الثورة – بشرى سليمان:
لاشك أنٌ معظمنا مازال يحتفظ في ذاكرته بعضا من العقوبات اللطيفة أو القاسية في مراحل الدراسة والابتدائية على وجه الخصوص والتي كانت تدغدغ مشاعرنا وتعصف بأحاسيسنا وتقلبات النفس البريئة خوفا من عقوبة المسطرة أوشدة السوالف إذا ما أهملنا بعض الواجبات المدرسية من كتابة وظيفة أو حفظ درس قراءة على سبيل المثال لا الحصر ،وذلك حسب مزاج كل معلم أو معلمة ونظرته للعقوبة مع حجم السلوك والمخالفة التي ارتكبها التلميذ .
في المبدأ ومن خلال التجارب والنظريات التربوية التي اطلعنا عليها في الحياة العامة هناك قبول للعقوبة التربوية شرط أن تكون رحيمة غير قاسية ،توجيهية غير عنيفة ،تقويمة وتنبيهية ،غير انتقامية أو تشفٌي لحالة غضب ما .
تقول إحدى الجارات وهي متأثرة جدا بحالة ولون ابنها المخطوف من وجهه وهو عائد من مدرسته : كدت أنسى وجود عبارة : “المدير شد لي سوالفي” لأني آمنت أن هذا القصاص قد انتهى أجله وانقرض مع تغير وتطور معطيات التربية والتعليم وتعدد الأساليب والطرق والبدائل في المناهج منذ عقدين أو أكثر، ومن ضمنها العقاب الذي يجب أن يكون مدروساً، و يوافق عليه جان جاك روسو ،وبياجيه وغيرهم من أصحاب النظريات الحديثة في التربية.
دون إطالة أو مبالغة تصيبك الدهشة وتستدار عيناك لاإرادياً، عندما يروى لك ابنك أو ابن زميلك أو جارك من الصف الخامس الابتدائي قصة مدير مدرسته وكيف يعاقب حيث لايستعمل مسطرة أبدا لمعاقبة الأطفال، إلا أنه وبفكر جهنمي استعاد أقسى وأبشع عقوبة مورست بكثرة على الذكور من الأطفال في القرن الماضي، فكان بعض الأساتذة والمعلمين يعطون انطباعا قاسيا من خلال ملامح وجوههم لتنطبع في وجه طفلٍ صغيرٍ أخطأ ربما بقصدٍ أو غير قصد .
فهل نتخيل منظر هذا الطفلٍ الصغيرٍ أو أي تلميذ وهو يبكي ألماً أمام رجلٍ من المفترض أن يكون قدوة لطالما يحمل صفة إدارية تعني الكثير لما يسمى “المدير” .
كيف لقلب كبير أن يعبث بعيون وقلب تلميذ صغير لم تنبت سوالفه بعد ليؤذيه في العقوبة من خلال شعرات السوالف
، علماً أن هذه المنطقة على جانبي الوجه شديدة الحساسية وألمها لايطاق بشهادة من جربها، ماترك خوفا وقلقا وربما عقدة نفسية عند هذا الطفل أو ذاك .وحالة عدم رضا وقلق عند الأهل .
نحن نشكو من حالات فردية يمارسها من هو في موقع المسؤولية التربوية من مدير أو موجه أو مرب وغيره ،مايؤثر على السمعة العامة لمسيرة التعليم .
فاليوم هناك في كل مدرسة مرشدة نفسية واجتماعية عينتها وزارة التربية ، لتقديم المشورة لأعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، فيما يتعلق بالطلاب اعتماداً على المعلومات التي جمعتها عن التلاميذ ومن خلال المقابلات الفردية، أو مقابلة أولياء أمورهم، وبالتالي هي الأقدر على حل مشكلاتهم بالتزامن مع احترام براءتهم وخصوصياتهم وظروفهم .
العقوبة بشكل عام هي حالة صحية شرط أن تكون بحجم السلوك والفعل المسبب،
لقد سمعنا عن العديد من الحالات التي جعلت بعض التلاميذ يكرهون المدرسة ولايرغبون بها بسبب بعض العقوبات القاسية كالضرب على الوجه أو شد السوالف بقسوة تزيد عن حدها المطلوب او رفع اليدين والوقوف على رجل واحدة ..لعلها ممارسات فردية لكنها تترك أثرا سلبيا من ناحية المستقبل على المدى البعيد ..فما يهمنا أن يبقى أطفالنا بخير وكذلك إدارات مدارسنا وكوادرها التعليمية ونحن جزء منها.