الاجتماعات الثنائية السورية الروسية التي عقدت بين مختلف الوزارات والجهات على مدى أربعة أيام متواصلة، ضمن برنامج أعمال الاجتماع السوري الروسي المشترك لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين، تعطي صورة واضحة لمدى التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، وحرصهما الدائم على مواصلة العمل لتوفير الأرضية المناسبة لعودة كل اللاجئين والمهجرين، لاسيما وأن الدولة السورية قطعت شوطاً كبيراً في تأمين المستلزمات الضرورية، واتخذت العديد من الإجراءات ذات الصلة، وترجمتها على أرض الواقع، وبفضل ذلك عاد مئات الآلاف من المهجرين داخلياً وخارجياً.
الاجتماعات الثنائية بين الجانبين- ليس بما يخص التعاون بموضوع عودة اللاجئين وحسب، وإنما بمختلف أوجه هذا التعاون بمجالات متعددة- تعكس حالة الشراكة الاستراتيجية المبنية على الاحترام والثقة المتبادلة، وهي تأكيد قوي لطبيعة العلاقات التاريخية المميزة والمتنامية بين الشعبين السوري والروسي، ولحالة التفاهم والتنسيق المستمر بين دمشق وموسكو في كافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وأيضاً حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وكلنا يلاحظ كيف أن هذه العلاقات تزداد رسوخاً اليوم، نظراً لحجم التحديات المشتركة التي تواجه البلدين، وهما يتصديان معا للبلطجة الأميركية ولسياسة الهيمنة الغربية.
بفضل الجهود السورية الروسية المشتركة، تم تحقيق الكثير من النتائج الإيجابية خلال الفترات الماضية، ولاسيما على صعيد مكافحة الإرهاب، حيث تم دحر التنظيمات الإرهابية في معظم الجغرافيا السورية، ولم يبق سوى بعض البؤر الإرهابية في إدلب ومنطقة الجزيرة، وهي لن تدوم طويلاً، وتم كذلك تخطي الكثير من العقبات بمسألة عودة اللاجئين والمهجرين، وتم أيضاً فتح العديد من الممرات الإنسانية بإدلب وحلب لخروج المواطنين السوريين من مناطق سيطرة المجموعات الإرهابية إلى مناطق سيطرة الجيش العربي السوري.
كذلك تم بفضل هذا التعاون قطع أشواط طويلة على طريق إيجاد حل سياسي يحافظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها ” اجتماعات أستانا وسوتشي”، وهذه الجهود قطعت الطريق أيضاً على محاولات أميركا وأتباعها التحكم بمسار العملية السياسية من خلال تعمدها فرض الشروط والإملاءات بما يخص اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، كما كان للتنسيق السوري الروسي في المحافل الدولية أبلغ الأثر في منع استصدار الكثير من القرارات الأميركية والغربية العدائية في مجلس الأمن، إضافة لنجاح هذا التنسيق في التصدي لسياسة الحصار والعقوبات، لاسيما وأن روسيا تعاني أيضاً من هذه السياسة العدوانية، وقد سبق لها وأن أكدت مؤخراً ” أنها وسورية اللتين نجحتا في الصمود وتجاوز الكثير من الصعوبات من المستحيل تحطيمهما بالإرهاب الاقتصادي”.
الاجتماعات السورية الروسية المشتركة، إذا تؤكد ثبات الموقف الروسي الداعم لسورية في حربها ضد الإرهاب، ومساعدتها على تجاوز آثار الحرب الإرهابية، فهي تثبت أيضاً بأن التحالف الاستراتيجي بين البلدين الصديقين، لا يمكن لأي قوة معادية اختراقه، لاسيما وأن هذا التحالف رسخ حضوره وتأثيره القوي على مجرى الأحداث الإقليمية والدولية، وهو لا ينفك عن توجيه الكثير من رسائل القوة والانتصار.
كلمة الموقع – ناصر منذر