الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
لم يدع الأدباء والشعراء مناسبةً إلا وتغنوا به، تغنّوا بأهميته في نشر الثقافة والمعرفة، ودوره في الارتقاء بالذائقة الفنية لدى المتلقي، أضف إلى جمعه للتراث والفكر لأي أمة من الأمم … إنّه الكتاب الذي لعب َويلعب ُدوراً جُد هام في تطور المعرفة وانتشار الثقافة بين مختلف الشعوب وصولاً إلى حوار الحضارات والبناء عليها إنسانياً ومعرفيّاً … لقد قيل الكثير عن الكتاب ومكانته وأهميته بين طبقات المثقفين والمتعلمين ،فمن منا لا يتذكر بيت الشعر الأكثر شهرة للمتنبي : (أعز ُ مكان ٍ في الدُّنى سرجُ سابح ٍ وخير ُ جليس ٍ في الأنام ِ كتاب ُ ) وقول الشاعر : (أنا من بدّل بالكتب ِ الصحابا لم أجد لي وافياً إلا الكتابا ) فالكتاب خير جليس، وخير أنيس وخير صاحب، وخير ُرفيق، في صحبته متعة، وفي رفقته فائدة، ولعل دوره لا يتوقف عند جانب محدد، بل يمتاز بالإحاطة والشمولية … في السنوات الأخيرة ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تراجعت مكانة الكتاب، وتراجع انتشاره وخاصة بين فئات اليافعين والشباب ليتصدر المشهد (الخليوي )الذي أصبح الشغل الشاغل لدى عامة الناس، وحديث الصغار والكبار، وليسحب البساط تدريجياً من تحت قدمي الكتاب الورقي الذي تراجع انتشاره وطباعته وتوزيعه ،وحلّ مكانه الكتاب الإلكتروني والذي يمكن تصفحه عبر الشابكة وبسرعة متناهية ..!؟ اليوم وفي ظل هكذا ظروف ماديّة وحياتية لا بد من إطلاق حملات من جهات حكومية وشعبية، لإعادة هيبة الكتاب ومكانته والعودة به إلى الواجهة من اهتمامات القراء، وهذا ما اصطلح على تسميته (الكتاب الشعبي ) وتوفيره بأعداد كبيرة وبأسعار رمزية إن لم نقل مجانية .. ولعل تجارب بعض المجلات الأدبية، والصحف المحلية بإصدار كتب أوكتيبات مجانية شهرياً، تعدّ من التجارب الرائدة والناجحة في هذا السياق .. ولا بد أن نشيد بتجربة مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب وكتاب الجيب الشهري، والذي تطرّق للعديد من العناوين الفكريّة و الثقافية والمعرفية والأعلام وغيرها من مواضيع …كذلك تجربة صحيفة (تشرين ،الثورة ،البعث ) مع مجموعة من الصحف العربية و(كتاب في جريدة )وكذلك مجلة أسامة وكتيباتها الشهرية المجانية، وغيرها من تجارب إيجابية تندرج ضمن سياق نشر الكتاب الشعبي وضمان وصوله إلى الأوساط الشعبية دونما عناءٍ أو كٌلف ماديّة كبيرة …. إضافة لما ذكرناه لا بد أن نشير أيضاً وبإيجابية إلى دور الهيئة العامة السورية للكتاب وضمن الإمكانات المتاحة واختيارها عناوين فكرية وثقافية ومعرفية ضمن إصداراتها المتتالية، ونشر الكتاب وتسويقه ضمن آليات متطورة للوصول به إلى القارىء حيثما وجد … نعم نحن بحاجة إلى تفعيل تجربة الكتاب الشعبي وتوسيع قاعدته والتخطيط من قبل الهيئات والمؤسسات المهتمة بالشأن الثقافي لزيادة أعداد الكتب وضمان وصولها إلى المكتبات المدرسية والجامعية، وتشجيع وتحفيز الطلاب على القراءة ،وإقامة المسابقات الخاصة بالقراءة وهنا لا بد من الإشادة بتجربة مسابقة تحدي القراءة والتي ينفذها اتحاد شبيبة الثورة بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والثقافة، والعمل ضمن استراتيجية وطنية متكاملة للنهوض باهتمامات الشباب وزيادة وعيهم ودورهم الهام في التحصين الفكري والمعرفي للمجتمع .. ولا بد أن نشير هنا أيضاً إلى دور معارض الكتاب الثابتة والمتنقلة والتي يمكن أن تصل إلى المدن والأرياف البعيدة في دعم انتشار الكتاب الشعبي وضمان وصوله بأقل ّوقت وجهد … قولاً واحداً لا بد من الارتقاء بالكتاب، وإعادة هيبته وتوفيره للمهتمين، والعمل على استقطاب المزيد منهم والعمل ضمن خطط وبرامج محددة لجعل الاهتمام بالكتاب من أولويات الشباب،وهذا يحتاج إلى المزيد من الجهد والمثابرة وصولاً إلى قناعة أنّ شبابنا يقرأ …ويقرأ… ويقرأ….
التاريخ: الثلاثاء8-2-2022
رقم العدد :1082