كثيراً ما كتبنا أن الإعلام لم يعد كما كان ذات يوم، بل هو هذه الساعة غير ما سيكون عليه ساعة نشر هذه الزاوية، إنه المتغير الذي يحصد كل شيء، ويستفيد من مختلف العلوم التجريبية والإنسانية، وهو بمعنى آخر سرطان عابر لكل الناس والعصور، سرطان العصر الذي لامفر منه أبداً، يترك أثره أينما استطاع، وحسب حصانة المتلقي، وهو لايقف عند اللحظة الحاضرة، بل ثلاثي الزمن، يعمل في الحاضر ويمتد إلى الغد، ولكنه لم ينس الماضي أبداً، يشوه ويزيد على الحقائق ويضيف أكاذيب أو يخترع ما لم يكن.
ببساطة يحاصر ساعتنا، وماضينا وغدنا، ومن هنا علينا أن نوليه كل الاهتمام والقدرة على المضي في ركبه متابعة وتفاعلاً وتحصيناً، وإنجازاً ومشاركة حقيقية، ولا أحد يمكنه أن ينكر أن الإعلام السوري على ما يرميه الكثيرون ممن يجب أن يكونوا حماته وحصونه، قد أنجز واستطاع على الرغم من قلة بل أحيانا ندرة الموارد المالية، وأيضاً المعلومة التي تشكل جسد الرسالة الإعلامية .
ولم يتوقف سيل النقاش والحديث عن الإعلام السوري، الكل يدلي بما يعرف وما لايعرف، وهذا في جانب منه اعتراف بأهميته، لكنه في الوقت نفسه عبء حقيقي بظل ظروف يعرف الجميع أنها ليست مناسبة أبداً، ما يعني أن يتم العمل على نقاش محدد ودقيق يقود إلى نتائج تنفذ على أرض الواقع قدر الإمكان، لا أن نتغنى بالإعلام من على المنابر، ونتحدث عما يعانيه، وندعو إلى ضرورة تجاوز ما نستطيع تجاوزه، ومن ثم ينتهي الأمر بانتظار ندوات أو مؤتمرات أو مناسبات جديدة.
ما تحدثت به الدكتورة بثينة شعبان، كلام يصب في قلب ما نعانيه، يجسد الألم والمعاناة التي تشكل عبئاً كبيراً أمام الإعلام السوري، حقيقة ما يعانيه الإعلام السوري ليس بالمعضلة الكبيرة، لكن التنفيذ هو المعضلة تنفيذ الحلول، لأنها كما أسلفنا تبقى حبراً على ورق.
لدينا طاقات إعلامية مهمة، قد تكون قليلة في كل المؤسسات لكنها موجودة، بعضها مغيب عن عمد وقصد، ولاسيما أن الكثير من المفاصل الإدارية تعمل بروح الإقصاء الذي يبعد، ويقرب من لايستحق، وهي بالأساس مشكلة في اتخاذ القرار الذي يأتي بفلان من خلال المحسوبيات.
لابد من وقفة جديدة حقيقية أمام ما نعانيه في الإعلام، فلا إعلام بلا بذل مالي، ولا إعلام بلا تطوير وتدريب ذاتي يبداً من الإعلامي نفسه الذي يجب أن يعمل على الأقل وفق ظروف لا نريدها مثالية، لكن لتكن قادرة على تأمين أدنى احتياجاته الحياتية وما تتطلبه مهنته التي لا تنتهي بانتهاء عمل ساعات محددة، بل هي عمل دؤوب على المنجز الذي يقدمه وتطوير المهارات أيضاً، الإعلام: حرفة كل الحرف والعلوم، إنه الحرفة الشاملة التي يجب أن نتقنها، وهذا ما كان الدكتور بطرس الحلاق، وزير الإعلام قد أشار إليه أكثر من مرة، وتعمل الوزارة على أن تصل هذه الحرفة إلى المستوى الذي نطمح، وثقتنا أن هذا سوف يتحقق، وإن كانت الخطوات تبدو بطيئة لكنها راسخة.
معاً على الطريق -ديب علي حسن