الجرائم الصامتة.. “الحرب الأخرى”

د. مازن سليم خضور:
جريمة جديدة هزت المجتمع السوري ليست لأنها مختلفة أو غير مألوفة بل لأنها ظهرت للعلن وأصبحت قضية رأي عام بعد نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي.
“آيات الرفاعي” أو “قصة آيات الرفاعي” أو “اعترافات جريمة آيات” كانت من الجمل الأكثر بحثاً في محرك البحث غوغل، حتى إنه ما تلبث أن تكتب آيات إلى أن تظهر هذه الجمل مع عبارة رائج الآن.
هذا النوع من الجرائم شائع جداً في مجتمعنا لكنه للأسف ضمن ما نسميه بالجرائم الصامتة، وفيها الفئات المستضعفة تتلقى العنف الممارس ضدها بصمت!
العنف ضد الفئات المستضعفة كالنساء والأطفال قديم، ويعتبر ظاهرة ملازمة للإنسان والجماعة، وهو ما أكده ” توماس هوبز” عندما قال إن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، ومثّل العنف ضد المرأة مشكلة مستديمة وكبيرة وانتهاكاً لحقوق الإنسان التي تتمتع بها المرأة.
وتشير التقديرات العالمية المنشورة من منظمة الصحة العالمية (المنظمة) أن واحدة من كل 3 نساء (30%) في أنحاء العالم كافة تتعرض في حياتها للعنف البدني و/ أو العنف الجنسي على يد العشير أو غير الشريك، ويمكن أن يؤثر العنف سلبياً على صحة المرأة البدنية والنفسية والجنسية وصحتها الإنجابية.
حمّلت الحرب المرأة السورية هموماً كبيرة أثرت على مناحي حياتها، فأصبحت تعيش تجربة خاصة وتواجه تحدّيات كبيرة إلى جانب التحديات السابقة التي كانت تشهدها قبل الحرب من تمييز جنسي والعادات والتقاليد التي تؤكد دونيتها مقارنة مع الرجل، هذا قبل الحرب.
* الأوضاع الاقتصادية..
بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية والحياتية فرضت واقع مختلف على النساء في سورية تواجه المرأة تحديات كبيرة في جميع القطاعات.
العنف الممارس على النساء أخذ أشكالاً مختلفة ومن أهمها:
الاغتصاب الذي كان سمة بارزة ومقلقة في الحرب، بالإضافة إلى التزويج القسري فخلال الحرب ازدياد عدد الفتيات التي تم تزويجهن قسراً بسبب مجموعة من العوامل من العامل الاقتصادي لاسيما الفقر والحاجة للتخفيف من النفقات المصروفة من جهة أو لأسباب اجتماعية خوفاً من تعرض الفتيات للتحرش والاغتصاب، علما غالبا ما تجبر العائلات السيدات المغتصبات على الزواج لاسيما من أقارب (ستر الفضيحة) وهذا حصل بشكل كبير – التزويج القسري- في مخيمات النزوح في الأردن وتركيا حيث تم استغلال الوضع الاقتصادي من قبل رجال ميسوري الحال أو من قبل رجال ذوي مكانة وسلطة، و تم اختطاف العديد من الفتيات خلال فترة الحرب لأسباب مختلفة، بالإضافة إلى تزويج الفتيات بسن مبكر جداً.
ظروف الحرب فرضت على العديد من النساء العمل بمهن قاسية لا تناسب بنيتها الجسمية وهن غير معتادات على هذه الأعمال في الفترات السابقة. بالإضافة إلى مشاركتها في الأعمال القتالية والحربية.
تناقص عدد الرجال لأسباب مختلفة خلال الحرب دفع النساء إلى نظام اجتماعي جديد بشكل لم يألفه المجتمع السوري التقليدي سواء من حيث المهام أو المشاكل أو الحقوق وحتى الواجبات.
كل هذا أدى إلى مجموعة من النتائج منها الشعور بالاكتئاب واضطرابات الإجهاد اللاحقة للصدمة والاضطرابات الأخرى المسببة للقلق، والمعاناة من صعوبات في النوم، واضطرابات في عادات الأكل، ومحاولات الانتحار.
أخطر ما في الموضوع أن هذا العنف الممارس ضد النساء غالباً لا يتم التصريح به والإعلان عنه لأسباب مختلفة ولهذا سمي العنف الصامت لأسباب مختلفة أهمها الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يجعل منها ذاك الإنسان الضعيف بالإضافة لغياب ثقافة الشكوى ترسيخ ذلك حتى من خلال الدراما فما شاهدناه في مسلسلات ما تعرف بالبيئة الشامية رسَّخ هذه النظرة، وترسيخ ثقافة السترة بشكل عام ستر الفضيحة يشكل خاص، وعدم ذكر موضوع التحرش أو الاغتصاب وعوامل أخرى.
لذلك ما شاهدناه في قضية آيات الرفاعي ماهو إلا انعكاس لهذا الواقع الذي فرض على هذه الفتاة الزواج بسن مبكرة جداً، من جهة، ومن جهة أخرى تحمُّل مسؤولية الزواج وتربية طفل، بالإضافة للعلاقة المضطربة مع الزوج وأهله والسكوت على سوء المعاملة إلى أن لقت حتفها _ دون أن شكوى _حتى بعد الوفاة لو لم يتم فضح الموضوع لكان مصير هذه الفتاة كمصير العديد من الحالات التي تلقت العنف بصمت والبعض فارقن الحياة.
الحلول والحملات التي قامت بعد حالة الوفاة المطلوب منها الاستمرارية بالإضافة لإنشاء برامج توعوية غير روتينية لتوعية الجميع حول موضوع العنف ضد المرأة، وتخصيص جلسات نفسية إعلامية وعلى ارض الواقع لمعالجة الجانب النفسي للنساء بعد زيادة العنف خلال الحرب في سورية والتوعية بخطورة الزواج المبكر.
حظر أي مسلسل يحرض على العنف يشكل عام وعلى النساء بشكل خاص، وضع دروس في الكتب المدرسية لتوعية العنف وآثاره بشكل عام، وإنشاء برامج مدروسة لشرح التعامل مع حالات العنف والإبلاغ عنها، وتوعية النساء بضرورة الإفصاح عن حالات العنف إلى جانب فرض عقوبات أشد على مرتكبي حالات العنف ضد النساء للقضاء على هذه الجرائم الصامتة.

آخر الأخبار
الإمارات تستأنف رحلاتها الجوية إلى سوريا بعد زيارة الشرع لأبو ظبي الاحتلال يواصل مجازره في غزة.. ويصعد عدوانه على الضفة مصر والكويت تدينان الاعتداءات الإسرائيلية وتؤكدان أهمية الحفاظ على وحدة سوريا بعد أنباء عن تقليص القوات الأميركية في سوريا..البنتاغون ينفي إصلاح محطة ضخ الصرف الصحي بمدينة الحارة صحة اللّاذقية تتفقد مخبر الصحة العامة ترامب يحذر إيران من تبعات امتلاك سلاح نووي ويطالبها بعدم المماطلة لكسب الوقت  الأونروا: إسرائيل استهدفت 400 مدرسة في غزة منذ2023 صحة طرطوس تستعد لحملة تعزيز اللقاح الروتيني عند الأطفال الأونكتاد" تدعو لاستثناء اقتصادات الدول الضعيفة والصغيرة من التعرفات الأميركية الجديدة إصلاح المنظومة القانونية.. خطوة نحو الانفتاح الدولي واستعادة الدور الريادي لسوريا التربية تباشر تأهيل 9 مدارس بحماة مركز لخدمة المواطن في سلمية الاستثمار في المزايا المطلقة لثروات سوريا.. طريق إنقاذ لا بدّ أن يسير به الاقتصاد السوري أولويات الاقتصاد.. د. إبراهيم لـ"الثورة": التقدّم بنسق والمضي بسياسة اقتصادية واضحة المعالم خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": إعادة تصحيح العلاقة مع "النقد الدولي" ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة