الملحق الثقافي : غسان شمه:
«عندما تصبح المكتبة ضرورة كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ، عندئذ يمكن القول: إننا أصبحنا قوماً متحضرين».
تلك الكلمات نافذة ضوء فتحها ميخائيل نعيمة في توصيف الحاجة إلى الكتابة والكتاب، ومن نافل القول :إن القراءة والكتابة تفتحان آفاقاً معرفية واسعة أمام الإنسان الذي يحرص على تهذيب روحه وعقله…
وبطبيعة الحال فإن الكتاب هو الحامل لهذه المعرفة، في كلّ زمان ومكان، وغالباً ما تفتخر الأمم بحركة الكتابة والكتاب، في عصرنا الحديث، التي تشهدها باعتبار أن هذا الحدث دليل على رقي متواصل في مستوى التفكير الإنساني.
وإذا ما مضينا أبعد من ذلك فمما لاشك فيه أن الكتابة فعل يؤرخ اللحظة الحالية ويستشرف اللحظة القادمة ويوثق الكثير من الأحداث التي تصبح زاداً للإنسان وباباً واسعاً للإطلاع على الخبرة التي ميّزت أجيالاً مضت، وأجيالاً ستأتي للبحث في هذه الكنوز… وبين دفتي الكتاب يمكن للعالم أن يرسم ملامح حضاراته المتتالية ويوثق إنجازات العقل والروح والخيال، وبهذا يصبح الكتاب دائرة معارف صغيرة، لكنه يشكّل مع كتب أخرى دائرة معارف كبيرة ترفد إنسان الحاضر والمستقبل بالكثير من التجارب الفكرية والإنسانية التي تنير عقله خلال مسيرته الحياتية..
أذكر أن د. أسعد علي وضع قبل سنوات طويلة كتاباً أسماه «صناعة الكتابة» أشار فيه إلى أسرار هذه المهنة وعوالقها وكيفية الدخول في متاهاتها وفق نظريات معينة… وهي تحتاج إلى كثير من المثاقفة والجلد لتؤتي ثمارها.
ويبقى أن نقول :إن الثقافة والمعرفة المتواصلة عبر الزمان هي زاد الكاتب في تحويل ما يمتلك إلى كتابة وكتاب بغض النظر عن الاتفاق معه… وإذ تتنوع المعارف وقد تتباين لكنها تتيح للقارئ أن يطلع على تجارب غنية.
قالها عبد الوهاب «مسافر زاده الخيال…» ونحن نقول اليوم في هذا البحر المتلاطم «مسافر زاده الكتاب…»
التاريخ: الثلاثاء8-2-2022
رقم العدد :1082