الثورة – ميساء العجي:
تعد المرأة محط اهتمام كبير من قبل الحكومات والمنظمات الدولية والجمعيات الأهلية وقد يرجع ذلك لإدراك أهميتها في إحداث التنمية التي تحتاجها شعوب العالم المتقدمة والنامية, سواء من حيث المشاركة الفعالة في عملية التنمية أم من حيث أهمية المرأة في الاستفادة من عوائد التنمية حيث أصبح من البديهي في عالمنا اليوم أن تحقيق التنمية دون الاهتمام بقدرات المرأة وإشراكها في إحداثها والمضي قدماً في مسيرتها يعتبر هدراظ وضياعاً لقوى المجتمع المنتجة.
عن أهمية تمكين المرأة بشكل عام وصحياً بشكل خاص تقول هيام ابراهيم اختصاصية نفسية اجتماعية في جمعية تنظيم الأسرة السورية وماجستير في علم الاجتماع، إن جمعية تنظيم الأسرة السورية عملت على توعية الأسرة وخاصة النساء والشباب بمفاهيم الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وقدمت خدمات مميزة بالتركيز على المناطق ذات الحاجة فهي جمعية أهلية تطوعية غير حكومية لا تسعى للربح وتهدف إلى المحافظة على الأسرة وتقديم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لها وتقديم المشورة والنصح وتحسين أوضاع الاسرة.
و تبين ابراهيم أن الجمعية تسعى إلى التعاون الوثيق مع الجهات والهيئات الحكومية وغيرها من الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية مثل تعاونها مع صندوق الأمم المتحدة للسكان الذي يهتم بقضايا النوع الاجتماعي والصحة الإنجابية من خلال تمويل مشروع المساحات الآمنة ومراكز دعم وتنمية المرأة في جميع المحافظات السورية وهذه المراكز تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء اللاتي تعرضن لأحد أشكال العنف القادم على النوع الاجتماعي بالإضافة إلى خدمات التمكين والتأهيل التعليمي والمهني عبر دورات تدريبية متنوعة تعليمية ومهنية ومهارات حياة بالإضافة إلى الدفاع عن النفس وحماية الذات والتي تهدف إلى تزويد المرأة بالمعارف وإكسابها القدرة على التكيف مع الأوضاع الراهنة، والمساهمة الفعالة في نهوض الاسرة مادياً ومعنوياً، وذلك لتعزيز دور المرأة والعمل على تمكينها، وإزالة أشكال التمييز كافة بينها وبين الرجل لتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع السوري.
و تضيف ابراهيم أن خدمات مراكز دعم وتمكين المرأة تستقطب النساء والفتيات من كافة الأعمار والأعراق والجنسيات دون أي تمييز, مع إعطاء أهمية ملحة للعائلات المهجرة والمتضررة مادياً ونفسياً واجتماعياً، فهي تهدف إلى توفير وخلق بيئة مناسبة داخل المركز يشعر المستفيدة بالارتياح والأمان ولخصوصية والسرية التامة، وذلك لخلق بينها وبين مقدمة الدعم النفسي والاجتماعي علاقة تساعدها لمعرفة النقاط التي تمتلكها المستفيدة والعمل على تعزيزها وإدارتها من خلال توجيهها إلى التدريبات المهنية أو التعليمية او الترفيهية التي ستحظى ضمنها بتنمية مهاراتها وخبراتها مع كادر تدريبي مختص عالي الجودة ذي قدرة على إحداث تغيير ملموس من بداية التدريب الى نهايته.
وأوضحت ابراهيم أنه يمكن للمستفيدة أن تخضع لعدة مستويات من التدريب ذاته إلى أن تصل لمرتبة الاحتراف بالمهنة مثل الخياطة والتطريز اليدوي والكروشيه وصناعة المنظفات والطبخ والحلاقة والتجميل وإعادة التدوير والطبخ وغير ذلك لتسطيع بعدها البدء بمشروعها الإنتاجي الخاص الذي سيمنحها مردوداً مادياً وثقة عالية بالنفس ما سيؤثر إيجابياً على علاقتها مع أسرتها
أيضاً توجد عدد من التدريبات عن التعليمية التي تتناول المستفيدة من الألف إلى الياء مثل اللغة الانكليزية -ومحو الأمية العربي -ومهارات قيادة الحاسوب ICDL- اللغة الفرنسية ) فهي مهارات ضرورية تحتاجها أي فتاة أو امرأة إما لتعليم الأطفال في المنزل أو لإيجاد فرصة عمل أو لتحقيق التقدير الذاتي الذي يكسبها القوة والتحدي لإكمال مشروعها الشخصي.
وبذلك تدخل المستفيدة بحال لتخرج بعد فترة زمنية قد تطول من شهرين إلى 4 أشهر وبيدها مفاتيح حياتها الشخصية والمهنية والتعليمية التي ستساعدها في تحقيق دورها داخل أسرتها وخارجها لتثبت لنفسها وللمجتمع.
كما استعرضت قصة من داخل الجمعية هي قصة نجاح لامرأة في أوائل العقد الثالث من العمر متزوجة بعمر 16 سنة بحكم العادات والتقاليد في منطقتها التي نزحت منها مع عائلتها جراء الحرب أنجبت ثلاثة أطفال مع تكرار لعمليات الاجهاض بسبب العنف النفسي والجسدي الذي كانت تتعرض له هذه السيدة من قبل الزوج قبل وبعد النزوح، فهي لم تحظ بفرصة التعليم إلا للمرحلة الإعدادية ولا تمتلك أي مهنة تعيل نفسها وأسرتها بالأخص بعد فقدان الزوج ليده اليمنى أثناء عمله في تصليح السيارات, لكن السيدة وبعد زيارتها للمركز تلقت خدمات الدعم النفسي والاجتماعي ومن بعدها بدأت بالتدريب على الحلاقة والتجميل كونه الأنسب لوضعها وبناء على رغبتها وميولها لتستطيع بعد مرور 6 أشهر من التدريب المتواصل أن تخرج وهي تمتلك مهنة نسوية بدأت بتطبيق خبراتها داخل منزلها ومن ثم لتجد لها عملاً ثابتاً داخل صالون للتجميل بالقرب من منطقة سكنها ساهم في تحقيق مردود مادي لها ولأسرتها فتصبح امرأة قوية واثقة بنفسها وفعالة وذات طموح ورغبة قوية بالتوجه إلى إنجاز مشروعها الخاص بها.
وبينت بالقول: أنا استطعت أن أعمل شيء بحياتي لم يكن لدي أمل بأي شيء واليوم أنا أحسن بكثير بعدما أصبحت شريكة بصالون الحلاقة والتجميل حيث بت أشعر بقيمتي وامكانياتي،
فقد أصبحت المعيل الوحيد لأسرتي وسعيدة بهذا الشيء واستمتع بكل ليرة أحصل عليها، حتى زوجي لاحظ التغيير بشخصيتي بعدما كان معارضاً خروجي من البيت، صار لي وجود وكلمة وقرار وعندي تصميم كبير أن أدرس ابنتي وأقويها كي تدرس وتجتهد و تبني مستقبلها.