بقلم- ظافر أحمد أحمد :
تتعدد وظائف قواعد الاحتلال الأميركي في منطقة الجزيرة السورية بما يؤمّن السيطرة على آبار النفط السوري، ونشر أفواج قوات الإنزال الجوي وهبوط المروحيات الحربية، والتنصت، وتوفير الاتصال مع المقر المركزي للتحالف الذي تقوده واشنطن ويزعم أنّه يكافح الإرهاب في سورية.
ومع وضوح الوظيفة الأهم لقواعد الاحتلال بتأهيل ومساعدة وتوجيه الميليشيا الانفصالية والمجموعات الإرهابية وتدريبها وإيصال الذخيرة إلى مواقعها، فإنّه يبرز دور خاص لقاعدة التنف التي تقع خارج منطقة الجزيرة ولها وظيفة واسعة النطاق وأهمية لستراتيجية للاحتلال الأميركي تجاه الملف السوري.
تأهيل الإرهابيين
تضمّ قاعدة التنف عناصر أميركية وبريطانية وإحدى مهماتها تسليح وتدريب فصيل إرهابي وضعت له مهمات خاصة لينتشر في بقعة جغرافية على مثلّث حدودي يطلّ على العراق والأردن والأهم أنّه يطلّ على العمق السوري، وتسوّق له واشنطن بأنّه شريك محلي لها يندرج تحت تصنيفات (ثورية أو معارضة معتدلة..)، علماً أنّه استقطب في تشكيلته بعض من تبقى من إرهابيي داعش، وبهذا تشكل القاعدة أيضاً محطة حماية لمن احتفظت بهم واشنطن من إرهابيي داعش وأسرهم لتنقلهم من مكان إلى آخر وفق مخططاتها في استباحة الجغرافية السورية.
ومؤخراً قام الاحتلال الأميركي بتدريبات بالذخيرة الحية، وشملت راجمات الصواريخ ضمن قاعدة التنف ونطاق الحماية لها لزيادة تأهيل فصيله الإرهابي الذي يقوم برعايته، وسوّق الاحتلال هذه التدريبات بأنّها “تعزّز قابلية تشغيل الشركاء كقوة جاهزة ومستعدة للاستعانة بها عند الحاجة”.
وتأتي هذه التدريبات كإجراء بعد أسابيع قليلة من التهديد النوعي الذي تعرضت له قاعدة التنف قبيل نهاية العام الماضي باستخدام طائرات مسيرة ولم تتحدد هوية المسؤولين عن الهجوم.
ومنذ دخول قوات الاحتلال الأميركي غير الشرعي إلى الجزيرة وجزء من البادية السورية أنفقت أموالاً باهظة على برامج تسليح وتدريب لفصائل إرهابية تقاتل ضد الدولة السورية بعد قيام واشنطن بتحديد مساحات جغرافية لتلك الفصائل ونطاقات أعمالها.
وإضافة إلى حساسية وجود هذه القاعدة على الطريق الأقصر بين دمشق وبغداد وتأثيراته على الحركة الاقتصادية بين العراق وسورية ورفع أكلاف التجارة البينية وتحجيمها، فإنّها قاعدة ذات إمكانات عسكرية واستخباراتية خاصة وتمارس مع الفصيل الإرهابي الذي يعمل في نطاقها دور الشرطي على الحدود السورية والعراقية، كما مارست دوراً تنسيقياً وقدمت تسهيلات خاصة خلال بعض الغارات الإسرائيلية على مواقع في عمق البادية السورية.
وبالنظر إلى مواصفات قاعدة التنف وموقعها ووظائفها يمكن الوصول إلى أنّها أهم قواعد الاحتلال الأميركي التي يسعى من خلالها إلى القبض والتحكم بمساحات نافذة على الحدود السورية العراقية.
ماذا يريد المحتل من قاعدة التنف
سبق لمسؤول في القوات الجوية الأميركية التوضيح بأنّه من جملة أهداف قاعدة التنف (التمتع بنفوذ في المفاوضات المتعلقة بمستقبل سورية)..، وهذا التوجه تتوضح تطبيقاته في سياسة بايدن تجاه سورية، لذلك يبرز السؤال حول كيفية دفع واشنطن لإعادة النظر بجدوى بقاء قاعدة التنف؟.
في هذا السياق لا يستهان بالجهود المضادة لوجود قاعدة التنف، وتسعى لعزلها من محيطها تجاه العمقين العراقي والسوري، كي تفقد جدواها..، عدا عن أنّ احتمالات تكرر الهجمات ضدها قد يؤدي إلى اقتناع أميركي بعدم جدواه.
ختاماً سورية تؤكد أنّ حربها على الإرهاب متواصلة حتى القضاء عليه بشكل نهائي على الأراضي السورية، وهذا بالنتيجة لا يحمل استثناء الإرهابيين المنتشرين في منطقة التنف بحماية وتوجيه وتدريب من قاعدة التنف، فمصير الفصيل الإرهابي المعزول في نطاق عمله على الحدود السورية العراقية الزوال ولا يمكن لشراكته مع الاحتلال جعله منتمياً إلى أي بقعة أو جنسية سوى ما يحدد هويته الإرهابية التي لا مستقبل لها على الأرض السورية.
كاتب سوري