الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
مرة أخرى، يقف الناتو على وشك تصعيد التوترات غير الضرورية في أوروبا الشرقية لغرض وحيد هو مواجهة روسيا. ووفقاً لتصريحات بعض كبار ضباطه مؤخراً، يخطط التحالف العسكري الغربي لنشر قوات في رومانيا وبلغاريا كوسيلة لتعزيز “المخطط الأمني” الحالي لأوكرانيا.
من الناحية العملية، يميل هذا النوع من المواقف فقط إلى زيادة الاستقطاب والخلاف بين الدول في تلك المنطقة، ما يقوض أي بحث عن السلام والاستقرار الدوليين.
ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن “دير شبيغل “، اقترح الجنرال تود وولترز، القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي في أوروبا، أن على التحالف الغربي إرسال قوات عسكرية إلى بلغاريا ورومانيا. وسبب هذه المناورة هو الحاجة المفترضة لمواجهة تنامي الوجود العسكري الروسي على الحدود الغربية، ومن الواضح بشكل أساسي، أن تود وولترز يدعو إلى إدراج رومانيا وبلغاريا في خطة الدفاع الحالية لحلف شمال الأطلسي لأوكرانيا، التي تشمل بقاياها بولندا ودول البلطيق.
بهذه الطريقة، ستصبح أوروبا الشرقية محتلة بالكامل من قبل الحلف، سميت خطة الاحتلال الموسعة هذه بـ “الوجود الأمامي المعزز”.
ويبدو أن رهان الناتو هو الحصول على مواقع جديدة، وتقويض أي نفوذ روسي أو بيلاروسي في أوروبا الشرقية.
ليس هناك شك في أن مثل هذه الخطة ستكون ضارة بالبحث عن السلام الإقليمي، ولكن المشكلة الكبرى هي أن مثل هذا الإجراء قد دعت إليه الحكومتان الرومانية والبلغارية أنفسهما، والتي يبدو أنهما مُضللتان بشكل متزايد من خلال روايات الناتو حول الخطط الروسية المفترضة لتلك المنطقة، فالدول ذات القوة العسكرية والاقتصادية الأقل، والنفوذ الدولي المنخفض، تميل إلى أن تكون الأكثر تضرراً من انتشار هذا النوع من الخطاب الخاطئ، ولهذا السبب يوجد حالياً ميل بين دول أوروبا الشرقية للمطالبة بشكل متزايد بوجود الناتو في أراضيها، حيث تخشى رومانيا وبلغاريا، وكذلك دول البلطيق وبولندا، من المعاناة من الآثار الجانبية للصراع المحتمل بين أوكرانيا وروسيا، وقد راهنتا على التحالف الغربي كحليف مهم في مواجهة هذا التهديد (غير الموجود).
ولم يقدم الناتو حتى الآن أي معلومات دقيقة حول إمكانية تعزيز قواته في رومانيا وبلغاريا، ولم يعلق على تصريحات وولترز، ومع ذلك، وتحت ضغط من وسائل الإعلام الدولية، قال المتحدثون باسم التحالف أنه يمكن مناقشة الموضوع في القمم المقبلة، إلا أنه وسط التوترات الحالية على الحدود الغربية الروسية، من المتوقع مناقشة أي شكل من أشكال المعارضة المتشددة لموسكو، الأمر الذي يقلق المحللين الأمنيين حول العالم، بالنظر إلى الآثار الضارة لهذا النوع من المواقف على عملية التفاوض والتقارب التي يمكن أن تبدأ قريباً.
جلبت القمة الافتراضية الأخيرة بين جو بايدن وفلاديمير بوتين، على الرغم من التوترات والشكوك، نوعاً من “الأمل”، حيث انتهى الاجتماع بوعد متبادل بالاستعداد للحوار بين قادة الناتو وروسيا. وقد طالبت موسكو بإنهاء مناورات الناتو العسكرية في أوروبا الشرقية كشرط أساسي لعقد قمة بين روسيا والحكومات الغربية، والآن مع إمكانية إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة، تضاءلت إمكانية عقد قمة بين موسكو وحلف الناتو، ما يهدد البحث عن تهدئة الفضاء الأوروبي.
وهناك طريقتان فقط لتفسير نشر قوات الناتو الجديدة في الوقت الحاضر: إما أن يعطي الحلف إشارة واضحة بأنه ليس لديه مصلحة في القمة أو حل سلمي للوضع في أوروبا الشرقية، أو أنه يعطي الضوء الأخضر للحوار، قائلاً من ناحية أخرى إنه إذا لم تتحقق مصالحه فإن احتلال المنطقة والحصار ضد روسيا سيزدادان أكثر، وفي كلتا الحالتين، تبدو لعبة الناتو وكأنها خطأ استراتيجي كبير.
إذا لم تكن لروسيا مصلحة في غزو أي دولة أوروبية أو إعلان الحرب عليها، فإن قادة الناتو والاستراتيجيين يعرفون أنها لا تفعل ذلك، حيث يتمثل الاهتمام الروسي في إنهاء احتلال الناتو لأوروبا الشرقية في قمع العنف والعداء اللذين ظلا لعقود في المنطقة، ما يمهد الطريق لإمكانية نشوب نزاع سلمي بين موسكو والغرب للتأثير على الدول المحلية.
روسيا مهتمة أيضاً بحماية حدودها، والتي تعاني من آثار جانبية مباشرة من زيادة قوات العدو، ولكن لا يوجد “خوف” من جانب موسكو بشأن وجود القوات في البلدان المجاورة، وذلك ببساطة لأنه لا توجد مصلحة في المواجهة. هذا هو السبب في أن محاولة اللعب مع روسيا باستخدام قوى معادية في البلدان المجاورة كورقة رابحة تبدو وكأنها خطأ استراتيجي كبير.
من أجل السلام والأمن لجميع الدول، فإن أفضل ما يفعله الناتو هو رفض أي اهتمام بتصعيد الأعمال العدائية، والتركيز على إمكانية الحوار السلمي مع روسيا بحثاً عن حل مشترك لصالح جميع الأطراف.
المصدر:
Global Research