بقلم ظافر أحمد أحمد – إعلامي:
أنشأ خبير معلوماتية نرويجي موقعاً على شبكة الإنترنت يتيح لأي شخص إرسال بريد إلكتروني يصل إلى 150 عنوان بريد إلكتروني روسي في وقت واحد، ويتمّ العمل من خلاله لإيصال ملايين الرسائل للمواطنين الروس تتضمن (الرواية الأميركية – الأوروبية) لما يحدث في أوكرانيا.
هذا جانب هامشي في إمكانيات التواصل فكيف الحال مع إمكانات شتى منصات التواصل الاجتماعي التي تسيطر عليها الشركات الأميركية، وشتى وسائل إعلام المنظومة الغربية؟.
واشنطن تصنع الكذبة ليصدّقها الآخرون
قبل انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تحددت مواصفات متكاملة للحرب الإعلامية، حيث شنّتها الولايات المتحدة الأميركية عبر ضخ إعلامي للخطر القادم من روسيا، وبقيت عمليات القصف الأوكراني على مناطق من إقليم دونباس وقضية (قرب انضمام أوكرانيا لحلف ناتو) ومخاطر التحالف الأوكراني الغربي على أمن وسلامة روسيا خارج عملية الاهتمام الإعلامي الغربي.
ومع انطلاق العملية العسكرية الروسية توضّحت لأوّل مرة عبر التاريخ أضخم حرب إعلامية يشهدها العالم، بين رواية روسية مفادها (العملية العسكرية لحماية دونباس التي تتطلب تجريد أوكرانيا من سلاحها) ورواية غربية مفادها (غزو روسي لأوكرانيا كتمهيد للسيطرة على أوروبا).
ويحضر الضخ الإعلامي للرواية الغربية بوضوح على ساحة شعوب العالم عامّة، والشعوب الأوروبية خصوصاً، ولكن يختلف الأمر كثيراً عندما يصبح الصراع الإعلامي على ساحة الشعب الروسي..، فإذا أمكن للمنظومة الإعلامية الغربية تغييب الرواية الروسية للحدث الأوكراني ومنع وصول بث القنوات الروسية إلى أوروبا، وتقييد حضور أيّ رواية روسية في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي..، فإنّ وسائل الإعلام الروسية حاضرة بقوة في ساحتها وبين جماهيرها، كذلك تنبهت القيادة الروسية ومنعت منصات التواصل الاجتماعي وأيّ محتوى يسوّق الرواية الأميركية في روسيا كإجراء مضاد للقصف الإعلامي الغربي الذي يستهدف بالدرجة الأولى تنميط قناعات الشعب الروسي.
* إعلام لتنميط الأوروبيين..
وجدت المنظومة الأميركية السياسية والإعلامية في شخصية الرئيس الأوكراني مواصفات (النجم الضحية) الذي بإمكانه عبر الاستعطاف التأثير بعواطف الجماهير الأوروبية وأعضاء برلماناتها، لذلك تفسح له الخطب عبر الفيديو في اجتماعات برلمانية ومجالس مهمة ليمرر رسالته المكررة ومفادها (بدأت روسيا بأوكرانيا والدور عليكم)، ويكرر طلباته بمزيد من الضغط على روسيا.
كما تظهر الرواية السياسية والإعلامية الغربية الأوكرانيين ورئيسهم كأبطال في الخندق الأوّل بمواجهة الخطر الروسي على أوروبا..، هذا الخطر الذي شكل أكبر كذبة مصنّعة يتم تسويقها لدى الشعوب الأوروبية التي حتى الآن لم تتمكن من كشفها، بل يتم ضخّها ضمن عملية ترهيب، وتترافق بترغيب الجمهور الأوروبي، وأنّه يترتب عليه الدفاع عن أمنه وتحمل أعباء وواجبات (مساعدة أوكرانيا) بسبب أنّها مع أوروبا تنتمي إلى العالم الحر.
ولضمان هذا التحكم بالرأي العام يحرص الإعلام الغربي على ضخ يومي لمعاناة المهجرين وتدمير المدن الأوكرانية بهدف دفع المتلقي للقناعة بأنّه يجب أن يناصر إجراءات دوله الأوروبية في وجه روسيا.
ويفتقد معظم الأوروبيين القدرة على الوصول إلى الرواية الروسية بسبب إجراءات الحكومات الغربية بوجه الإعلام الروسي، وتحكم وسائل الإعلام الكبرى وهي غربية في (سوق المعلومات)، ولكن قلة من الأوروبيين تبحث عن الحقيقة في منصات ومواقع غير منقادة للرواية الأميركية..، وهذا التوجه قابل للتوسع ريثما تكتشف الجماهير الأوروبية ويلات ما تورطها فيه حكوماتها، التي يصعب عليها الاعتراف حتى الآن بخضوعها لمخططات واشنطن، وتأثيرات لايمكن للحرب الإعلامية التعمية عنها.
تقول إحدى المثقفات الأوروبيات: نتعمّد تجاهل الرواية الروسية للحوادث، ونخاطر بالاستيقاظ ذات يوم كي نكتشف أن الكرملين ربح الحرب.
