الثورة أون لاين – غصون سليمان:
يتوقف إدراك الإنسان لعالمه المحيط به على الرسائل والمعلومات التي يتلقاها دماغه عن طريق حواسه الخمس وخاصة حاستي السمع والبصر ،وحدوث اي خلل فيهما يؤدي الى بروز جملة من الصعوبات التي تؤثر بشكل أو بآخر على آلية إدراكه لعالمه وتكيفه معه.
وقد يكون فقدان السمع أصعب من البصر في بعض المجالات وفق وجهة نظر الدكتور آذار عبد اللطيف رئيس قسم التربية الخاصة جامعة دمشق كلية التربية فيما يخص الإعاقات السمعية ،لأن الفرد يتعلم اللغة اعتمادا على هذه الحاسة، مع كونها تشكل حجر الزاوية في تطور سلوكه الاجتماعي وفهم بيئته ومعرفة المخاطر المحيطة به .
واذا مادققنا في ماهية الإعاقة السمعية ، يحدد الدكتور عبد اللطيف في كتابه المرجع في تدريب وتعليم المعوقين سمعيا من أنه قبل الولادة تكون وظيفة حاسة السمع وظيفية ، وبعد الولادة تصاب بالضعف لأن القناة السمعية تمتلىء بالسوائل،ولكن لاتلبث أن تعود إلى طبيعتها بعد عدة ايام من الولادة .
وتشير المعطيات العملية أنه بعد الولادة بمدة زمنية قصيرة جدا يستطيع الطفل تمييز الأصوات المختلفة ،ومثل هذه المهارة ضرورية جدا لديه كي يتمكن من خلالها من معالجة اللغة المنطوقة ،وما إن يبلغ الشهر السادس حتى تتطور لديه نفس ردود الفعل الموجودة لدى “الراشدين” نحو الصوت.
وقد بينت الدراسات أنٌ مهارات الاستماع لدى الطفل في نهاية السنة الأولى من العمر تصبح أكثر تطورا،ففي هذه المرحلة تظهر لدى الطفل مهارة الانتباه الانتقائي،وفي نهاية السنة الثالثة يصبح الطفل قادرا على تحديد موقع واتجاه الصوت بدقة متناهية.
ولعلٌ المتتبع لأدبيات التربية الخاصة يعلم أنٌ الانسان قد عرف الإعاقة السمعية منذ القدم ،وكان المعوقون سمعيا من أوائل الأشخاص من ذوي “الاحتياجات الخاصة ” الذين قدمت لهم الرعاية والخدمة الاجتماعية والتربوية ،وبالرغم من ذلك فإن الدراسات المسحية التي أجريت لتحديد نسبة حدوث الإعاقات السمعية ، عانت من مشكلات عديدة أهمها ان اساليب وادوات التقييم غير دقيقة وغير كافية ،كذلك العينة التي تطبق الأداة غير ممثلة للمجتمع الأصلي ،ومع ذلك يعتبر هذا النوع من الإعاقات قليل الانتشار قياسا بإعاقات التخلف العقلي،وصعوبات التعلم ،والإعاقة الحركية ،لذا اطلق عليها البعض الإعاقة القليلة الحدوث نسبيا .
وفي هذا السياق يشير مصطلح الإعاقة السمعية إلى مستويات عدة من الضعف السمعي حيث تتفاوت بين الضعف السمعي البسيط والضعف السمعي الشديد جدا،فالمشكلات السمعية المتعددة يعاني منها الأطفال والشباب وكبار السن،لذلك يصفها البعض على أنها إعاقة نمائية تحدث في أي مرحلة من مراحل النمو.