وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد في حوار مع صحفيّي “الثورة وتشرين”: سورية لن تقبل بأي حل يمس قرارها الوطني ومن لا يخرج من المحتلين بإرادته فسيخرج بإرادتنا.. سأزور موسكو قريباً وكل الخيارات مفتوحة بشأن إدلب
الثورة- متابعة عبد الحليم سعود ولميس عودة وراغب العطية وعبد الحميد غانم:
أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن الهجمة على سورية كانت معدة سلفاً ولم تكن وليدة الساعة وأن انتصار سورية حتمي، وأن أميركا وأدواتها وحلفائها عجزوا عن تحقيق مشروعهم، واستعرض الوزير في حوار صحفي ظهر اليوم بمؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر بحضور وزير الإعلام الدكتور بطرس حلاق آخر المستجدات والمتغيرات السياسية على الساحتين الإقليمية والدولية، مثمناً دور وزارة الإعلام في إتاحة الحوار، ومؤكداً ثقته بالانتصار الحتمي لسورية.
نهاية الحرب مرتبطة بقضايا وصراعات أخرى
وأشار الدكتور المقداد إلى إن نهاية الحرب الإرهابية التي تثقل كاهل المواطنين لكونها تخص حياتهم ومستقبل بلادهم يرتبط بالتحديات التي تواجهها سورية، ويرتبط بعدة قضايا وصراعات تشهدها المنطقة والعالم، مشيراً إلى أن دهاليز السياسة أعمق من أن يدخلها أي إنسان وأن بعض أقفال هذه السياسة محكمة الإغلاق، وبعض هذه الأقفال لا توجد له مفاتيح أحياناً، لكن ما نعرفه أن السياسة ليست صناعة المستحيل، وهي ليست أحجية لا يمكن تفكيكها.
الهجمة على سورية معدة سلفاً ولم تكن وليدة الساعة
وقال السيد وزير الخارجية والمغتربين: أنا من الذين تفاءلوا دائماً بانتصار سورية، لافتاً إلى أن الهجمة التي تعرضت لها سورية لم تكن وليدة الساعة، بل هي نتيجة إعداد وتخطيط طويل وطويل جداً وترتيبات، منوهاً بأن ما جرى في كازاخستان قبل عدة أيام لا تكمن أسبابه في ارتفاع طفيف في أسعار الغاز بل أجزم وبناء على معلومات أن الوضع لم يكن كما سُوّق له إعلامياً، ومضيفاً: لا يمكننا إغفال دور الغرب في كل ما تتعرض له سورية أو أي جهة أخرى وقفت في وجه مخططاته، وكل من يجهل هذا الدور فهذا ما يصح تسميته الجهل المطبق، فإذا ما نظرنا إلى ما يجري حول الاتحاد الروسي، لا بد من الإشارة على الأقل للمسؤوليات التي يتحملها الاتحاد الروسي سواء في سورية أم في أوكرانيا أو في بيلاروس أو في مناطق أخرى كما هو الحال في فنزويلا وفي نيكارغوا وكوبا والعلاقات الصينية الروسية، فتلك القضايا يجب دائماً مناقشة الأوضاع وتشابك علاقات العالم وظروفه في ضوئها، لأنه لا يمكن التفكير بعيداً عن ذلك، وخاصة أن هذا التفكير لا يملى علينا، لا كسياسيين ولا كإعلاميين ولا كمسؤولين بحكم أننا نريد ذلك، بل يملى من قبل الدول الغربية التي تريد الحفاظ على مصالحها وعلى استغلالها وعلى استعمارها لشعوب هذا العالم.
أميركا عجزت عن تحقيق مشروعها
وبيّن الدكتور المقداد أن الأزمة بين الشرق والغرب تصاعدت في التسعينيات بعد تفكك الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي ونتج عنه ما نتج، وادعت حينها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والدول الغربية أنها قضت على الشيوعية وأنها هي من سيستلم هذا العالم في إطار أحادية القطب، أي إن المرجعية الدولية هي أميركا من خلال علاقاتها مع الدول الغربية في أوروبا، لكن هل تحقق ذلك؟ وهل شعرت الولايات المتحدة للحظة أنها تمسك بزمام هذا العالم كما تريد؟ أنا أقول لا، لأنه كان هناك دول صغيرة ودول متوسطة الحجم ودول كبرى كما هي الحال بالصين لم تقبل بهذا المنطق، انتظرت مع الزمن حتى تغيير قيادات في الاتحاد الروسي ومجيء الرئيس فلاديمير بوتين، كذلك استعداد الصين للمساهمة في صناعة هذا العالم، فالغرب لم يكن يريد شريكاً له على الإطلاق في تكوين صورة جديدة للعالم والصورة التي كانوا يشيعون أنها ستستمر على الأقل قرناً أو قرنين من الزمن كما كانوا يخططون له، لكن لم تتح هذه الفرصة وبدأ العديد من دول العالم يطالب بتعددية الأقطاب سواء في آسيا أم في إفريقيا أم في أميركا اللاتينية، وبشكل خاص في أوروبا، وتغيرت الصورة وانقلبت، وهذا ما نراه من تجليات على مختلف الصعد.
الاتحاد الروسي نافس الغرب في تطوره
وقال الدكتور المقداد إن الاتحاد الروسي لم يتمكن فقط من الانطلاق باتجاه إنجازات علمية وتكنولوجية وعسكرية جديدة، بل استطاع أن يطور ما كان موجوداً ليصل إلى وضع إستراتيجي يتفوق في كثير من الأحيان أو يتساوى في أحيان أخرى مع التطورات العسكرية الإستراتيجية في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية.
الاحتلال التركي الخطر الأكبر
وأوضح الدكتور المقداد أن سورية لم تكن بلداً معزولاً عن كل ما يجري من تطورات في كل أنحاء العالم، فعند بداية الحرب الإرهابية على سورية تمَّ الزج بعشرات الآلاف من الإرهابيين ليحتلوا قسماً واسعاً من الجغرافيا السورية، إلا أن الدولة السورية وبمساعدة الحلفاء والأصدقاء تمكنت من تحرير واستعادة أكثر من 80 إلى 85 من الأراضي التي تم احتلالها من الإرهابيين، ومازالت هناك أراضٍ محتلةٍ يسيطر عليها الاحتلالان الأميركي والتركي وفصائلهما الإرهابية في الجزيرة والشمال السوريين، لافتاً إلى أن الخطر الذي نواجهه في الشمال الغربي من الاحتلال التركي هو أكبر خطر يهدد استقلال وسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، منوهاً بأن الاحتلال الأميركي يشكل خطراً أيضاً، وأن الاحتلال والاستعمار التركي والممارسات التي يقوم بها النظام التركي بزعامة رجب أردوغان هي أشد خطورة، وهي التي تشكل الخطر الحقيقي على سورية، لأن هذه الجبهة مازالت مستقرة، وطبعاً بالمعنى السلبي لكلمة مستقرة منذ سنتين، ولم يعد هناك تحرك على الإطلاق في مجال إبعاد وإعادة القوات التركية المحتلة إلى الحدود التركية السورية المعترف بها، فالاحتلال التركي لا يكتفي بدعم التنظيمات الإرهابية من النصرة وداعش وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى الذين هم عملاء تركيا في الشمال الغربي السوري ومدعومون بالسلاح والمال والعتاد، إضافة إلى عمليات التدريب للمواطنين والأطفال السوريين وعمليات التتريك التي تتم في هذه المنطقة وقطع الاتصالات مع باقي أجزاء الدولة السورية وإقامة المستعمرات أيضاً.
المكوّنُ الكردي جزءٌ لا يتجزأ من النسيج السوري
وأوضح الدكتور المقداد أن الأوضاع في المنطقة الشمالية الشرقية ليس بأفضل مما هو الحال في المنطقة الشمالية الغربية لكونها تقع تحت الاحتلال الأميركي ووجود قواعد له متعددة في هذه المنطقة، والأخطر في ذلك وجود جزء ممن يسمون أنفسهم سوريين مرتهنين وأدوات للاحتلال الأميركي في تنفيذ أجنداته، مضيفاً: إن المكون الكردي هو جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، لكن البعض منه باع نفسه للشيطان، إضافة لبعض المكونات العربية التي تشكل جزءاً من “قسد” التي تشكل غطاء للوجود الأميركي في المنطقة.
الرقة شاهدٌ حيٌّ على الوحشية والنازية الأميركية
ولفت الدكتور المقداد إلى أن العدوان الأميركي دمّر مدينة كاملة هي مدينة الرقة الشهيدة والشاهدة على الوحشية الأميركية وعلى النازية الأميركية الجديدة التي لم ترحم على الإطلاق المدينة وأهلها، وقتلوا عشرات الآلاف من الجيش العربي السوري، ويتهمون الدولة السورية بأكاذيب انتهاك حقوق الإنسان واتفاقية جنيف والقانون الدولي، وكل هذه ادعاءات باطلة وعارية عن المصداقية والصحة، فالولايات المتحدة أكثر الدول انتهاكاً لحقوق الإنسان وأكثر المستغلين لحقوق الإنسان.
جاهزون للحوار.. ونعرف نيات “قسد” الخبيثة
وفي جوابه عن سؤال بشأن الحوار مع مرتزقة “قسد” التي تسيطر بالتعاون مع الاحتلال الأميركي على الجزء الشمالي الشرقي من سورية، أكد السيد وزير الخارجية أن هذه المنطقة هي جزء لا يتجزأ من سورية ولا يمكن لسورية أن تقوم دون جزء أساسي من جسدها وهو الشمال الشرقي منها، هو القلب، وقد يكون الرأس، وقد يكون الرئتين، وعلى من يراهن على غير ذلك أن يراجع حساباته، وقال: يأتون إلينا ويقولون “الإدارة الذاتية” أو أي شيء آخر، فنقول لهم لا يمكن أن نتعامل مع هذه المنطقة بطريقة مختلفة عن أي منطقة أخرى من سورية كدرعا ودير الزور والرقة، فهناك نظام واحد تخضع له كل محافظات الجمهورية العربية السورية، ولكن هناك بعض الجوانب التي يجب مراعاتها، فإذا كان قانون الإدارة المحلية في هذه المنطقة يخدم كل السوريين، فإن الدولة السورية مستعدة للموافقة عليه بعد استفتاء كل الشعب السوري عليه، لأن الشعب السوري له الكلمة العليا بهذا الموضوع.
وأضاف الدكتور المقداد قائلاً: هم مازالوا بسبب التعنت والضغوط الأميركية وعلاقاتهم التي يحاولون نسجها مع بعض الدول الغربية المعادية لسورية، أن يأخذوا مزيداً من الأوكسجين لتمرير بعض أفكارهم، لكن هذه الأفكار هي أحلام، ولكن عموماً نحن جاهزون للحوار معهم، فإذا كانوا جاهزين فأهلا بهم كمواطنين لا كانفصاليين، أو أشخاص يمثلون كياناً آخر غريباً عن سورية، ولكن نحن نعرف نياتهم الخبيثة وهي غير مقبولة من قبلنا سواء كانت معلنة أم غير معلنة.
كل الخيارات مفتوحة بشأن إدلب
وحول سؤال يتعلق بموقف نظام أردوغان وعدم التزامه بمخرجات أستانا، وبأن من شأن ذلك أن يعجل بمعركة إدلب، أوضح الدكتور المقداد أن كل الاحتمالات قائمة، ولكن هناك تعهدات دورية واجتماعات أستانا هي أفضل صيغة للاجتماعات، مضيفاً صحيح أننا لم نحقق أي شيء في مناقشات اللجنة الدستورية أو اجتماعات مجلس الأمن، وقريباً سيكون هناك اجتماع للاتحاد الأوروبي سيعقد في بيروت حول الأوضاع في سورية، ونحن نستقطب الآن بعض الفعاليات، ولا أبالغ إذا قلت إننا عندما نجتمع مع بعض المسؤولين الأوروبيين نلمس بعض الإيجابيات من قبلهم وتفهماً للموقف السوري، ويقولون إنكم على حق فأنتم تحاربون الإرهاب، لكن نحن للأسف نعيش وسط ديكتاتورية حقيقية في الاتحاد الأوروبي، تهيمن عليها بعض الدول الكبرى.. في الحقيقة لا توجد ديمقراطية في اتخاذ القرار الأوروبي، فأي دولة أوروبية تحاول اتخاذ موقف مختلف من سورية تتعرض للضغوط وتفرض عليها إملاءات خارج إطار الحوار والنقاش، مشيراً إلى وجود علاقات طيبة مع بعض الدول الأوروبية، مثل اليونان وقبرص وحتى إسبانيا، وبعض الدول الأخرى تأمل منا ألا نتحدث عن اللقاءات بيننا وألا يخرج أي خبر بهذا الشأن.
لجنة مناقشة الدستور سيدة نفسها
وأكد الدكتور المقداد أن لجنة مناقشة الدستور هي سيدة نفسها ومستقلة ولا أحد يتدخل في عملها، وليس لأي جهة خارجية الحق في التأثير على عملها أو اتخاذ أي قرار أو تبني أي اتفاق من دون موافقة اللجنة.
وشدد وزير الخارجية والمغتربين على أن يكون أعضاء اللجنة سوريين لا يحملون أي جنسية أجنبية وتتسم مناقشاتهم بالحوار المسؤول، وأوضح أن اللجنة تتكون من الوفد الوطني وليس وفداً حكومياً، وهو الوفد الذي تدعمه سورية ويمثلها. بينما الوفد الثاني ما سمي المعارضة الذي قام بتسميته الجانب التركي بما يعكس مصالحها. أما الوفد الثالث الخاص بالمجتمع المدني فينقسم إلى قسمين، قسم عُيِّن بالتشاور مع سورية، والآخر عينته تركيا بالتنسيق مع السعودية وقطر.
وأكد الدكتور المقداد أن اللجنة لا يمكن أن تنجح إذا لم تكن سورية خالصة، وأن الدستور الذي ستصل إلى إعداده لن يرى النور إذا لم يوافق عليه السوريون، وأشار إلى أن أعمال اللجنة معطلة بسبب وجهة نظر الوفد الآخر المعطلة والمتأثرة بالجانب التركي، ودعا إلى ضرورة أن يلتزم المبعوث الدولي غير بيدرسون الحيادية والنزاهة وألا يتدخل في الحوار داخل اللجنة، وأن يكون دوره ميسراً، وألا يمارس الضغوط على الوفد الوطني أو ينقل الضغوط الغربية ليمارسها على الوفد الوطني، ولا أن يتبنى وجهة النظر الأخرى التي لا تقدم صياغات واضحة ومحددة للدستور، وتحاول فرض حلول نصفية تمس الكرامة والسيادة السورية، مشيراً إلى أن الدستور الذي تسعى أميركا لفرضه في سورية هو دستور لتفتيتها وتدميرها.
وأشار الدكتور المقداد إلى خطورة ما تتعرض له سورية في المفاوضات السياسية من محاولات تحقيق المشروعات الغربية، مؤكداً أن ما فشلوا في تحقيقه في الميدان يحاولون تحقيقه سياسياً عبر فرض مشروعات تقسيمية لتجزئة سورية والمنطقة عموماً وتحويلها إلى كانتونات صغيرة تكون “إسرائيل” هي المهيمنة والمسيطرة على المنطقة، وتتمكن أميركا والقوى الغربية الأخرى من تأمين مصالحها في نهب ثروات المنطقة والسيطرة على مستقبلها.
سورية لن تقبل بأي حل يمس قرارها الوطني
وشدد الوزير المقداد على أن سورية لن ترضى بأي حل يمس بقرارها الوطني وسيادتها وكرامة شعبها وجيشها الوطني الباسل، وقال لسنا مجبرين بالتنازل عن حقوقنا وثوابتنا طالما أنها تعكس رغبة شعبنا وحاجاته في العيش بسلام من دون أي احتلال أو إرهاب.
حريصون على أحسن العلاقات مع الدول العربية
وحول العلاقات العربية العربية، جدَّد الدكتور المقداد حرص سورية على ضرورة تحسينها وأنها مهتمة بإعادتها وتفعيلها وأن يعود الأشقاء العرب إلى بعضهم بعضاً، مشيراً إلى أنه بعث برسائل إلى عدد من نظرائه العرب، كما بعث برسائل إلى عدد من الدول العربية، لافتاً إلى أنه في دمشق 14 سفارة عربية تمارس عملها، وأكد أن سورية تحارب باسم الأمة العربية وهي جزء لا يتجزأ من هذه الأمة ومن أي عمل عربي وحدوي، وانطلاقاً من مواقفها القومية تحرص على تحسين علاقاتها العربية، وأن هناك اتصالات جارية مع بعض الأشقاء العرب لإخراج الوضع العربي من محنته وضمان مستقبل واعد للأمة.
من لا يخرج من المحتلين بإرادته فسيخرج بإرادة السوريين
وأكد الدكتور المقداد ضرورة إنهاء أشكال الاحتلال كافة لأي شبر من الأراضي السورية المحتلة، في الجولان وغيره، مشدداً على أن المحتل الإسرائيلي والأميركي والتركي سيخرج من سورية، وأن المواثيق والقوانين الدولية تضمن للسوريين بإخراج المحتل مهما كان، وقال: من لا يخرج من سورية من المحتلين بإرادته فسيخرج بإرادة السوريين، من لا يخرج بإرادته سيخرج بأساليب أخرى.. وعليه الخروج بشرفه.
كل الشكر للحلفاء
وجدد وزير الخارجية والمغتربين أهمية العلاقات مع الأصدقاء الروس وتقدير سورية للوقفة الشجاعة لروسيا الصديقة إلى جانب سورية شعباً وجيشاً ودولةً والتضحيات التي قدمتها في الدفاع عنها ومحاربة الإرهاب، مشيراً إلى أنه سيقوم بزيارة قريبة إلى موسكو لمتابعة التشاور والتنسيق مع الأصدقاء الروس.
كما جدد الدكتور المقداد الشكر والتقدير لجمهورية إيران الإسلامية على وقوفها إلى جانب سورية في محنتها ومحاربة الإرهاب، كما حيّا المقاومة الوطنية اللبنانية ووقوفها إلى جانب سورية، وقال: إن الأصدقاء في إيران وروسيا يلتزمون بما تريده سورية في الدفاع عن حقوقها واستعادة أراضيها والحل السياسي، وهم مستعدون لمواصلة الدعم لسورية عسكرياً وسياسياً ونعتقد أن المستقبل سيكون لمصلحة سورية وحلفائها وأصدقائها ولن يكون لمصلحة أعدائها.
وقال الدكتور المقداد: إننا نعمل وفق توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد، ونسير خلف قيادته، فهو رجل هذه المرحلة الصعبة من تاريخ سورية المعاصر الذي أسقط رهانات الغربيين والإرهابيين ومشغليهم وكل محاولاتهم ومشروعاتهم المعادية، وجعل سورية تنتصر على أعدائها، ويحافظ على شعبها وأرضها ووحدتها وكرامتها.
قادرون على تحرير إدلب ولكننا فضَّلنا عودتها بالدبلوماسية
وفي رده على سؤال لماذا تأجلت عملية تحرير إدلب، أكد المقداد أن عملية تحرير إدلب كانت ستنطلق قبل عامين تقريباً ولكن الأوضاع التي كانت قائمة والنصائح التي أعطيت أجلت ذلك، فنحن قادرون على تحريرها من دون اللجوء إلى المقاومة، وكان من الضروري الحفاظ على ما أنجزناه في الداخل السوري وتحرير ما تبقى من أراضٍ عبر الحوار والدبلوماسية، ولذلك كان مسار أستانا، وحتى الاجتماع مع بيدرسون كان يصب في سبيل هذا الهدف، ولكن في نهاية المطاف يبقى البند الأول من كل قرارات مجلس الأمن هو النص على الحفاظ على وحدة أرض وشعب سورية، ونحن متمسكون بذلك، ولكن إذا لم يفهم الأتراك ذلك فكل الخيارات مفتوحة.
وفيما يخص المقاومة في المناطق المحتلة أكد الدكتور المقداد أن هذه المقاومة ليست خجولة ولكن هي تعبر عن نفسها في توقيت محدد، ولن تبقى كما هي الآن بل ستتصاعد، فإعادة وتحرير الأراضي السورية إلى آخر ذرة تراب هو الهدف الذي تسعى إليه القيادة السورية والجيش العربي السوري والشعب السوري.
يجب محاسبة “قسد” على جريمة اعتقال الصغير
وفيما يتعلق بقضية الصحفي المعتقل لدى ميليشيا “قسد” محمد الصغير أوضح الدكتور المقداد أن وزارة الخارجية قامت بكل ما يتوجب عليها من أجل إطلاق سراحه، ولكن لم يكن ذلك كافياً، وأنا أحث الإعلاميين والصحفيين في سورية من أجل الضغط على مجموعات “قسد”، ويجب أن تكون قضية الصغير قضية كل صحفي في سورية وقضية اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام ووزارة الخارجية وقضيتنا جميعاً، بحيث نقوم بضغط مباشر وبإعلام مباشر ويومي على المبعوث الدولي بيدرسون وباقي المنظمات التابعة للأمم المتحدة وعددها 14 منظمة في دمشق، وعبر رسائل للأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان.
وطالب الدكتور المقداد بوضع خطة منظمة من قبل زملاء محمد الصغير واتحاد الصحفيين من أجل الإفراج عنه من سجون ميليشيا “قسد”، فكل لحظة يقضيها محمد الصغير في معتقلاتها هي ظلم وغير مقبولة أخلاقياً بالنسبة لنا جميعاً، لأن الميليشيا المجرمة ارتكبت عملاً إجرامياً يتناقض مع حرية الصحافة والإعلام وهي تستحق المحاسبة أمام محاكم دولية عن هذه الجريمة.
“قسد” وتركيا وأميركا يتعاونون في سرقة ثروات سورية
وفي رده على سؤال حول معركة تحرير آبار النفط أوضح الدكتور المقداد أنها مرتبطة مع الجوانب الأخرى، وأضاف: إن إنشاء مصفاة للنفط في الشمال السوري هي محاولة أخرى من قوات الاحتلال الأميركي ومرتزقته لاستنزاف خيرات سورية وثرواتها، لكي يعيش مرتزقة “قسد” نتيجة استغلالهم لهذه الإمكانيات الطبيعية والزراعية والاقتصادية والمياه، وأهم شيء يجب أن نغرسه في ضمير المواطن السوري أن سرقتهم للنفط السوري يجب ألا تمر دون عقاب، وعلى “قسد” أن تدفع لاحقاً ثمن ما نهبته من خيرات سورية.
أولويتنا تعزيز علاقاتنا مع الدول العربية
وفي جوابه عن سؤال حول العراقيل التي تمنع عودة سورية للجامعة العربية أوضح المقداد أن سورية هي جزء أساسي من الشعب العربي ومن الأمة العربية وهي لا تستطيع إلا أن تكون في قلب الحدث العربي والعمل العربي المشترك، لذلك نسعى إلى تعزيز علاقاتنا مع كل الدول العربية، والأولوية لدينا هي أن تكون الأمة العربية بخير والدول العربية بخير، وذات سيادة واستقلال، نريد أن نبعد شبح الحروب عن شعوبنا، نريد وحدة شعوبنا في كل بلد عربي، نريد حل المشكلات الداخلية في كل بلد عربي، بما يؤدي إلى وحدته ويخدم التعاون العربي المشترك في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
الرئيس الأسد أصدر المراسيم التي تسهل عودة اللاجئين
وفي رده على سؤال حول جهود الحكومة السورية لعودة اللاجئين، أكد الدكتور المقداد أن جهود إعادة الإعمار بدأت من دون أي دعم خارجي، وبإمكاناتنا الخاصة وإمكانات شعبنا من أجل استعادة اللاجئين، وقد أصدر السيد الرئيس بشار الأسد كل المراسيم التي تسمح بعودتهم ما عدا حالة واحدة وهي متعلقة باللاجئين الذين ارتكبوا جرائم بحق السوريين، جرائم لها علاقة بالحق الشخصي، لكن الدولة تخلت عن كل الجرائم التي تقع في إطار أمن الدولة ونحن نرحب بكل من يعود، والباب مفتوح لمعالجة كل قضية شخصية وحل أي مشكلة متعلقة باللاجئين.
المفوضية السامية لحقوق اللاجئين تمارس التمييز
وأشار الدكتور المقداد إلى التمييز الذي تمارسه المفوضية السامية للاجئين بحق اللاجئين السوريين، حيث إنها تعطي لكل اللاجئين في العالم مبلغاً من المال يتراوح بين ستة آلاف وسبعة آلاف دولار، إلا أنها لا تعطي مثل هذا المبلغ للاجئ السوري، مضيفاً أن المخطط الإرهابي الأميركي فشل، وما أرادوا تحقيقه عسكرياً وفشلوا به يريدون تحقيقه سياسياً وسيفشلون كذلك.
لا كرامة لمن يعادي سورية
وفي رده على سؤال حول إذا ما كان هناك اتصالات مع سورية حول حضورها قمة الجزائر أكد الدكتور المقداد أنه توجد اتصالات في هذا الخصوص، وسورية لن تعود إلى الجامعة العربية إلا بكرامتها، فلا كرامة لمن يعادي سورية، ولا كرامة لعربي يتجاهل ما قدمته سورية دفاعاً عنه في إطار واجباتها وتضحياتها من أجل كل القضايا العربية، مشيراً إلى أن هذا الموضوع يسير على نار هادئة.
نرحب بأفضل العلاقات بين إيران والدول العربية
وحول سؤال عن انعكاسات الحوار الإيراني السعودي على الوضع في سورية، وما آفاق نجاحه قال الدكتور المقداد: نحن مع أطيب العلاقات بين كل الدول العربية وإيران، ولا توجد أي مصلحة لأي بلد عربي أن يتخذ من إيران عدواً له، والقيادة الإيرانية أعلنت أكثر من مرة عن استعدادها للحوار، ونحن في سورية أعلنّا أيضاً أكثر من مرة ترحيبنا بالمباحثات التي تتم في العراق بين الجانبين الإيراني والسعودي ونأمل أن تؤدي إلى نتائج إيجابية، وبحسب الدكتور المقداد فإن الوقت مناسب الآن لذلك، لأن الولايات المتحدة الأميركية أسفرت عن وجهها الحقيقي تجاه دول المنطقة، حيث لا مصلحة لها في الشرق الأوسط سوى حماية “إسرائيل”، والدول العربية أيقنت ذلك، الأمر الذي دفعها إلى الاتجاه لنوعين من العلاقات، واحد باتجاه الشرق البعيد أي إلى الصين، وآخر باتجاه الاتحاد الروسي، والابتعاد على العلاقات الحميمية التي كانت تربطها بالولايات المتحدة الأميركية التي تعودت أن تتخلى عن أصدقائها وحلفائها في أول مفترق طرق، وهذا بالتالي سيساعد دول الخليج وإيران على التقارب فيما بينهم ونحن نرحب بذلك.
الإعلام السوري قدم تضحيات كبيرة في هذه الحرب وأدى رسالته
وثمّن الدكتور المقداد الدور المشرف للإعلام السوري الذي صمد في وجه الحرب الإعلامية والإرهابية على سورية وقدم تضحيات كبيرة وهو يؤدي رسالته على أكمل وجه، مشيراً إلى أن بريطانيا خصصت أربعة مليارات دولار بداية الحرب فقط لكسب عملاء سوريين يعملون في المجال الإعلامي لتغطية الأخبار المضللة في سورية.
الاعتداءات الصهيونية دعم للجماعات الإرهابية
وأوضح الدكتور المقداد في رده على سؤال حول الاعتداءات الصهيونية على مرفأ اللاذقية أن هذا العدوان الإسرائيلي يأتي في إطار دعم التنظيمات الإرهابية المسلحة وتدمير الاقتصاد السوري وعرقلة مساعي الحل السياسي في سورية، لافتاً إلى أن بعض الأطراف المعادية لسورية حاولت استغلال هذا العدوان للتشكيك بالعلاقات مع الأصدقاء الروس.
علاقاتنا مع الصين وطيدة
وأكد الوزير المقداد أهمية العلاقات الوطيدة مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة وضرورة تعزيزها في مختلف المجالات، ودور السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس شي جين بينغ للارتقاء بها ووضع كل الإمكانات لتقوية دعائم الصمود السوري، ومشيداً بالمبادرة الصينية “الحزام والطريق” وأهميتها على صعيد التعاون الدولي وتحقيق التنمية والازدهار للدول.
وأشار الدكتور المقداد إلى التطورات في الساحة الدولية والمحاولات الغربية لتطويق الدول الصديقة ومنعها من القيام بدورها في حل المشكلات، لافتاً إلى أن حليفي سورية إيران وروسيا يواجهان تحديات تهدد مصالحهم ومستقبل شعوبهم.
تصوير الثورة – عدنان الحموي وزياد فلاح