الملحق الثقافي – بديع صقور:
فردت يديها كجناحي طير . .
رنت إلى السماء ، وهمست للريح :
تكفي القلب رصاصة . .
رصاصة واحدة . .
يكفيه طعنة . . طعنة واحدة . .
يكفيه أنه مات . .
لم يكن بحاجة لساطور يشوِّه وجهه وعنقه
ورأسه وذراعيه وقدميه ، وقلبه . . يكفيه أنهم قتلوه .
***
في خلايا جسده خطوا شروخاً عميقة بأعصاب باردة . .
بأعصاب باردة ابتسموا ، بينما كان قلبه يتوقف عن النبض والارتعاش .
***
قريباً من قبره . . قريباً من ضفاف روحه . .
قريباً من غفوة الأبد . . يخبو صوت بكائها تارة
وتارة يعلو نشيج الفراق والدموع .
لم تصدق بأن الممدّد على نقالة الموت . .
هو بعينه ابنها الوحيد .
***
كان على موعدٍ من حياة ففاجأه الرصاص . .
لم يكن يفكر بموته على هذه العجالة . .
كان يحلم بالرجوع إلى ظلِّ سنديانة . .
إلى نبع ضيعتهم أسفل الوادي العميق .
***
تروح جهة الجبال . .
تحطُّ قنديلاً على صخرة شاهقة . .
وتنتظر عودة الطيور .
***
عنوة خطفوه إلى الموت . .
لم يعد من سبيل لأن تسند رأسها
على تخوم صدره المبلل بالنجيع .
***
بعد الآن لن تراه نائماً بوداعة تحت عرائش النجوم
بعد الآن لن تبحث له عن فيء آخر يُظله من لظى الأيام .
***
تغمض عينيها وترسم وجوههم . . وجهاً . . وجهاً . .
يغمضون عينيه بالرصاص
لم يعد من فرصة لأن يرسم مستقبلاً جميلاً
كان يحلم أن يعيش فيه أطفاله بنعيم .
***
كيف نحلم بالطمأنينة في غابة من رصاص ؟ !
معك رصاصة
معي زهرة
إذاً كيف سنلتقي ؟ !
* **
ينهمر المطر . .
يركضون تحت خيوطه . .
تتبلل أجسادهم برشقات متواصلة . .
ينفر الدم من أوردتهم، ويسقطون مضرجين بالموت . .
واحداً . . واحداً . .
هكذا يوقفون جري الغزلان عن الصعود إلى قمم الجبال . .
هكذا ينهمر الموت على المدن
والسّهول والتلال .
***
وجع يقصم ظهر الجبل . .
وجع يبدد حلم أطفالنا . .
وجع على مداخل الروح . .
كثيرون شتتهم الوجع . .
كثيرون مضوا . .
على وقع خطاهم فتحت نوافذ القلب
وأطلقت صرخةً مكلومة في وجه الظلام .
***
اقتربْ من أرواحهم، وشدّهم إلى ساحة الضوء
فلربّما يشاهدون تجاعيد حقدهم في مرآة السماء
اقتربْ . . لعلهم يتوقفون عن سفك الدماء . .
اقتربْ . . كي يتعرفوا على حقيقة القتل
الذي يقتنص أرواح الجميع .
العدد 1087 التاريخ: 15/3/2022