الهوس الأميركي بإشعال الحروب.. الأسباب والنتائج

الثورة – عبد الحليم سعود:
عندما سحبت الولايات المتحدة الأميركية قواتها المحتلة من أفغانستان في آب الماضي اعتقد العالم أنها خطوة من قبل إدارة بايدن في الاتجاه الصحيح لوقف الحروب وإنهاء النزاعات المدمرة في العالم، رغم ما رافق ذلك الانسحاب الفوضوي من ردود فعل غاضبة ومستهجنة ولاسيما حلفاء أميركا في الناتو ممن لم يكن لديهم أي معرفة بالموعد المحدد، بحيث تحول الانسحاب الأميركي نفسه إلى فضيحة بكل المقاييس، غير أن الأشهر التي تلت هذا الانسحاب كشفت عن نية أميركية خبيثة لنقل النزاعات والحروب إلى أماكن أخرى ولاسيما إلى محيط روسيا والصين لقلقها من صعود هذا الثنائي على المسرح العالمي، وتقليص نفوذها وهيمنتها والحد من تدخلها في شؤون العالم.
فعلى مدى السنة الماضية كان بحر الصين الجنوبي بؤرة توتر تغذيها الولايات المتحدة لتضييق الخناق حول الصين، إذ لم تكف إدارة بايدن عن إرسال قطعها البحرية بطريقة عدوانية إلى مقربة من الأراضي والمياه الإقليمية الصينية، بالإضافة إلى تحريك طائراتها الاستطلاعية من أجل التجسس على المنشآت والقدرات العسكرية الصينية، عدا عن التدخل المستمر في الأزمة بين الصين وتايوان “الجزيرة المنفصلة عن الصين من جانب واحد بتشجيع ودعم من واشنطن” وإذكاء نيران الخلاف بين الطرفين بما يحول دون عودة الجزيرة إلى السيادة الصينية، الأمر الذي فرض على الصين تحديات تسليحية كثيرة كانت بغنى عنها لمواجهة الخطر الأميركي.
بموازاة ذلك لم تتوقف الولايات المتحدة عن التحرش بروسيا سواء في البحر الأسود أو بحر البلطيق أو على مقربة من جزر الكوريل في الشرق الأقصى، أو محاولات نشر الفوضى في محيط روسيا سواء كان ذلك في أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروس وغيرها أو التدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة توسيع حلف الناتو على مقربة من الحدود الروسية، بما يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي الروسي، وكل ذلك في إطار حرب باردة جديدة تستهدف الصين وروسيا والكثير من الدول التي تناهض السياسة الأميركية العدوانية.
يضاف إلى ذلك التدخل الأميركي المستمر في سورية والعراق ولبنان وليبيا، ودعم الحرب العدوانية على اليمن، وفرض عقوبات اقتصادية على إيران وفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية، والأغرب من ذلك، أن حلفاء واشنطن في أوروبا لم يسلموا من العداء الأميركي، حيث تعرضت فرنسا في العام الماضي إلى طعنة غدر هائلة من قبل واشنطن عندما حرضت استراليا على إلغاء صفقة الغواصات مع باريس، لتفوز هي بالصفقة، ما اعتبرته باريس خيانة كبرى.
اليوم تتجه أنظار العالم بقلق بالغ إلى شرق أوكرانيا البؤرة الشديدة السخونة هذه الأيام، حيث مارست الولايات المتحدة على مدى أسابيع أبشع أنواع التضليل الإعلامي لإقناع العالم أن روسيا تخطط لغزو أوكرانيا، ورغم النفي المستمر من قبل موسكو لهذه الأكاذيب واستعدادها لتسوية الأزمة الناشبة عبر الحوار وتبادل الضمانات الأمنية مع الدول الغربية وإيقاف توسع الناتو باتجاه روسيا، إلا أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن حملة الأكاذيب والتلفيق والتضليل بهذا الشأن لتصبح هذه المنطقة من العالم قاب قوسين أو أدنى من اشتعال حرب كبيرة بسبب تحشيد الأسلحة وتهييج المواقف السياسية ومحاولة قتل أي فرصة لاستعادة السلام.
لا يخفى على أحد مرامي واشنطن من هذا التأزيم المقصود للأوضاع في أوكرانيا حيث صرَّح بايدن بهذا الأمر علانية، وهو ضرب أي إمكانية للتعاون بين روسيا والدول الأوروبية وإعادة العداء بين الطرفين إلى سابق عهده كما كان في حقبة النازية والحرب الباردة، فالولايات المتحدة تريد أوروبا ساحة لتصفية حساباتها مع روسيا، وهي تغامر بمستقبل القارة العجوز في سبيل تنفيذ أجنداتها العدوانية والحفاظ على هيمنتها العالمية، وما من شك أن ألمانيا وأوكرانيا ستكونان ضحية لهذا المخطط الأميركي القذر، فواشنطن تريد إفشال مشروع الغاز الروسي الألماني نورد ستريم2 أو السيل الشمالي الذي تخشاه واشنطن كثيراً لما يشكل أساساً متيناً للتعاون بين روسيا وباقي دول أوروبا.
باختصار يمكن القول إن أميركا تعتاش على الأزمات والحروب والنزاعات، ولا يروق لها أن ترى دولة واحدة في هذا العالم بخير سوى الكيان الصهيوني، وعلى الأوروبيين المندفعين بحماقة خلف واشنطن أن يدركوا هذه الحقيقة قبل أن يدفعوا أثماناً باهظة تتجاوز أثمان الحرب العالمية الثانية.

آخر الأخبار
"أفراح الكرامة"... فسيفساء فنية تحتفي بالهوية السورية أيام وزان ريتا حلبي في تجربة أداء "ملف نفسي" الرواية والسينما.. تقاطعات الإبداع وجدليّة التحويل استقالة الحاج عمر من إدارة جبلة قمة فوق سوريا... مسيرات تلتقي والشعب يلتقط الصور لكسر جليد خوف التجار..  "تجارة دمشق" تطلق حواراً شفافاً لمرحلة عنوانها التعاون وسيادة القانون من رماد الحروب ونور الأمل... سيدات "حكايا سوريا" يطلقن معرض "ظلال " تراخيص جديدة للمشاريع المتعثرة في حسياء الصناعية مصادرة دراجات محملة بالأحطاب بحمص  البروكار .. هويّة دمشق وتاريخها الأصيل بشار الأسد أمر بقتله.. تحقيق أميركي يكشف معلومات عن تصفية تايس  بحضور رسمي وشعبي  .. افتتاح مشفى "الأمين التخصصي" في أريحا بإدلب جلسة حوارية في إدلب: الإعلام ركيزة أساسية في مسار العدالة الانتقالية سقوط مسيّرة إيرانية بعد اعتراضها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في  السويداء.. تصاعد إصابات المدنيين بريف إدلب تُسلط الضوء على خطر مستمر لمخلفات الحرب من الانغلاق إلى الفوضى الرقمية.. المحتوى التافه يهدد وعي الجيل السوري إزالة التعديات على خط الضخ في عين البيضة بريف القنيطرة  تحسين آليات الرقابة الداخلية بما يعزز جودة التعليم  قطر وفرنسا: الاستقرار في سوريا أمر بالغ الأهمية للمنطقة