الثورة- حسين صقر:
لايرتفع مقام أمة إلا بالتعليم، ولا تسمو فوق الأمم إلا بنهضته وتحسين مستواه، و إذا أراد عدو أن يهدم أمة ويقوض بنيانها، ما عليه إلا استهداف بنية التعليم.
والتعليم لا يقوم إلا على ركن أساسي هو المعلم الذي قالوا فيه الكثير ولم يعطوه حقه، ولن أتحدث عن الكلمات التي يوصف بها، أو تُقال عن تفانيه وعطائه، فكلنا يعلم أنه شمعة تحترق لتنير الدرب للأجيال، وكلنا يعلم أنه المربي والأب والأم والأخ والسند لكل من يدخل حصته الدرسية، والمعلم ليس المقصود الرجل فقط بهذه الكلمات، فتلك الكلمات تعني المرأة المعلمة أيضاً التي وهبت راحتها وصحتها ووقتها على حساب بيتها وأولادها كي تعطي مالديها من معلومات وخبرات وتضعها بين أيادي النشء.
فالحديث عن عطاء المعلم أو المعلمة لا تحده المقالات والخواطر والصفحات، لأن مهنة التعليم أكبر من أن يؤطرها ذلك وتحدها الحدود، ولهذا سوف نترك الشعر والكلمات المنمقة عن هذا الشخص النبيل، ونتساءل ماذا يستحق المعلم، وماذا يجب أن نقدم له ليس في عيده وحسب، بل طوال فترة عطائه ووجوده على رأس عمله، وماذا نضمن له بعد سني خدمته وتقاعده، وماذا نقدم له وهو يقطع المسافات الطوال ولاسيما عندما يخرج باكراً إلى المناطق البعيدة عن مكان إقامته وسكنه، وكيف نشعر بتعبه وألمه عندما ينتهي من عمل يوم شاق، ويبقى منتظراً حافلة نقل أو سيارة أجرة أو عابرة ليعود فيها إلى منزله، وكم يتكبد معاناة معنوية إذا كانت السيارة عابرة، أو مادية إذا كانت أجرة، في الوقت الذي لا يحسب له ذلك الحساب، ويتم معاملة المعلمين وكأن مناطق سكنهم جانب مدارسهم.
في البلاد المتحضرة والتي تحرص على راحة المعلم، لايحتاج الأخير لإجازة ولا يستطيع التغيب ولو يوماً واحداً إلا في حالات المرض التي تصيبه، أو إذا حصل عنده ظرف قاهر كوفاة أحد من أقاربه، وأما عدا ذلك فلا، والسبب ليست الأحكام والأنظمة الجائرة بحقه، وإنما نتيجة التسهيلات التي تقدم له، بدءاً من وسيلة النقل أو المسكن، ومروراً بقضاء حاجاته في المؤسسات الخدمية ودوائر الدولة التي يحتاجها، وليس انتهاء بالتأمين الصحي والإجازة السنوية خلال العطلة الصيفية و متممات الرفاهية الأخرى، ووو والقائمة تطول.
في البلاد التي يُطلب من المعلم أن يكون كفؤاً تقام له الدورات السنوية اللغوية والتقنية وعن كل ما يتعلق بالمناهج ووسائل التعليم الحديثة، عندها يدخل المعلم إلى قاعته الصفية وليس له أي عذر عن تقصيره، وفي حال حصل ذلك تتم محاسبته على قدر العطاء الذي يمنح له، والتسهيلات التي تقدم له.
لا أتحدث عن بعض التقصير بحق المعلم خلال فترة الحرب العدوانية الإرهابية ضد سورية، فجميع السوريين دفعوا أثماناُ باهظة من عمرهم وسعادتهم كي يتجاوزا المحنة التي وقعت عليهم من منظومة العدوان، لكن الحديث عن مستقبل العلم والتعليم إذا أردنا جيلاً واعياُ مدركاُ عارفاً بكل مايحصل حوله من تطورات في هذا الكون الواسع.