومنها الثقافة.. الأمر يتطلّب بعض الوقت للوقوفِ على الخريطة الشّعريّة العربيّة..
التاريخ: الثلاثاء12-10-2021
رقم العدد :1067