الثورة أون لاين – لميس علي:
هل تحتاج المتعة، وتحصيلها، إلى بيانات ومواعظ..؟!
لم كان نحت الذات، معرفياً وثقافياً، أمراً لازماً وواجباً لتحصيل المتعة، لدى بعض الفلاسفة..؟
“انحت نفسك بنفسك وتمتع”، مقولة تجعل اقتران المعرفة والثقافة شرطاً لازماً للحصول على المتعة.. وأي تمتع دون ذلك هو محض رفاهية استهلاك.
متى ما توصل المرء إلى خلق “ذات” من “أناه”، كان لزاماً عليها، حينها، متابعة نحتها وعياً وواجباً تجاه نفسها..
وبالتالي يبدو تحصيل المتعة، أمراً مفروغاً منه..
هل حقاً تدرك ذواتنا “المنحوتة” طرائق متعتها..؟
يطرح ميشال أونفري الفيلسوف المتعوي، كما يتم وصفه غالباً، قناعته “انحت نفسك بنفسك وتمتّع”.. لكن عن أي متعة يتحدّث تلميذ نيتشه ومخالفه بالآن عينه..؟
أي ثقافه تمجّد المتعة وتُعلي من شأنها وقف “أونفري” إلى جانبها.
ونحت الذات الذي جاء عنواناً لأحد مؤلفاته، لا يقصد منه أن تمتلئ حياتنا بالتحف والمنحوتات الفنية.. إنما هي عبارة عن عملية تطوير ونمو للذات باستمرار.. وغالباً يوصي بوسيلة الفلسفة التي هي بنظره “فن الحياة” وصولاً لحالة وعي بأهمية “نحت الذات”..
هل يوصلنا اجتهادنا في سبيل خلق ذات منحوت، إلى حالة من التفرد، لا التشابه أو الاستنساخ مع أو من الغير..؟
بالنسبة، للتفرد فيتشابه لدى أونفري مع مفهوم التأنّق والذي هو “فن المحافظة على التفرد وسط الجموع” بتعبير نيتشه، أو فن الاستمتاع المطلق بالرفض كما يقول بودلير.
يبدو مفهوم التأنّق ضرورياً في عملية “نحت الذات”، بما فيه من قوة لقول “لا” الاختلاف.. وبما يحتويه من طاقة وحيوية لازمة خلقاً للتفرد وبالتالي التأنّق.
ذات متفردة ومتأنّقة.. يمكن أن تساهم بنسبة كبيرة بخلق قالب يخصها وحدها.. قالب نحت لا يتناسب مع مقاسات غيرها.. شرط ألا يكون قالباً تتقولب وتنحصر ضمنه أطر تفكيرها، متحولاً إلى سجن.. بل على العكس، بمعنى يساهم بمنح شكل خارجي فريد وعياً، ويطلق شرارة فكر هذا الشكل الخارجي دون أي تأطير أو قولبة مسبقة.
يحصل المرء على ذات منحوتة، بعد أن تنشغل وتشتغل الذات على ذاتها..
تتلهف لالتقاط كل مسرب من مسارب الفهم والعلم، عبر الاجتهاد الذي يقودها أخيراً لامتلاك حاسة “تمييز” كل ما يسبب لها المتعة ويمنحها السعادة.
عبر تصفح أفكار مختلف كتابات ميشيل أونفري، وعناوينها، مثل: بيان من أجل المتعة، فن الاستمتاع.. نلمح نوعاً من التقاطع مع فلسفة كليمون روسيه حين ذكر: “السعادة وحدها تشغلني”.