افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
بالمُتابعة اليومية للمَواقف والتصريحات الصهيونية – الأميركية فضلاً عن التحركات، يَتضح أن السياسات المشتركة تتحرك على مسارين: التضليل من جهة، ومحاولة التقدم نحو تحقيق الأهداف من جهة أخرى، وفي الأثناء لا يُوفر الجانبان طريقة أو نمطاً بحربهما العدوانية إلا ويستخدمانه، على كل الجبهات وعلى جميع المحاور، بدءاً من تسعير مخططات الاستيطان بالجولان السوري المحتل، إلى الاغتيالات، إلى الاستثمار بالتنظيمات الإرهابية، وليس انتهاء بحرب السفن والسايبر وتَوظيف المنصات الدولية والمنظمات ذات الصلة بحقوق الإنسان والنووي والكيماوي.
ومع اتضاح الهدف أو رزمة الأهداف الصهيو – أميركية، يبدو جَلياً أن الجانبين مع مُلحقاتهما، هما في صدد البحث عن التطور وعن تطوير الأدوات، وليس بصدد التحول الذي ينبغي أن تَفرضه المُعطيات التي تُؤشر لفشلهما بتحقيق أهدافهما.
الولايات المتحدة تَعترف بأن مشروعها لم يتحقق، وتُقرّ بأن العقوبات الاقتصادية -حتى- لم تُحقق لها ما كانت تنتظره، غير أنها لا تُفكر بالتراجع والانكفاء، بل تسعى في حروبها المُعلنة نحو التصعيد والمُباشرة بافتتاح جبهات إضافية، معها الكيان الصهيوني، وتَلتحق بهما باقي مكونات التحالف الذي تقوده.
نفتالي بينيت رئيس حكومة العدو الصهيوني يتحدث عن مُضاعفة أعداد المستوطنين في الجولان السوري المحتل، ويَضع الرقم /100 ألف مستوطن/ كهدف يسعى لملامسته في وقت قياسي، بينما يَجهر وزير خارجيته يائير لابيد وجنرالات في جيش الاحتلال واستخباراته بمواصلة ما سمّوه حرب الظلال مع إيران بالشراكة الكاملة مع واشنطن.
لبنان، العراق، واليمن، حاضرة أيضاً، ولا يَغيب عنها التركيز الأميركي – الصهيوني، كمُفردات في الحرب، بل تَقيس أجهزة الاستخبارات والدوائر السياسية مُستويات الاهتمام بها. وبناء على التقديرات الخاصة بهذه الدوائر والأجهزة – للموقف هنا وهناك – يجري التأكيد على رفع وتطوير مستويات التركيز والتدخل في الطريق نحو الهدف وعلى طول مساراته وتَعددها.
هي الحرب إذاً، بل إنها الحرب المعلنة التي لم تتوقف، تجري على جبهات حقيقية تقليدية وغير تقليدية، وعلى الجبهات الافتراضية الإلكترونية والمعلوماتية والاستخبارية، وإذا كانت امتدت وأخذت مَنحىً تصاعدياً مرة من بعد انكسار أدواتها المُستخدمة في إطار ممارسة الإرهاب المُنظم الصهيوني والتكفيري والاقتصادي، وإذا كانت مرة أخرى اتخذت منحىً تضليلياً من بعد فشل أدواتها السياسية والدبلوماسية، فإنها الحرب العَبثية التي مهما استطالت وتطاولت فلن يَتحقق بنتيجتها أيٌّ من الأهداف المرسومة، وتلك التي جرى التخطيط لها.. لماذا؟
ببساطة، لأنّ الطرف الآخر – المُستهدف – لديه من القوّة وفائضها ما يَكفي لإسقاط المشروع المُعادي وردعه ورده على أعقابه – الأدلة ماثلة وقد قدمتها سورية بجيشها وشعبها وقيادتها – وربما لم تدرك بعد واشنطن والصهاينة أنّ حالة الوهم والتضخم لديهما، إضافة إلى سوء تقديراتهما وجهلهما بالآخر الذي تَستهدفه، إنما هي عناصر إضافية تُسهم ربما بمُضاعفة خيباتهما.
هي الحرب، لم تتوقف، ولن تتوقف إلا بنهايات تتراوح بين خروج أميركا من أفغانستان وبين اندحار فصائل الإرهاب عن مناطق واسعة في سورية والعراق، وحتى لو اعتقدَ البعض أن ذلك الخروج الأميركي والاندحار الإرهابي هو تكتيك يَنطوي على خطوات مَنظورة تَشهدها الأيام التالية، فإنّ ما يَغيب عن هذا البعض كثيرٌ منه ما يتعلق أيضاً بقراءة خاطئة تَقديراتها واهمة، ومنه ما يَتصل بحقيقة أن لدى الطرف الآخر بالمقابل تكتيكات وإستراتيجيات وعناصر قوّة لم يُكشف عنها، ويبقى الأهم والأكثر أهمية أن البوصلة لدى هذا الطرف تعمل، وأنَّ الهدف بَيِّنٌ وواضح، وقد أعدّ جيداً لمَساراته وكل الاحتمالات.