الثورة أون لاين – سامر البوظة:
في الـ 16 من تشرين الثاني من كل عام تحتفل جماهير شعبنا الأبي على امتداد ساحات الوطن بذكرى قيام الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها وأرسا دعائمها القائد المؤسس حافظ الأسد, واليوم بعد مرور 51 عاما على التصحيح لا بد وأن نستذكر قيم ومعاني تلك الحركة التي شكلت تحولاً نوعياً في تاريخ سورية المعاصر بما أحدثته من إنجازات وطنية واسعة شملت جميع جوانب الحياة وعلى مختلف الصعد والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية والسياسية والعسكرية, لتستعيد سورية من خلالها مكانتها ودورها الريادي على الساحة الإقليمية والدولية.
فالحركة التصحيحية ومنذ انطلاقتها عام 1970, سعت إلى إرساء دعائم الدولة الوطنية القوية القادرة على الصمود بوجه التحديات والقادرة على حماية حدودها والدفاع عن سيادتها، وشكلت القاعدة الصلبة في البناء والتحرير ومواجهة كل أشكال التآمر, حيث تمكنت سورية بحكمة وشجاعة القائد المؤسس حافظ الأسد من ترسيخ عوامل الاستقرار الداخلي من خلال إرساء دولة المؤسسات والقانون, وذلك بعد اضطرابات متتالية وسنين من حالة عدم الاستقرار التي كانت تعيشها البلاد, لذلك كانت الحركة التصحيحية ضرورة وطنية ملحة ومطلبا شعبيا لا بديل عنه عند السوريين لتصويب البوصلة والنهوض بالبلد من جديد وإعادته إلى السكة الصحيحة وإنقاذه قبل أن تمزقه الفتن والمؤامرات, فكانت ثورة حقيقية بكل معنى الكلمة ومثالا يحتذى في البناء الشامل والنهوض الوطني والقومي والاعتماد على الطاقات المحلية.
أما على الصعيد القومي, فقد سعت سورية عبر سنوات التصحيح إلى تعزيز التضامن العربي ودعم مؤسسات العمل العربي المشترك وبناء منظومة الأمن القومي وترسيخ الاستقرار والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، فكان من أولوياتها العمل على إزالة أثار نكسة حزيران عام 1967 لاستعادة كرامة الأمة وتعزيز ثقة المواطن العربي بنفسه وإيمانه بقدراته, وهو ما تجسد بشكل فعلي من خلال الانتصار الكبير الذي تحقق في حرب تشرين التحريرية التي جاءت تتويجا للمرحلة الانتقالية من عمر التصحيح المجيد, وكانت إحدى أبرز وأهم منجزاته التي حطمت أكذوبة العدو الذي “لا يقهر” وأعادت للعرب كرامتهم وثقتهم بقدراتهم, وأحيت الأمل في نفوسهم بعد حالة اليأس والإحباط التي أصابتهم بعد النكسة, وجعلت من سورية رقما صعبا في مواجهة الاستعمار الجديد ومخططاته في المنطقة, وهذا ما أزعج دول العدوان, لذلك كانت سورية ولا تزال في مرمى الاستهداف الغربي وهدفا لمؤامراته, وما تتعرض له من حرب كونية منذ أكثر من عشر سنوات هو أبلغ دليل, وكل ذلك من أجل كسر إرادتها وإركاعها لثنيها عن ثوابتها ومبادئها وإجبارها على التخلي عن التمسك بمواقفها الوطنية والقومية الثابتة, وبالتالي إخراجها من معادلة الصراع العربي الصهيوني, إلا أن إرادة السوريين وصمودهم والبطولات الأسطورية التي حققها الجيش العربي السوري الباسل في الميدان, أفشلت كل مخططات العدوان وانتصرت على إرهاب العالم.
وهذا التماسك والصمود لم يأت من فراغ, بل كان نتاجا طبيعيا لذلك النهج ولتلك الركائز والدعائم التي بنتها وأسستها الحركة التصحيحية قبل أكثر من نصف قرن، وعلى نهج التصحيح وبخطى ثابتة وواثقة تتابع سورية اليوم مسيرتها الواعدة في التطوير والتحديث نحو بناء الدولة الحديثة المعاصرة, تلك المسيرة التي حدد معالمها وسار على دربها السيد الرئيس بشار الأسد منذ تسلمه الراية عام 2000, ويؤكد عليها دائما في خطاباته وتصريحاته حتى أضحت منهجا ودليل عمل لأجيال وأجيال للوصول بسورية إلى المكانة المرموقة التي يحلم بها ويتمناها الجميع.
واليوم تمر الذكرى الـ 51 على قيام الحركة التصحيحية المظفرة وسورية تواصل حربها المقدسة ضد الإرهاب, وهي الآن في الربع ساعة الأخيرة من المعركة بعد أن تمكنت من دحر الإرهاب وتحرير معظم الجغرافيا السورية من رجسهم, وهي ماضية بثبات بقرارها, ومتسلحة بنهج التصحيح وقيمه حتى تحرير آخر حبة تراب وطرد كل إرهابي أو غاز أو محتل.
