حرفيو بيت الشرق للتراث .. إبداع يدوي ومحاولات حثيثة لحماية مهنهم من الزوال

الثورة اون لاين – ميساء الجردي:

رغم الظروف الصعبة التي عاشها الحرفيون الدمشقيون بسبب الحرب على سورية وما تعرضت له حرفهم وورشهم من تدمير إلا أنهم استمروا في محاولتهم لإنقاذ هذه المهن من الانقراض. وبالتعاون مع بعض الجهات المعنية بالحفاظ على التراث وحمايته، قامت جمعية الوفاء التنموية لإحياء (بيت الشرق للتراث) الذي يقع بالجزماتية بحي الميدان لتجعل منه نموذجا إنسانيا رائعا لما تبدعه يد الإنسان الدمشقي عبر العصور، وليشكل حاضنة للعديد من الحرف والمهن بهدف التدريب والاستمرار.
تقول رئيس الجمعية السيدة رمال الصالح لموقع الثورة اون لاين أن المشروع بدا مع فكرة ترميم بيت الشرق للتراث في عام 2018 والذي يعود تاريخه إلى نهاية العصر المملوكي، ليتم تحويله إلى مركز لتدريب الحرف والتعريف بها واستقطاب أصحاب المهن الذين خسروا ورشهم خلال الحرب على سورية، ولكي تكون مصدر رزق لهم ولأسرهم وحاضنة تراثية للمهن التاريخية.

12 حرفة

5.jpg

تتوزع الحرف في (بيت الشرق للتراث) بحسب رئيسة الجمعية إلى 12 حرفة رئيسية مختلفة من حيث الفن الإبداعي ومتشابهة من حيث الأهمية والقيمة التاريخية، فمنها الموزاييك الخشبي والصدف، والفسيفساء الحجري، والرخام والحفر والنقش بكل أصنافه والخط العربي، والدهان الدمشقي، والبروكار وغيرها.
مشيرة إلى وجود ورشة ثانية تابعة لبيت الشرق ومخصصة لتصنيع العود الدمشقي القديم للحرفي بشار جودت الحلبي موجود في سوق ساروجة الدمشقي، ومشروع آخر لتصنيع الأغباني في منطقة دوما يضم أكثر من 300 سيدة ضمن ورشتي عمل، وقد كان للجمعية مشاركة في هذا المنتج في معرض إكسبو عام 2020 بدبي.

البدايات
تبين الصالح أن أصحاب المهن والمشاركين في هذا المشروع أغلبهم أشخاص تضرروا من الأزمة وأوجعتهم الحرب كما حال كل السوريين خسروا كل ما لديهم ودمرت ورشهم بالكامل، فكان هناك دعم من الأمانة السورية للتنمية ممثلة بالسيدة الأولى وقد أقيم المشروع بدعمها ورعايتها، حيث تم ترميم بيت الشرق للتراث وتقديمه للحرفيين للعمل به، مع جميع المستلزمات والأدوات اللازمة للإنتاج. مشيرة إلى وجود هدف آخر وهو الحفاظ على الحرف من خلال استقطاب شريحة الشباب المتسربين من المدرسة ولم تعد لديهم فرصة أو رغبة بالعودة لتدريبهم على هذه المهن بحسب الاتفاقية التي تربط الجمعية مع وزارة التربية.
وتحدثت رئيسة الجمعة عن طموحهم في المشاركة في كل المعارض التي تقيمها وزارة الصناعة ووزارة الاقتصاد وأي جهات أخرى لتقديم الدعم للحرفيين.

مشاريع أخرى
مشاريع أخرى تحدثت عنها رئيسة جمعية الوفاء للتنمية تتعلق بمشروع ورش خياطة لتشغيل الأسر المتضررة من الحرب من نساء من مختلف الشرائح الاجتماعية السورية، ومشروع بيت الإبداع الذي يقسم إلى مشروع خاص بذوي الهمم والقسم الثاني دورات تدريبية للشباب بالكمبيوتر والحساب الذهني والتمريض واللغات بأسعار رمزية جدا.
رحلة حرفية
خلال جولة في بيت التراث الشرقي يشعر الزائر بنكهة خاصة تعود لعبق التاريخ السوري، فقد أكد زكريا الصافي حرفي يختص في صناعة الموزاييك
أن عمله يركز على القطعة التاريخية القديمة والعمل التراثي، الذي كان سابقا يقدم للسياح، وتشتريه العائلات الدمشقية كجزء من أساس المنزل أو زينة في البيوت، لكنه توقف عن العمل لمدة اربع سنوات بعد أن خسر ورشته خلال الحرب على سورية، ثم عاد من الجديد إلى حرفته من خلال مشروع بيت الشرق للتراث التي تتبناه جمعية الوفاء التنموية. لافتا إلى معاناتهم في تأمين المواد الأولية وغلاء مادة الصدف بسبب احتكارها من قبل تاجر واحد، الأمر الذي يؤثر على العمل بشكل كبير ومخجل لكون هذه السلعة تمثل تراث البلد ويجب ألا تترك المواد الأولية حكرا على شخص معين.

6.jpg

من جانبها السيدة وفاء حسان وهي واحدة من السيدات القلائل في سورية اللواتي مازلنا يعملن في مهنة الفسيفساء الحجري والتي تشكل أحد المهن الهامة التي يحتضنها بيت الشرق للتراث، أشارت إلى أهمية المحافظة على هذه الحرفة القديمة، والتي أصبح الطلب عليها خجولا جدا يكاد يقتصر على بعض التواصي.
وتحدث السيد ماهر الشامي عن حرفته في صناعة المقرنصات والخيط العربي وهو من أمهر حرفي دمشق في هذا المجال لافتا إلى القيمة التاريخية لهذه الحرفة التي تعود للعصر العباسي ليزدهر معها الخيط العربي في العهد الأموي. يقول الشامي رغم عراقة المهنة إلا أن الطلب عليها قليل جدا، ولا يوجد حاليا أسواق أو سياح لتسويق هذه المنتجات.
التطعيم بالصدف والدهان
وفي أحد أركان بيت الشرق للتراث حدثنا شادي عيسى عن حرفتي التطعيم بالصدف والنقش على الخشب والتي يطلق عليها الحفر اليدوي، مشيرا إلى عدم وجود عمر محدد لهذه المهن وقد شهدت تطورات في مراحل مختلفة فمن المرحلة الفاطمية إلى العصر العباسي إلى أن وصلت إلى شكلها الحالي، مع المحافظة على الخطوط العريضة لهويتها رغم دخول المكنة والليزر في صناعتها.

وتحدث الحرفي ماهر بوظو عن مهنة الدهان الدمشقي والعجمي والتي يعود أساسها إلى العهد الأموي لافتا إلى سبب ظهورها بهذا الفن العريق بعد أن حررها الإسلام من التجسيد فاتجه الحرفيون للزخارف النباتية بدلا من التجسيد وكان أول عمل لهذا الفن يقام بالأقصى المبارك على أيدي حرفيين دمشقيين وبعدها بدأت بالانتشار في القصور والبيوت الفخمة ومن ثمة تحولت لتصبح تراثا شعبيا بحيث لا يوجد بيت بدمشق قديم إلا ويزين جدرانه وأبوابه بالدهان الدمشقي.
يقول بوظو إن المهنة خسرت اعدادا كبيرة من الحرفيين خلال فترة الحرب على سورية، وعليه فإن حاجتها إلى الدعم كبيرة جدا من قبل الجهات الرسمية لكي يستمروا في الحفاظ على مهنهم.

البروكار
في نهاية الجولة توقفنا عند ركن خاص بالنول الدمشقي القديم الذي حيك عليه فستان الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا ولكن للأسف هذا التراث العظيم متروك لا أحد يعمل عليه لأن التكلفة عالية جدا، بالوقت الذي يحتاج فيه الحرفي للكثير من الدعم وسوقا لتصريف ما ينتجه. وحرفة أخرى تدعى المشقف وهي قطع رخام هندسية إضافة إلى الروستيك الذي هو عبارة عن عملية فسيفسائية لها أشكال مختلفة وهي تنفذ بالأرقام وتعتبر من الحرف التراثية القديمة التي ازدهرت بالعصر المملوكي.
في ختام الجولة أشارت رئيسة الجمعية إلى أن هذه الحرف اليوم معرضة لخطر الانقراض في سورية إذا لم يتم الاهتمام بها بشكل خاص. وتأمين معارض وأسواق لتصريف المنتجات والعمل على تدريب الراغبين من الجيل الجديد على إتقانها بالشكل اليدوي.

آخر الأخبار
إلغاء ترخيص شركة "طلال أبو غزالة وشركاه" في سوريا إثر تصريحات مسيئة محافظ حلب: تعزيز القيم الأخلاقية وتطوير الأداء المؤسسي تعاون بين التعليم العالي وسفير فلسطين لتطوير معهد "فلسطين التقاني" وزير الدفاع يعزي أسر شهداء الجيش العربي السوري ويواسي المصابين اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق بأحداث الساحل تعقد غداً مؤتمراً صحفياً حول نتائج عملها وزير الإعلام: الحكومة تعمل بجهود حثيثة لنزع فتيل التوتر في السويداء الشائعات.. وجه الحروب الآخر وزير المالية يؤكد استمرار صرف رواتب العاملين في السويداء من دون انقطاع وزير التعليم العالي: دعم البحث العلمي أساس البناء والنهضة ليث البلعوس ينفي تهم التأزيم: لسنا طرفاً في مؤامرة ورفضنا تحويل السويداء إلى ورقة ضغط "الفرش البارامتري".. في معرض لطلاب الهندسة المعمارية بحمص بحث توسعة المدينة الصناعية بحسياء على 20 عقاراً أهالٍ من طرطوس: سوريا الجديدة واحدة موحدة من دون تقسيم " الثورة " في جرمانا ... إصرار على ألا تنكسر الحياة الوحدة الوطنية.. خارطة طريق السوريين نحو العبور الآمن الاستثمار في الأوراق المالية.. فرص ومزايا لتوظيف مالي طويل الأجل السويداء بلا خدمات باراك: دمشق نفذت تعهداتها ولم تخطئ في أحداث السويداء "حرب الكلمة".. بين تزوير المعنى وتزييف الحقيقة أسعار جنونية للشقق السكنية رغم الركود الحاد!