الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
كتب موظف سابق لرئيس وزراء بريطاني في رسالة بريد إلكتروني: “كل الأنظار على أوكرانيا”؛ هذا أمر مفهوم، ولكن ليس لاستبعاد الأمور الأخرى الهامة، وخاصة توسيع مبادرة الحزام والطريق الصينية عبر الشواطئ الشرقية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.
انضمت سورية إلى المخطط في 12 كانون الثاني بتوقيع مذكرة تفاهم بهذا المعنى في دمشق. وتم ربط الحزام والطريق الآن من إيران عبر العراق إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وهذا يفتح الطريق لإعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد السوري، واستعادة دور سورية التاريخي كمفترق طرق للتجارة الإقليمية.
كما يضع الصين في صراع مباشر مع العقوبات الأمريكية بموجب “قانون قيصر” ضد سورية الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 2019 ودخل حيز التنفيذ في 2020، والذي يصفه “معهد بروكينغز” بأنه ” أشد العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية “.
من المرجح أن يكون ميناء اللاذقية السوري ذا أهمية خاصة للصين، ومع تكلفة إعادة الإعمار المقدرة بـ 250 مليار دولار من قبل الأمم المتحدة، وسيكون لشركات البناء والبنوك الصينية أيضاً الكثير لتفعله في سورية.
ميناء طرابلس في لبنان هو أيضاً هدف للاستثمارات الصينية، وكذلك منطقة طرابلس الاقتصادية الخاصة، وقد وقع لبنان مذكرة تفاهم للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2017.
كما انضمت مصر، التي لديها “شراكة استراتيجية شاملة” مع الصين، إلى المبادرة في عام 2016، وتم قبل ذلك إنشاء منطقة “تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري” بين الصين ومصر في عام 2008.
وفي الآونة الأخيرة، ساهمت الشركات الصينية في تمويل وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر شرق القاهرة، وإنشاء المزيد من المرافق الصناعية بالقرب من قناة السويس، وبناء السكك الحديدية، وإنشاء ميناء للحاويات على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
الهدف هو تحويل مصر إلى مركز للتصنيع والتوزيع يخدم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، والصين هي أكبر مستخدم لقناة السويس وأكبر مستثمر في المنشآت الصناعية المجاورة، أكثر من 1500 شركة صينية نشطة في مصر بما في ذلك الشركات المصنعة للمنسوجات والألياف الزجاجية والالكترونيات الاستهلاكية والسيارات الكهربائية ومكوناتها.
كما هو مذكور في “أوراسيا الكبرى” الحزام والطريق تتوسع في إفريقيا، والشراكة الاستراتيجية الشاملة تعني التعاون السياسي والاقتصادي والتكنولوجي والثقافي المستقر وطويل الأمد.
أما في ليبيا فقد تعطلت مشاريع البنية التحتية الصينية التي يعود تاريخها إلى عام 2011 ، بسبب الحرب، لكن الصين تواصل العمل من أجل تسوية سياسية تسمح باستئنافها، حيث تتركز مصالح الصين في ليبيا على منشآت النفط والموانئ.
وانضمت تونس أيضاً في 2018 ووقعت اتفاقية تعاون اقتصادي وتقني مع الصين في عام 2021, والتي ساعدت في بناء منشآت رياضية وثقافية وأكاديمية وطبية، فضلاً عن قناة في تونس، وانضمت الجزائر، التي لديها أيضاً شراكة استراتيجية شاملة مع الصين ، إلى المبادرة أيضا في عام 2018.
ويتفاوض البلدان على خطة خمسية للتعاون في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية والطاقة والتعدين، تشمل المنتجات المعدنية في القائمة خام الحديد والفوسفات والزنك والذهب واليورانيوم، وتعمل حوالي 1000 شركة صينية في الجزائر.
وقد بدأت هذه الشركات العمل في ميناء الحمدانية غربي الجزائر العاصمة، وسينافس أول ميناء عميق بالمياه في البلاد ميناء طنجة المتوسط في المغرب ، وإذا سارت الأمور وفقاً للخطة، فسوف يلعب دوراً رئيسياً في التجارة الإفريقية والمتوسطية.
في 5 كانون الثاني، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن “خطة التنفيذ بشأن البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق بين المغرب والصين” وينبغي أن يؤدي هذا إلى التمويل الصيني لمشاريع البنية التحتية وتسهيل التعاون في الصناعة والطاقة والتنمية التكنولوجية.
وقد انضم المغرب إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2017، وقبل ذلك بعام، أكمل الصينيون مشروع بناء جسر رئيسي في البلاد. ومنذ ذلك الحين، شاركت الكيانات الصينية في حوالي 80 مشروعاً في جميع أنحاء البلاد. وقامت الشركات الصينية ببناء مصانع لتزويد مكيفات الهواء وأجزاء دييكاست للسيارات، واستثمرت في الصناعات الأخرى، ومصايد الأسماك والاتصالات.
ترى الحكومات من سورية إلى المغرب مبادرة الحزام والطريق كوسيلة لتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل للسكان، ويرى خصوم الصين أنها تمثل تهديداً استراتيجياً.
يعلن المعهد الياباني للاقتصادات النامية، وهو جزء من منظمة التجارة الخارجية اليابانية، على موقعه على الانترنت أن أكبر أسواق الاتصالات الأفريقية للشركات الصينية هي الجزائر ومصر وتونس والمغرب وجنوب إفريقيا، حيث تشكل 60 في المائة من إجمالي أصول الاتصالات الصينية في القارة.
وتقول” مجموعات مراكز الفكر الأوروبية”: ترتبط الحاجة المتصورة إلى خطة من قبل الاتحاد الأوروبي لإعادة التوازن في العلاقات مع إفريقيا ارتباطاً وثيقاً بالمنافسة المتزايدة للمصالح في القارة، ولاسيما من الصين.
ووفقاُ لـ “بوليتيكو يوروب”، وهي منظمة أخبار سياسية أوروبية، فإن الخطة “تسرد سلسلة من المشاريع الطموحة لتحسين الاتصال الرقمي، وبناء روابط نقل جديدة وتسريع التحول إلى مصادر طاقة منخفضة الكربون. كل ذلك جزء من استراتيجية البوابة العالمية للكتلة، التي يُنظر إليها على أنها رد جيو-استراتيجي لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
لكن “بوليتيكو يوروب” تتساءل عما إذا كان الأمر متأخرا جدًا؟ ولكن أحد الأسئلة الكبيرة المفتوحة هو من أين سيأتي تمويل طموحات أوروبا لمواجهة صعود الصين”؟.
المصدر: Asia Times