الثورة – محمود ديبو:
لم تهدأ مطالبات الأهالي وسكان منطقة المزة 86 بدمشق على مدى الشهرين الماضيين وحتى الآن بضرورة إيجاد حلول (غير إسعافية) لواقع الكهرباء في غالبية أحياء المنطقة وحاراتها، فحتى الآن لم يهنأ سكان المنطقة بوصل كهربائي لمدة ساعة كاملة مستمرة على الأقل، هذا إلى جانب عشوائية التقنين وعدم انتظام مواعيد الكهرباء في معظم الأحياء والحارات.
وقد شهدت المنطقة احتراق العديد من المحولات الكهربائية ما رتب على ذلك انقطاع الكهرباء لعدة أيام عن الحارات والأحياء التي منيت بهذه (المصيبة) لأن إصلاح مثل هكذا أعطال يتطلب عدة أيام على الأقل ريثما يتم استبدال المحولة أو استبدال الأجزاء المحروقة أو المعطلة فيها.
جاء ذلك في وقت لم يكن من السهل على معظم المواطنين تأمين مادة المازوت المنزلي لكسر برودة الطقس التي شهدها هذا الشتاء، الأمر الذي حال دون تأمين الدفء للكثير من العائلات في المنطقة، هذا إلى جانب أنها جاءت في فترة امتحانات الطلاب ما اضطرهم للدراسة على ضوء الشموع بعد تعذر شحن البطاريات لتشغيل أجهزة الإنارة.. فالكهرباء بالكاد تأتي ولوقت قصير لا يسمح بإتمام عملية الشحن بالشكل المطلوب.
واللافت في كل ذلك أن استجابة الطوارئ كانت بطيئة وقد يرتبط الأمر هنا بمحدودية عدد العاملين في قسم الطوارئ وعدم تمكنهم من حل جميع المشكلات التي حصلت دفعة واحدة، حيث كانت تحصل عدة أعطال في وقت واحد وفي أكثر من شارع وحي بالمنطقة ما ساهم في تعذر متابعتها جميعها، وهذا الأمر انعكس على المواطنين الذين بقوا منتظرين الكهرباء لعدة أيام وحتى الآن تتكرر هذه الحالة في أحياء المزة 86، وهنا لا نوجه الاتهام للعاملين بطوارئ المزة نظراً لكونهم أنجزوا بعض الحلول لكنها لم تلبث أن عادت الأعطال ما يشير إلى أن الحلول لم تكن ناجزة بشكل نهائي.
الملاحظ أن معظم الأعطال كانت بسبب الحمولات الزائدة التي كانت تستجر من المحولات الأمر الذي تسبب بشكل مستمر بتعطلها وفصل الكهرباء وأحيانا احتراق المحولة ما استدعى استبدال عدة محولات وإلى الآن العمل مستمر لاستبدال بعضها في أحياء مختلفة من المنطقة.
لكن اللافت في كل هذا وبينما تجد أن معظم أحياء المنطقة لم تستطعم بنكهة الكهرباء على مدى الأسابيع الماضية إلا أن هناك بعض الحارات وربما بعض الأبنية السكنية كانت تنعم بكهرباء متواصلة ولساعات أطول من باقي الأحياء والحارات الأخرى، ودون انقطاع أو فصل، الأمر الذي أثار حفيظة وانتباه السكان والجوار ودفع بالتساؤل عن هذه (الظاهرة) الغريبة، كيف أن الكهرباء مقطوعة في عدة أحياء من المنطقة في حين أن بضعة أبنية تنعم بكهرباء مستمرة ولساعات أطول..؟
المعنيين اكتفوا بالإشارة إلى أن المحولة التي تزود تلك الأبنية بالكهرباء لا يقع عليها حمل كبير، لذلك لا تفصل وبالتالي تبقى الكهرباء موصولة، وإذا اقتنعنا بهذا الكلام فكيف لنا أن نقتنع بأن الكهرباء تأتي قبل موعدها بأكثر من ساعة في تلك الأبنية وتستمر إلى ما بعد انتهاء الموعد المخصص لها، في حين أن الأبنية المقابلة لها تماماً بالكاد حصلوا على نصف ساعة كهرباء متواصلة وأحياناً ساعة على الأكثر..!!
هي مفارقة تستدعي البحث في الكثير من التصريحات والتوضيحات التي تحدث بها معنيون في الكهرباء عن ضعف التوريدات ونقص في الغاز والفيول اللازم لتزويد محطات التوليد، وقد يكون كل ذلك مبرراً، لكن ما هو غير مبرر أن تجد أن الغالبية محرومون من الكهرباء لهذه الأسباب المذكورة، وهم مقتنعون بذلك، في حين أن البعض بنفس الحي وأحياناً بنفس الشارع ينعم بالكهرباء ولا يشكو من قلتها، فكيف إذاً حدث ذلك..؟؟
البعض ذهب للقول إن هناك من يعبث بالأمر من القائمين على وصل وفصل الكهرباء، عن الأحياء والحارات بمواعيد وأوقات معينة، وربما هناك وراء الأكمة ما وراءها…!!
حتى المدرسة الابتدائية في المنطقة لم تسلم من قطع الكهرباء وقد وردت شكوى بأنها بلا كهرباء منذ عشرة أيام علماً أن هناك صفوف وقاعات درسية تحتاج لكهرباء وإنارة لوقوعها في قبو المدرسة.
وأكثر الأحياء التي تواجه معاناة بواقع الكهرباء هي حارة المناشر وحارة الهندي وفي حي الخزان والمدرسة ومطعم الزين، وكذلك الحارة فوق فرن السعادة وحارة عروة بن الزبير وشارع صيدلية بانا، وحارة ميس الريم، وحارة عين الكروم، ودخلة مطعم الحافظ، غيرها الكثير والتي تعرض بعضها لاحتراق المحولات أو لتعطل قطع فيها وانقطاع واشتعال أكبال كهربائية ما تسبب بحرمان الأهالي من الكهرباء لعدة أيام متتالية لحين إصلاح العطل، ومن ثم عادت الأعطال لتتكرر من جديد.
هذه الحالة لا تقتصر على منطقة المزة 86 فقط، وإنما تعدتها لأكثر من حي ومنطقة في العاصمة دمشق، حيث نجد أنه في حي التضامن شارع نسرين الأمر ذاته، فالكهرباء بالجهة المقابلة وافرة والسكان ينعمون بقدر جيد منها، في حين أن الحي المقابل تصله بشكل متقطع وبلمعات وومضات تسببت بالكثير من الأعطال للأجهزة الكهربائية، هذا إلى جانب الحالة النفسية المذرية التي خيمت على السكان بسبب عدم انتظام مواعيد الكهرباء وانقطاعها عشرات المرات خلال فترة الوصل …!!
اليوم ليس المهم أن يخرج مسؤول ليقول للمواطنين إنه لدينا نقص هنا وعجز هناك وما يحصل في الكثير من الخدمات هو ناجم عن هذا النقص، لكن المهم أن لا يرى المواطن ما يناقض هذا الكلام بحيث يجد من يحظى بوفرة في جميع الخدمات ومستلزمات الحياة فيما الغالبية العظمى مضطرة لأن تبقى محرومة دون أن تمتلك البدائل أو أن تكون قادرة على توفير البدائل..!!