الثورة – بقلم ظافر أحمد أحمد – إعلامي
لم يقتصر هدف الاحتلال الأميركي على السيطرة والتحكم بالثروة النفطية في منطقة الجزيرة السورية بل يستهدف أيضا سلّتها الغذائية والأهم فيها القمح، الذي استباحه الاحتلال وميليشياته، وهو ما حوّل سورية من بلد كان يصدر القمح إلى الأردن ومصر وتونس وأوروبا، خصوصاً إيطاليا، إلى بلد يستورد أكثر من نصف حاجته من القمح وقد تخلخل أمنه الغذائي الذي كان عنوانه الرئيس (الاكتفاء الذاتي بالقمح وفائض للتصدير..).
حرق وسلب
تتواتر الأخبار عن أرتال أميركية تقوم بين الحين والحين بسرقة قمح الجزيرة السورية والتوجه به إلى جهات مجهولة عبر معابر غير شرعية باتجاه الشمال العراقي.
كما تفرض ميلشيا “قسد” في المناطق التي تسيطر عليها في الحسكة ودير الزور والرقة على مزارعي القمح وبأوامر من الاحتلال الأميركي تسليم القمح لها وتمنع تسليمه لمراكز الحبوب السورية الرسمية.. وتمكنت وفق أنموذج الموسم 2019-2020 من الحصول على حوالي مليون طن من قمح الجزيرة السورية، وظهرت مؤشرات عديدة على تصرف الاحتلال الأميركي بتلك الكميات الكبيرة من خلال سرقتها وتهريبها إلى الخارج وفق عقود غير شرعية لصالح شركات مجهولة الجنسية لتغطية نفقاته وتمويل نفقات الميليشيا المرتبطة به..، حيث تباع الكميات المسروقة بخمسة أضعاف السعر الذي يتم فرضه على الفلاح.
وليست سرقة محصول القمح الأسلوب الوحيد الذي اعتمده الاحتلال الأميركي بل اشتهرت في مواسم سابقة الحرائق التي طالت آلاف الهكتارات المزروعة بالقمح حيث تنتشر الفوضى في مناطق سيطرة مرتزقة الاحتلالين الأميركي والتركي.. واستباحة أرزاق المزارعين والمواطنين، وتتوزع مسؤوليات تنفيذ الحرائق بين مجرمي المرتزقة وإرهابيي داعش ضمن لعبة توظيف الاحتلال الأميركي الأدوار بين عملائه الانفصاليين والإرهابيين ومرتزقة الاحتلال التركي واستثمار الصراعات المتبادلة في سحق اقتصاد الجزيرة السورية ومخازينها الغذائية.
كما لا يتردد الاحتلال الأميركي نفسه بالقيام بعمليات الحرق المباشر إذ سبق لطائرات “تحالفه” القيام بحرق المحاصيل عبر رمي البالونات الحرارية..، كذلك فإنّ الاحتلال التركي له حصته في قصف الحقول واستباحتها وحرقها.
توطين النيماتودا
في الاستهداف الأحدث ما حدث بداية زراعة القمح للموسم الحالي إذ تحت شعار المساعدات قام الاحتلال الأميركي بتوزيع آلاف الأطنان من بذار القمح للمزارعين في الجزيرة السورية ومصدره الوكالة الأمريكية للتنمية (وهي أحد أذرع وزارة خارجية الولايات المتحدة)، وقد تبين بأنّها بذار مصابة بآفة النيماتودا، وهي آفة خطيرة إذ يمكنها التوطن في تربة الجزيرة لعدة مواسم وخسارة متكررة لمحاصيل المزارعين، وهذا ما يشكل أشنع الاستهدافات التي تتم تحت شعار إنساني.
كما أنّ هذا الأمر يسيء إلى نوعية القمح السوري خصوصا قمح الجزيرة الذي يصنّف ضمن أجود الأنواع عالميا..
كرمى الأمن الغذائي
يتوضح الاستهداف المبرمج للأمن الغذائي السوري، وتؤكد سورية أنّ الاحتلال الأميركي يعمل على منع أيّ نوع من التنمية في سورية، بالمقابل يوجد تصميم سوري دائم على التعامل مع تداعيات الحرب، والعمل بخصوصية كبرى تجاه القمح وتعتمد وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الأولوية لمحصول القمح ضمن خطتها الإنتاجية والاستثمارية، وأقرت الحكومة في تشرين الأول الماضي رفع سعر شراء محصول القمح من الفلاحين إلى 1500 ليرة سورية للكيلوغرام، كحافز للمزارعين يتكفل بتعويض خسائرهم المرتبطة بارتفاع تكلفة مستلزمات إنتاج القمح.
ولكن في ملف القمح يترتب على مزارعي الجزيرة السورية الذي يعانون من ممارسات الاحتلالين الأميركي والتركي وعملائهم ومرتزقتهم، التنبه إلى مخاطر تسليم محاصيلهم للاحتلال وعملائه، والتنبه إلى حجم الاستغلال لجهودهم وأرزاقهم ومفتاح هذا التنبه القناعة بأنّ الاحتلال لا يشكل الضمانة لرغيف الخبز.
التالي