الملحق الثقافي:خلود حكمت شحادة:
الثقافة بمفهومها الواسع وبحورها المختلفة تحتاج إلى بيت يحتويها وينظم نتاجها المتجدد يوماً بعد آخر، والمقصود هنا ليس الأدب فقط بل العلم، فكلمة ثقافة تشمل العلوم كافة لذلك كان من الضروري العمل على إنشاء خزان من المعارف والمعلومات التي يمكن استخدامها للتأليف والكتابة أو حتى للتأريخ لماضي الأمم والشعوب، وهذا هو دور المكتبات الوطنية بصفتها مؤسسة معلومات تقع ضمن الرأس من الجسد في الهرم المكتبي لكل بلد.
لذلك تعتبر المكتبات الوطنية بمثابة حاضنة للتراث الفكري والثقافي والتاريخي للأمم والحضارات، فهي تعمل على حصر وتجميع الإنتاج الفكري والتراث الثقافي الوطني بمختلف أشكاله وأنواعه، وتحرص على تنظيمه وترتيبه لإتاحته للأجيال والباحثين والمؤرخين كل حسب حاجاته المعرفية والفكرية.
مكتبة الأسد المكتبة الوطنية ذلك الصرح الكبير الذي يتوسط عاصمة التراث الثقافي، والذي أعلن القائد الخالد حافظ الأسد ميلادها بتاريخ 16-11-1984 إيذاناً ببدء تقديم خدماتها ولتكون صرحاً ثقافياً ومعلماً حضارياً.
كان لنا جولة ميدانية بين مكاتبها وبرفقة العاملين فيها للوقوف على الأعمال والخدمات التي تقدمها لكل من يرتادها والتقينا الأستاذ أياد مرشد مدير عام مكتبة الأسد الوطنية الذي حدثنا عن تلك الخدمات بشكل واضح وصريح والصعوبات والفرق بين ماكانت عليه وما آلت إليه اليوم بسبب الاستسهال من قبل الكثيرين واللجوء إلى الفضاء الأزرق قائلاً:
من أولى واجبات المكتبة الوطنية جمع أشكال التراث الثقافي كافة من كتب ودوريات وغيرها من أوعية المعلومات وتنظيم هذه المواد وتيسير الانتفاع منها للباحثين والدارسين، وتولي المكتبة اهتماماً للتراث الثقافي العربي المعاصر بجمع مختارات منه في كافة المواضيع، ومختارات من التراث العالمي بشكل عام ليستفيد منه رواد المكتبة.
والجانب الآخر هو الحفاظ على التراث العربي القديم (المخطوطات) حيث تسعى المكتبة إلى جمع ما تيسر من هذه المخطوطات في القطر العربي السوري وصيانتها بالتعقيم والترميم وحفظها في مستودعات ملائمة ومن أجل خدمة القراء.
وعن طرق تزويد المكتبة بأوعية المعلومات قال مرشد: نعتمد في أغلبها على الإيداع القانوني كآلية لحصر وتجميع الإنتاج الفكري والتراث الثقافي الوطني بمختلف أشكاله وأنواعه، وتحرص على تنظيمه وترتيبه لإتاحته للأجيال والباحثين والمؤرخين كل حسب حاجاته المعرفية والفكرية، وتعتمد في أغلبها على الإيداع القانوني كآلية لحصر وتجميع كل ما يصدر في الجمهورية العربية السورية أو لأي مؤلف سوري في الخارج عليه وضع نسخ من منتجه الثقافي في مكتبة الأسد الوطنية إضافة إلى رسائل الماجستير والدكتوراه التي تحفظ وتوثق ضمن المكتبة لتكون مرجعاً لطلاب البحث فيما بعد، وهناك أيضاً طريقة الإهداء من شخصيات ثقافية أو اجتماعية أو فكرية وحتى هيئات وغيرها، أما الشراء فغالباً ما يتم عن طريق المعارض الدورية، حيث تخصص كتلة مالية لشراء عناوين وكتب وأبحاث جديدة لدور نشر عربية أو أجنبية مشاركة في المعرض لإضافتها إلى رصيد المكتبة.
وعما يسمى التبادل بين المكتبات أشار مرشد إلى أنه غير ممكن لعدم وجود مكاتب منافسة للمكتبة الوطنية لتقوم بتبادل عناوين أو كتب أو أبحاث معها.
وذكر أيضاً أن هناك توجهاً للتحول إلى مكتبة إلكترونية لنتحول إلى الرقمي، وهذا مشروع ضخم يحتاج إلى الوقت والجهد ولكن العمل والإرادة موجودة لنواكب العصر ولنلبي حاجات التطور العلمي والتقني.
وفي السؤال عن رواد مكتبة الأسد قال مرشد: هناك طلاب علم وبحث يرتادون المكتبة وتقدم لهم الخدمة المناسبة ولكن أعدادهم قليلة نوعاً ما حيث فقدنا الكثير من زوار مكتبتنا بعد استسهالهم للحصول على المعلومة عبر صفحات النت وتوفير الوقت فباتوا يحصلون على المعلومة بأبسط الوسائل والطرق معتمدين على المجلات العلمية التي تقدم المادة العلمية على صفحات النت مجاناً أو مقابل اشتراك خاصة تلك المحكمّة فمعلوماتها موثوقة.
وختم مرشد حديثه بالتأكيد على دور هذه المكتبة التي ساهمت خلال عقود طويلة في دعم البحث العلمي والدراسات العليا في الجامعات السورية والعربية، وقدمت كافة الخدمات الثقافية والإمكانيات الموجودة لخدمة الباحثين عن العلم والمعرفة وتسعى اليوم لتطوير طاقاتها وإمكانياتها لمواكبة المكتبات العالمية، ورغم الظروف الصعبة التي عاشتها بلدنا استمرت المكتبة على عهدها وبقيت أبوابها مفتوحة للجميع لتكون مكتبة وطنية وعامة وجامعية ومدرسية لا توفر خدمة لزائر أو قاصد لها.
وخلال الجولة بين جدران زينتها الكتب لفتنا الكشاف التحليلي أحد إصدارات مكتبة الأسد الوطنية وهو كتاب خاص بالجرائد والمجلات السورية حصراً يمكن العودة فيه إلى أي مقال سابق عن طريق أي معلومة تذكر من تاريخ أو اسم كاتب يطبع ورقياً ويجري تحميله الكترونياً، وكذلك كتاب الفهارس والمخطوطات وكتاب البيبلوغرافيا الوطنية السورية وهو يضم عناوين الكتب التي تصدر خلال عام كامل في سورية وتجمع عن طريق الإيداع القانوني في مكتبة الأسد الوطنية.
تفتح مكتبة الأسد أبوابها لجميع القراء والباحثين للإفادة من محتوياتها ولا تسمح بإعارة المواد الثقافية خارج المبنى والهدف من ذلك خدمة المواطنين وسلامة المواد الثقافية لتبقى خالدة للأجيال القادمة.
أصدر القائد المؤسس حافظ الأسد مرسوما تشريعياً (رقم 17) تاريخ 26-7-1983 يقضي بإحداث مكتبة وطنية في دمشق استغرق بناؤها وتأسيسها نحو خمس سنوات وانتهى في تشرين الثاني عام 1983 .
التاريخ: الثلاثاء8-2-2022
رقم العدد :1082