في إطار الحديث عن الدور الاجتماعي لرأس المال الخاص وضرورة أن يتم تفعيل هذا الدور، وخاصة في الظروف غير الطبيعية والتي تحتاج فيها البلاد لجهود الجميع وتكاتفهم لمواجهة مختلف الأزمات والتداعيات السلبية، لم يثبت القطاع الخاص حتى الآن وعلى مدى سنوات الحرب العدوانية على سورية أنه على قدر المسؤولية الاجتماعية، حيث لم يكن هناك دور واضح لشريحة واسعة من الفعاليات الاقتصادية التي فوق أنها لم تسعى لأخذ دورها الاجتماعي، ساهمت بمضاعفة المتاعب وتصعيب مهمة العيش على شريحة واسعة من المواطنين.
فإلى اليوم لا يزال المشهد الثابت في أسواقنا المحلية هو السهم الصاعد باستمرار نحو الأعلى والذي يؤشر إلى مستويات أسعار مختلف السلع والخدمات والمنتجات المحلية والمستوردة على حد سواء.
ودائماً الحجة جاهزة، فمرة ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وثانية تغيرات سعر صرف الليرة، وثالثة والأهم العقوبات الاقتصادية الجائرة على البلاد وصعوبة استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعة وكذلك السلع والمنتجات الأخرى.
وفي ظل هذه الأجواء الداكنة كان من المنتظر أن يكون هناك دور واضح لممثلي القطاع الخاص في الغرف والاتحادات من تجار وصناعيين، إلا أن أكثر ما كان يصدر عن تلك الجهات هي المطالب المستمرة والدعوات للسماح باستيراد هذه السلعة أو وقف استيراد منتج آخر، وتخفيض الرسوم والضرائب وتسهيلات جديدة وشكاوى مستمرة من الظروف السائدة مع العلم أن الكثير منهم تضاعفت أرباحهم عدة مرات من خلال السلع والمنتجات المخزنة في مستودعاتهم تحت ذريعة تغير سعر الصرف، وآخرون لعبوا لعبة الاحتكار بجدارة ما أسهم في إثقال كاهل المواطنين وإضعاف قدراتهم الشرائية التي هي بالأساس ضعيفة ومتهالكة.
واكتفى البعض من هؤلاء بمظاهر استعراضية تمثلت في مهرجانات التسوق وأخواتها التي لم تستطع أن تقدم أي إسهام حقيقي في التخفيف من الأعباء المادية الثقيلة التي يتحملها ذوي الدخل المحدود والعمال والفلاحين وغيرهم.
هذا الدور الاجتماعي الذي لا يزال مفقوداً إلى اليوم كان من شأنه أن يساهم في تعزيز التكافل الاجتماعي في مختلف المناطق والمدن والقرى الفقيرة، فيما لو تم الأخذ به والعمل عليه بجدية ومسؤولية، ورغم بعض المساهمات من هنا وهناك إلا أنها لم تستطع أن تترك الأثر المطلوب لكونها جاءت فردية ومحدودة.
حديث الناس – محمود ديبو