الملحق الثقافي – غسان شمة:
هل نستطيع فصل النص الأدبي والإبداعي الجمالي عن كلّ ما يحيط به ابتداء من المؤلف، الذي أعلنت بعض التيارات الفكرية، موته في وقت ما؟
هذه الإشكالية النقدية والفلسفية في جوهرها فرضت حضورها خلال مرحلة سابقة على بعض المناهج النقدية، المتأثرة بالتيارات الفلسفية، لتكتفي بالنص من حيث امتلاكه لخصوصية «الانضباط والانسجام والبنية الكلية حيث يصبح النص ذا مهمة داخلية»… ومن هنا تصبح مهمة الناقد الأولى «وصف الآثار الأدبية بدقة مستقصية وأن يجد قيمتها على أساس ذلك الوصف ، ويتركز الاهتمام على تحليل الأثر الأدبي معزولاً عن أي قرينة».
انطلاقاً من هذه الرؤية النقدية نادى أصحاب المنهج البنوي بموت المؤلف وأنه لا يتم النظر إلى الكاتب – المؤلف « كصاحب رؤى أو عبقري بل كعامل ماهر يعيد ترتيب المادة التي تصادف وجودها في متناوله»… لكن الناقد تيري ايغلتون يرى أن هذا الاتجاه بمثابة «ظاهرة لا إنسانية» ..
وبالعودة إلى النص فقد يكون شفافاً لا يحتمل إلا معنى واحداً كالنصوص العلمية ، لكن النص الأدبي والجمالي يحتمل أكثر من معنى وفق الدراسات النقدية التي تحدثت عن التأويل للنصوص الإبداعية، فهل نستطيع، من الناحية العملية، أن نأخذ النص الجمالي ونعزله ككائن مستقل عن كلّ ما يحيط به، أو أثر به، والعمل على دراسته من حيث اللغة والنية والعلاقات اللغوية الداخلية بالاعتماد على» التشكيل اللغوي للنص، صوتاً ولفظاً وجملة وتركيباً وإيقاعاً» ونكتفي بذلك متجنبين النظر إلى العوامل والمؤثرات الاجتماعية والإنسانية التي تساهم بتشكيل وعي الكاتب؟
الأدب والفن لا بدّ له من غاية، تتصل بشكل أو بآخر بما يحيط به، فالنص جزء من روح وعقل مبدعه، والاختلاف العميق في التوجهات الفكرية والإنسانية والمجتمعية للكتاب والمبدعين تفرض نفسها على النقد أياً تكن وجهته لكن دون المبالغة في الحفر على المستوى الشخصي للمبدع..
رقم العدد : 1086 التاريخ: 8-3-2022