الثورة أون لاين – غصون سليمان:
ثمة إشكالية في التوصيف لكثير من القضايا التي تواجهنا في حياتنا اليومية ونعلق عليها شماعة مأساتنا وتعبنا، علماً أن الإنسان هو مصدر السعادة والشقاء على السواء.
فعندما يقول المرء: ضميري هو القانون، هل استقامت عبارته ووضحت رؤيته؟ لاشك أن هناك بعض التشويش في المفهوم والمضمون، مايجعل الأمور تختلط في بنية التفكير ويتوه المعنى حسب كل تفسير.
لذلك إذا ما أخذنا القانون كقانون فإن مشكلته ليست في نفسه وإنما المشكلة بمن يطبقه، فعندما يتحدث الطلبة عن بعض المشكلات في جامعاتهم على سبيل المثال لا الحصر فإن المشكلة إذا مادققنا بها ليست في قوانين الجامعة وإنما المشكلة تكمن بالأشخاص الذين يعملون بها، فالجامعة هيئة اعتبارية لاوجود لها من دون أناس قائمين يمثلون أخلاق الجامعة، وكذلك الناس القادمون اليها، يجب أن يمثلوا أخلاق الجامعة ويغرفون من مبادئها.
وقس على ذلك في باقي جميع الأقسام والمؤسسات.
فالقوانين والأنظمة يطلقون عليها عبارة وصفية ” القانون أعمى “ولكن البصير هو القاضي، وكل من يمثل الشأن القانوني وحين يطبق القانون بحذافيره وبتجرد عن كل شيء، ولانهتم ببعض حيثياته فلاشك أنه يحصل هناك بعض الألم والوجع لطالما هناك أشياء تتطلب روح القانون بلون الرأفة والرحمة مثلاً، لا تطبيقه كما هو بصرامته ودقته إلاٌ للمسائل والخطايا الكبرى التي ترتكب بحق الوطن من خيانة وعمالة وغيرها.
يقول أحدهم على سبيل المثال عندما أعطي طلابي علامات لايستحقونها، فالقانون لايراقبني، وكذلك عندما اغش وأحابي طرفاً على حساب آخر، كأن أعطي فلان علامة ودرجة أكثر من فلان لايستحق، فماذا أكون قد فعلت بالآخر أليس الظلم والاحباط، وبالتالي من سيدفع الثمن على المدى البعيد جراء سلوك خاطىء وغير صحيح، أليس المجتمع والوطن؟.
أيام زمان كانوا يقولون ويعولون على التعليم على أنه هو أولاً وأخيراً، ومما لحظناه سابقاً ونلحظه اليوم أن قوة التعليم ليست بالمادة العلمية وإنما بالمصدر الأساس وهو المعلم، وعندما كان يتعلم الطفل والتلميذ منذ صغره احترام المعلم والمربي، فنحن نعلمه احترام القانون، والنظام العام للمدرسة، والهيبة العامة لمفهوم التعليم ومن يقوم على ذلك بكل جزئياته.
صحيح في الماضي كنا نقول عن المعلم أو بعض الأساتذة أنهم ظالمون حين يقسون بعض الشيء على الطلاب، ولكن لم ندرك ظلمهم الرحيم هذا إلا بعد فترة من الزمن.
وبالتالي يمكن القول أنه عندما تتحطم صورة المعلم في أي مجتمع من المجتمعات ليس في نظر الطالب فقط وإنما يرافقها تحطم لصورة المدرسة، صورة الانضباط والنظام.
من هنا اختلفت المعايير التربوية قديمها وحديثها، وغدت تتأرجح في أحضان التكنولوجيا بشبكات ووسائل التواصل المختلفة ليراها أطفالنا الصغار واليافعين صورة من نموذج مايقدمه اليوتيوب من صور وفيديوهات وبرامج مطورة لشخصية الحرامي، والشخص الخبيث والسارق، والقاتل والمجرم، فلم يعد ذاك النموذج الذي حفر في الوجدان لأجيال متتالية خلت قبل ثورة المعلوماتية، أي ذاك الإنسان المعلم الذي كاد أن يكون رسولا