الملحق الثقافي:إعداد: نذير جعفر:
«في خضمِّ الرعب والرِيَب،
ونحنُ مهتاجو الذّهن، فزعو العيون
نضعُ حلولاً
وخططاً لما نفعلْ
حتى ننجو من الخطرِ المحيق المُهدِّد
لكننا مخطئونَ، فهذا ليسَ سبيلنا
كانت النبوءاتُ زائفة
أو أننا لم نسمعها، أو أننا لم نفهمها جيداً
كارثةٌ أخرى
كارثةٌ لم نحلم بها
تسقطُ علينا في عصفِ المباغتة
ونحنُ غير مستعدّين – لا وقت الآن –
وتأخذنا»..
«كفافيس»
د. محمد الحوراني: باحثٌ ورئيس اتّحاد الكتّاب العرب
“لاشك أن الجوائح والحروب، تؤثّر في أمورٍ وموضوعاتٍ كثيرة ومنها الأدب، وهو أمرٌ طبيعي، فالأدب هو المعبّر عن أحوال الناس والشعوب والمجتمعات، وهو مرآتها بشكلٍ أو بآخر، فالأوبئة والأمراض كانت حاضرة في الكتابات عبر التاريخ، وقد تحدّث “ابن إياس” في كتابه “بدائع الزهور في وقائع الدهور” عن مرض الطاعون، وأثره في الدولة المملوكية، كما أن هناك الكثير من الروائيين والشعراء الذين تحدثوا عن الأمراض، كالشاعرة العراقية “نازك الملائكة” في قصيدتها “الكوليرا”، وبالتالي فمن الطبيعي أن تتغير موضوعات الأدب، أو بعضها على الأقل، في أيامنا هذه، وتتحدّث عن وباء “الكورونا”، ولا سيما أن هذا الوباء قد ظهر في مرحلةٍ تعاني فيها البشرية عموماً، من انتشار الحروب والضغوطات الاقتصادية.
انطلاقاً منه، فإن القارئ سيكون أمام أدبٍ متأثر، إلى حدٍّ ما، بهذا الوباء، وسنكون أمام أعمالٍ أدبية مختلفة في موضوعاتها ومعالجتها للأزمات والأوبئة، انطلاقاً من الآثار التي تركها هذا المرض على المجتمعات، اقتصادياً وثقافياً وحتّى مجتمعيّاً”.
محمد الحفري: كاتب روائي ومسرحي
بداية أقول: إن جائحة كورونا أو ما يُطلق عليه كوفيد ١٩، قد شلَّ الحركة في شتى بلدان العالم، وبالتالي أثَّر بالضرورة في مناحي الحياة كافة، ونقصد السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية وغير ذلك. وربما تكون سوريتنا هي أقل البلدان ضرراً بهذا الوباء، وهذه من ألطاف المولى عزَّ وجلَّ، فيكفينا ما فعلته الحرب فينا وقد أخذت في جريانها الكثير من أحبتنا وأفئدة قلوبنا. على كلّ حالٍ، وفيما يخص الأدب، فهو بالتأكيد قد تأثّر سلباً وإيجاباً، أما الأولى فقد انكفأت وتوقفت الكثير من الكتابات أثناء الجائحة؛ لأن أصحابها وقعوا تحت سطوة الخوف ورهبته، واستسلموا لليأسِ وبالتالي، كانوا كمن ينتظر مصيره المحتوم. أما الحالة الثانية ـ ونقصد الايجابية بطبيعة الحال ـ فقد تمثّلت في نهوضِ أولئك الكتّاب وصناع الأدب، للتعامل مع الحالة بكلِّ جرأة وشجاعة، وبالتالي أنتجت النصوص التي تطرح هذه المسألة وتتصدّى لها، ولله در السوري وهو يقف شامخاً مثل أشجار بلاده، وهذا ليس مستغرباً منه، وقد كتب سابقاً الكثير من الأعمال تحت وقع الرصاص ودوي القذائف، وظهرت العشرات من الأعمال الأدبية، في ظلِّ ظروفٍ صعبة وقاهرة في آن.
محمد أنمار حجازي: شاعر – مدير المكتبة الوطنية في حلب
كان لجائحة كورونا أثرٌ واضحٌ على الأجناس الأدبية، من خلال اعتمادها مادة للجنس الأدبيّ، يعبّر الأديب من خلالها عن موقفه من الحياة ومن الأشخاص، من الحبيبة، من السياسة، من الاقتصاد، حيث كان لها تأثير مباشر على كلِّ ذلك، فالحبيب ابتعد عن حبيبته بفعل الحظر وانقطعت سبل اللقاء، كما إن الحظر أثّر على حالته الاقتصادية، فعبّر عن فقره وحاجته، وقد لمسنا ذلك في الموجة الأولى لانتشار الفيروس، وفي الموجة الثانية، لكني أعتقد أن ذلك التأثير قد خبا لاحقاً، ولم يعد مادة دسمة للنصِّ الأدبي على اختلاف جنسه، ولا أعتقد أن التأثير سيستمر على الاطلاق.
محمد شويحنة: روائي
كورونا حدثٌ عارض في حياة البشرية، جائحةٌ تمرُّ وتترك آثاراً متعددة، لكن أثرها يمكن أن يكون مباشراً وغير مباشر. من ناحية الأثر المباشر، ما خلفته من نتائجٍ على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، حيث أثّرت في حياة أفراد وجماعات. أما على المستوى الأدبي، فلا أظنّ أن التأثير يمكن أن يكون آنيّاً، إلا ما تراه على صفحات التواصل الاجتماعي، من أقوالٍ وقصص وأشعار، مثل: قم للمعقّم وأتقن التغسيلا/ واجعله في هذا الزمانِ خليلا.
بالتأكيد نحن لا نريد التحدّث عن مثل هذا الأثر، لكن عندما نقول بتغيّر صورة الأدب واهتماماته ما بعد كورونا، فنحن نبالغ في الحديث عن الأثر، ليس ثمّة تأثيرٍ منظور لا في الصورة ولا في الاهتمامات، وليس هناك تغيّر ملحوظ في مختلف الأجناس الأدبية، ولا يتوقع حدوث مثل هذا التأثير وهذا التغير، إلا ربما على مستوى التخييل الأدبي، والاستشراف الذي يمكن أن تقدّمه روايةٌ ما أو فيلم سينمائي عن الجائحة، وما مدى تأثيرها في قطاعٍ ما من قطاعات الحياة الفردية أو الجماعية، بحيث تقف الجائحة عقبة في طريق قصة حب أو سفر عمل، أو تكون موضوعاً لحياة عزلة مفروضة.. أو تفجع بفقد عزيز. إلخ، فنحن هنا أمام حيزٍ موضوعي جديد، يضاف إلى ما سبق من موضوعات. وكما هو معلوم، لا يهمّنا الموضوع كما تهمّنا المعالجة، وزاوية النظر والبعد الإنساني. وتحضر بقوّة في هذا المجال، رواية “الطاعون” لـ “كامو” وما أثارته من مشاعرٍ عبر صراعٍ بلا هوادة مع الجائحة. أيضاً، رواية “إيبولا76” للكاتب السوداني “أمير تاج السر” التي تحكي كيف واجه الأفارقة الموت في زمن الوباء، وتحضرنا أيضاً قصيدة “المسلول” لـ “الأخطل الصغير”، وقصيدة “الكوليرا” لـ “نازك الملائكة” التي نصادف فيها هذا الأثر في الشكلِ الأدبي، حيث أصبح يؤرَّخُ بها لتجديدٍ شعري، ونقلة هامة إلى شعر التفعيلة. في كلّ الأحوال، يُنتظر أن يحدث هذا الأثر عبر موضوعٍ جديد يطرأ على حياة البشرية، وربما أنتج الموضوع الجديد شكله الجديد، وهذا ما لا يمكن التنبؤ به.
مراد كاسوحة: ناقد
الأدب بكلّ أجناسه، انعكاسٌ للحياة بكلّ تقلباتها وألوانها، ومن الطبيعي أنَّ قسماً كبيراً من اهتماماته، سيتناول جائحة الكورونا التي اجتاحت العالم كلّه، بشكلٍ فاق كلّ الأمراض السابقة التي تسبّبت في القضاء على ملايين البشر في الكرة الأرضية. وقد تطرّق الكثير من الأدباء العالميين، في أعمالهم الإبداعية، إلى تلك الأوبئة. “ألبير كامو” كتب رواية “الطاعون” و”ماركيز” كتب “الحب في زمن الكوليرا. “
الكورونا تركت أثراً سلبياً على اقتصاد العديد من البلدان، إضافة إلى تسببها في موتِ مئات الألوف من البشر. أتوقع أن العديد من المبدعين في مجال الأدب، ستظهر أعمالهم القادمة وهي تتناول تأثير هذه الجائحة على البشرية.
د. نزار العاني: كاتب
سؤالكم كان وسيظلّ على كلّ لسانٍ منذ انتشر الوباء، وإلى أجلٍ لا يقين علمياً وإجرائياً لتوقيت زمان انتهائه. وسؤالكم أكثر تحديداً من السؤال الذي توجّه به الأستاذ “طالب الرفاعي” إلى ثمانية وثمانين مثقفاً عربياً، من تسعة عشر بلداً، وجمع الإجابات وحلّلها في كتابٍ بعنوان (لون الغد/ رؤية المثقف العربي لـ “ما بعد كورونا”)، من منشورات ذات السلاسل في الكويت، وشاركتُ شخصيّاً بمراجعته وتدقيقه.
المثقفون العرب أجمعوا على تأثير تداعيات كورونا، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على مناحي الحياة كافة، بما في ذلك ظاهرة الأدب وأجناسه ومضامينه، ولا أظن أحداً يشذّ عن هذا الإجماع.
لنمرّ سريعاً على التاريخ القديم والحديث، وانعكاس وقائعه الكبرى، والأوبئة حصراً، على الأدب عموماً، وعلى الفكر والفلسفة والعقائد كمرجعيات أدبية أصيلة، لأن الأدب ومرجعياته يشكّل الترجمان الأمين والعالي والصريح، لصوت البشرية الخافت.
أنا شخصياً نشرت ثلاث دراسات طويلة في مجلتي (التقدم العلمي) و(الفيصل العلمية)، غير مراجعتي للكتاب آنف الذكر، حول الأوبئة في المدونات غير العلمية، كالملاحم الكبرى والأساطير وفي التوراة، ولدى فلاسفة كبار مثل “توينبي” و”يونيغر” و”هكسلي”، والروايات “طاعون كامو، وكوليرا ماركيز”، والمسرح “عن السفلس أو الداء الزهري ومعالجة للداء أبسن في بيت الدمية”، وقائمة طويلة جداً من أفلام السينما. واستجابتي الكتابية الشخصية لفعل الكورونا، تصلح نموذجاً ومظهراً لتداعياتها على التعبير بالحرف وغيره.
وانيس باندك: كاتب -مخرج مسرحي
لأوّل مرّة في تاريخ المسرح المعاصر، لم يحتفل العالم بيومِ المسرح العالمي، الذي يصادف السابع والعشرين من شهر آذار كلّ عام. لأوّل مرّة تغلق المسارح أبوابها وتطفئ قناديلها، وذلك بعد أن انتشرت جائحة الكورونا في كلّ أنحاء العالم مع بداية العام 2020. كذلك لم يحتفل المسرح القومي في مدينة حلب بهذه المناسبة العزيزة على قلوب المسرحيين، في الوقت الذي كان يقوم بتحضير عملٍ مسرحي من أجل هذه المناسبة، من تأليف وإخراج كاتب هذه الكلمات. كلّ شيءٍ توقف فجأة، بعد أن شارف العمل على الانتهاء، فقد صدر قرار وزير الثقافة بإيقاف كلّ النشاطات الثقافية.
ولعلّ الفن المسرحيّ هو المتضرّر الأكبر من بين كلّ الفنون، لأنه يعتمد بالأساس على الفرجة والتماس المباشر مع الجمهور، هذا الانغلاق أدى إلى استحالة تحقيق هذه الفرجة، كما في حالات الوباء المعمّم، لأن حياة المسرحيين تعتمد على المباشرة في التواصل واللقاء مع الحضور، وهي مرتبطة بخشبة المسرح، والحركة في الفضاء المسرحي، وصناعة فنون الفرجة مع الجمهور.
هكذا أصبحت حياتنا بلا عروضٍ مسرحية، وتحوّل المسرح عن مساره الطبيعي، من حالته المبنية على الحركة المستمرة والدوران الدائم، إلى حالة من السكون والانغلاق، ولأن المسرح جزء من هذه الحياة، وحياتنا مهدّدة هذه الأيام، فإن الإنسانية تعيش لحظة درامية فارقة، تجدنا مندهشين أمامها، وما أفظعها من لحظةٍ تراجيدية قد تتجاوز المسرح وتدمّر الحياة برمتها، إذا لم يتمّ السيطرة على هذا الوباء.
قدمت بعض المبادرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ربما خفّفت عنا هذه العروض قليلاً من الخوف والرعب، وجمعت شتاتنا ونحن محبوسون في بيوتنا، لكن لذّة المسرح هي في المسرح. ورغم أن النشاطات الثقافية قد عادت بشكلٍ جزئيّ ومن ضمنها المسرح، إلا أن السؤال الذي يقلق كلّ فناني المسرح: إلى متى سيستمر هذا الرعب؟! ومتى سيعود المسرح إلى حالته الطبيعية؟! لأن هذه الحالة لا تساعد على الإبداع المسرحي، فالإبداع لا يتجزأ كما الفن لا يتجزأ. والأديب الحقيقي، هو من ينقل صورةً صادقةً وواقعيةً للواقع المَعيش، ويشفع ذلك برأيه تجاه تلك القضية أو تلك.
د. وحيد كبابة: باحث -أستاذ جامعي
لما كان الأدب ابن المعاناة، فمن الطبيعي أن تترك جائحة كورونا أثرها فيه، ولا سيما في المضمون، فالمرض هنا ليس مرضاً عادياً، إذْ إن له مضاعفاته الاجتماعية والشخصية، من عزلةٍ وقناع وتهتّك في العلاقات الاجتماعية وتقييد حريات. لهذا أرى أن أثره لا بد أن يكون قوياً، ولا سيما في القصة والرواية، مع احتمال بروزِ أشكالٍ جديدة في السرد، أو استعادة أشكالٍ قديمة كالمقامات. وقد بدأنا نرى طلائع هذا التأثير عندنا، وإن بقيت خارجية، بمعنى أن العمل الفني لا يتناول المرض من الداخل، فيصوّر مضاعفاته في حياة الفرد والأسرة والمجتمع.
أما تبلور ذلك في مذاهبٍ وفنونٍ وأجناسٍ أدبية فمتوقع. لكن كيف؟ هذا من شأن المواهب والأيام أن تجيب عنه.
كلّ وباء حدث في التاريخ، وكلّ حرب كارثية وجائحة، استدعت الشّعر ليكون شاهداً على الوجع والألم المأساوي، والشواهد تملأ بطون الكتب، ولن يشذّ هذا الوباء عن غيره عبر آلاف السنين، إذ بدأت النصوص تتخلّق في محاكمة واقعة الوباء نفسها، كاذبة أم صادقة، وساهمت منصّات التواصل الاجتماعي في تكريس ما أدعوه بالعلم الزائف، وفوضى العقلانية واضطراب الوعي، وهي أمور لن يغفل الأدب عن تناولها.
لا ريب، ولا أشكّ لحظة واحدة، أن السنوات العشر القادمة حبلى بآثارِ هذه الجائحة المعاصرة، على المخيلة البشرية الأدبية واسعة الطيف، وستقف الأقلام طويلاً أمام سؤالٍ خطيرٍ طرحته الفلسفة، وطرحه الأدب، وهو: هل يمكن للحياة البشرية أن تنتهي على هذا الكوكب؟ “أرسطو” القديم حذّرنا من الأحياء الدقيقة التافهة! وفي نبوءاتِ “نوستر أداموس” الذي عاصر الطاعون، كتب عن إبادة الحياة. وأثر الحرب العالمية الثانية التي استدعت أدب اللامعقول والعبث والرواية الغرائبية، قد يتكرر اليوم. وربما يحمل فيروس كورونا في طياته احتمالات شتى، أدباً عدميّاً أو أدب القِصاص واللعنة، والأيام كفيلة بالكشف.
د. مانيا سويد: باحثة وأستاذة جامعية
الأدب مرآة المجتمع حتى وإن جنح إلى الخيال أحياناً، وليس من المتصوّر أن يظهر في عالمِ الأدب عمل مُنْبَتّ عن المجتمع الذي أنتج فيه تحديداً والمجتمع الإنساني على وجه العموم، فالأدب يخاطب البشر، وهو في ذلك يلمس قدراً من قضاياهم بما تحمله من هموم وما ترنو إليه من رغد، لذلك لا غرو أن يقال: إن ما يصيب الناس يصيب الأدب بالتبعية. وما أفرزته الجائحة التي ضربت سكان الأرض خلال السنتين الماضيتين، لم يسلم منه شيءٌ على جميع المستويات؛ لم تكن هجمة كوفيد ١٩ شديدة فحسب، بل كانت مروّعة بحيث أحدثت اضطرابات خطيرة اقتصادية واجتماعية وأخلاقية وعصبية وبيئية، خسرت الدول المليارات، أُغْلِقَت مصانع وأفلست شركات، جثمت الطائرات في مرابضها بالمطارات، أُغلقت المتاجر والمزارات السياحية والنوادي، تعطلت المدارس، توقفت الأسواق، مارس الموظفون أعمالهم من بيوتهم، تلاسن الناس وتشاحنوا على شبكات التواصل الاجتماعي، لم يعد الناس يحتمل بعضهم بعضاً، توجّس الزوج عند اقتراب زوجه منه، علت صرخات الأطفال في داخل حجراتهم ضجراً وتأففاً ومللاً، لم يعد أحد يرى أحداً إلا عبر الشاشات الإلكترونية، وخلت الشوارع والميادين من البشر، دُفِنَت أكفُّ الناس داخل القفازات، واحتجبت أنصاف وجوههم خلف الكمائم، وانبعثت منهم رائحة الكحول السائل والهلامي، استعمل الناس أكواعهم عوضاً عن راحة اليد، أصبح السلام بضربِ الأقدام ببعضها بعضاً، بدلاً من المصافحة باليد، وفي الحالات التي تحدث فيها اللقاءات سراً بعد طول تباعد تلاشت الأحضان والقبلات، فليس من المقبول القول ـ والحال هكذا ـ إن الأدب تفرّد على جميع مقومات الحياة وعاش خلال المحنة، من دون أن يتأثر بها، فالأديب كغيره من البشر يعيش بمجتمعه ولمجتمعه، ولا يمكنه إلا أن يكون حلقة من سلسلة الأحداث التي تصيب هذا المجتمع.
محمد أحمد الطاهر: روائي وناشر
كلّ جائحة لها تأثيراتها المختلفة في الأدب والسياسة والاقتصاد، وحتى في العلاقات الاجتماعية، وقد لاحظنا ما سبّبته الكورونا في هذا المجال من ركودٍ، كما أخذت في مجال الفنِّ والأدب بكلّ مشاربه حيّزاً كبيراً، فهناك العديد من الشعراء والأدباء، تأثّرت كتاباتهم بجائحة كورونا، وقد كتبت رواية “مواسم الغياب” وهي تتحدّث عن باحثٍ سوري، يتصادف وجوده في أميركا أثناء حدوث الجائحة، ويتمكن من إيجاد اللقاح المناسب، فيكرمه الرئيس الأميركي. لكن تنتهي حياته بمأساةٍ لأن قدر العربي أن يتمُّ تحجيمه، كلّما نهض وبرز في مجال عمله في الغرب.
د. زبيدة القاضي: مترجمة وأستاذة جامعية
من المؤكّد أن جائحة كورونا أثّرت في مختلف جوانب الحياة، وفي سلوك الأفراد، وبالتالي ستتأثّر صورة الأدب من حيث الموضوع والشكل. وكما نجد في الحياة نوعين من البشر: النوع اللامبالي الذي تابع حياته دون الاكتراث بالجائحة، والنوع الواعي الذي اتّبع إجراءات الوقاية، من التباعد الاجتماعي حتى الكمامة. سوف نجد في الأدب شخصيات تمثل هذين النوعين، وسينعكس ذلك بالضرورة على اللغة، من خلال استخدام بعض المصطلحات المتعلقة بالموضوع. هذا على المستوى السطحي. أما على المستوى النفسي، فسيبقى الإحساس بالسجن وانغلاق الحدود مهمّاً، إلى جانب الشعور بالخوف الذي سيخيم على أجواءِ الأعمال التي ستتحدث عن الجائحة: الخوف من الوقوع في المرض، الخوف من الفقدان، الخوف من الموت.
التاريخ: الثلاثاء2-11-2021
رقم العدد :1070