شاعر وقصيدة … الوقت

الملحق الثقافي:

هذه القصيدة كما قال الشاعر الكبير تعود إلى أكثر من نصف قرن ومع ذلك مازالت بهية ندية طرية ، تمثل فلسفة الحياة ، وما أشد حاجتنا إلى استعادة الكثير من عيون الشعرالعربي المعاصر في زمن التصحر.

حاضِنًا سُنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
ما الدّمُ الضّاربُ في الرّملِ وما هذا الأفولُ؟
قُلْ لَنا يا لَهَبَ الحاضِرِ ماذا سنقولُ؟
مِزَقُ التّاريخِ في حُنجرتي
وعلى وجهي أماراتُ الضّحيّهْ
ما أَمَرَّ اللّغةَ الآنَ وما أضيقَ بابَ الأبجديّهْ.
حاضناً سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
جُثَثٌ يقرؤُها القاتِلُ كالطُّرْفَةِ
أَهْراءُ عِظامٍ
رأسُ طِفْلٍ هذه الكتله أم قطعةُ فَحْمٍ؟
جسَدٌ هذا الذي أشهدُ أم هيكلُ طينٍ؟
أَنحني أرتُقُ عينين وأَرفو خاصِره
ربّما يُسعفُني الظنُّ ويَهديني ضياءُ الذّاكره
غيرَ أنّي عبثًا أَسْتقرىءُ الخيطَ النَّحيلْ
عبثًا أجمعُ رأساً وذراعينِ وساقين لكيْ
أكتشفَ الشّخصَ القتيلْ
حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
كَشَفَ البهلولُ عن أسرارِهِ
أَنّ هذا الزّمَنَ الثّائرَ دُكّانُ حِلّيٍ
أنّه مُسْتَنْقَعٌ …
كشفَ البهلولُ عن أَسْرارِهِ
سيكونُ الصِّدقُ موتاً
ويكون الموتُ خُبْزَ الشّعراءْ
والذي سُمّي أو صارَ الوطَنْ
ليس إلاّ زمنًا يطفو على وجهِ الزَّمَنْ.
حاضِنًا سنبلةَ الوقت ورأسي برجُ نارٍ:
شَجرُ الحبّ بقصّابينَ آخى
شَجَرَ الموتِ ببيروتٍ
وهذي
غابَةُ الآسِ تُؤَاسي
غابةَ النَّفْي
كما تدخلُ قَصّابينُ في خارطةِ
العشْبِ وتَسْتَقْطِرُ أحشاءَ السّهولْ
دخلَتْ بيروتُ في خارطةِ الموتِ قبورٌ
كالبساتينِ وأشلاءٌ حقولْ
ما الذي يسكبُ قصّابينَ في صيدا وفي صورٍ
وبيروتُ التي تَنسكبُ؟
ما الذي في بُعدِه يقتربُ؟
ما الذي يمزجُ في خارطتي هذي الدِّماءْ؟
يبسَ الصّيفُ ولم يأتِ الخريفْ
والرّبيعُ اسْوَدَّ في ذاكرةِ الأرضِ الشّتاءْ
مثلما يرسمُه الموتُ: احتضارٌ أو نزيفْ
زمنٌ يخرجُ من قارورةِ الجَبْرِ ومِن كفِّ القضاءْ
زمنُ التّيه الذي يَرْتَجلُ الوقتَ ويجترّ الهواءْ
كيفَ من أينَ لكم أن تعرفوهْ؟
قاتِلٌ ليس له وجْهٌ له كلُّ الوجوهْ
حاضِنًا سنبلةَ الوقْتِ ورأسي برجُ نارٍ:
مُنْهَكٌ أَلْتفِتُ الآنَ وأَسْتشرفُ ما تِلك الخِرَقْ؟
أتواريخٌ؟ أبلدانٌ؟
أَراياتٌ على جُرْفِ الغسَقْ؟
هُوذا أقْرأُ في اللّحظةِ أجيالاً وفي الجُثّةِ آلاف الجُثَثْ
هوذا يغمرُني لُجُّ العَبَثْ
جسدي يُفْلِتُ من سَيْطرتي
لم يعدْ وجهيَ في مِرْآتِهِ
ودمي يَنْفُرُ من شَرْيانِهِ..
أَلأنّي لا أرى الضّوءَ الذي يَنقلُ أحلامي إليهْ؟
ألأنّي طَرَفٌ أقْصى من الكونِ
الذي بارَكَهُ غيري
وجَدّفْتُ عليهْ؟
ما الذي يَجْتَثُّ أعماقي ويمضي
بين أدغالٍ من الرّغبة بلدانٍ محيطاتِ دموعٍ
وسلالاتِ رموزٍ؟
بين أَعْراقٍ وأجناسٍ عصورٍ وشعوبٍ؟
ما الذي يفصلُ عن نفسيَ نَفْسي؟
مَا الذي يَنقضُني؟
أَأَنا مُفْتَرقٌ
وطريقي لم تعدْ في لحظةِ الكشفِ طريقي؟
أَأَنا أكثرُ من شخصٍ
وتاريخيَ مَهْوايَ وميعادي حريقي؟
ما الذي يصعدُ في قَهْقَهَةٍ
تصعدُ من أعضائيَ المختنقهْ؟
أَأَنا أكثرُ من شَخْصٍ وكلٌّ
يسألُ الآخرَ: مَن أنتَ؟ ومِن أينَ؟
أأعضائيَ غاباتُ قتالٍ
في دمٍ ريحٍ وجسمٍ وَرقَهْ؟
أجُنونٌ؟
مَنْ أنا في هذه الظُّلمة؟
علِّمْني وأَرْشِدْنيَ
يا هذا الجنونْ
مَنْ أنا يا أصدقائي؟
أيّها الرّاؤون والمُسْتَضْعَفونْ
ليتَني أقدِرُ أن أخرُجَ من جلديَ
لا أعرفُ مَنْ كنتُ
ولا مَن سأكونْ
إنّني أبحثُ عن إسْمٍ وعن شيءٍ أسمّيهِ
ولا شيءَ يُسمّى
زمنٌ أعمى وتاريخٌ مُعَمَّى
زَمَنٌ طَمْيٌ وتاريخٌ حُطامْ
والذي يملكُ مملوكٌ …
حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي بُرْجُ نارٍ:
آخِرُ العَهْدِ الذي أمطَرَ سِجّيلاً يُلاقي
أوّلَ العهدِ الذي يُمطِرُ نفْطاً
وإلهُ النَّخْل يجثو
لإِلهٍ من حديدٍ
وأنا بين … الدّمُ المسفوحُ والقافلةُ المنكفِئَهْ
أَتَقَرّى ناريَ المنطفئة
وأرَى كيف أُداري
موتيَ الجامحَ في صحرائِه
وأقولُ الكونُ ما ينسجُهُ حُلْميَ تَنْحلُّ الخيوطْ
وأرى نفسيَ في مَهْوى وأَسْترسل في ليلِ الهبوطْ
طُرقٌ تكذِبُ . شُطآنٌ تَخونُ
كيف لا يصعقُكَ الآنَ الجنونُ؟
هكذا أَنْتَبِذُ الآكِلَ والأكْلَ وأرتاحُ إلى كلِّ مَتَاهْ
وعَزائي أنّني أُوغِلُ في حلميَ أَشْتَطُّ أموجْ
وأغنّي شهوةَ الرّفضِ وأهْذي
فَلَكُ الزُّهرةِ خلخالٌ لأِياميَ والجَدْيُ سِوارٌ
وأقولُ الزَّهرُ في تيجانِهِ شُرُفاتٌ
وعَزائي أنّني أخرجُ
أسْتَنْفِرُ أفْعال الخُروجْ.
هكذا أَبْتدئُ
حاضِنًا أرضي وأسرارَ هَواها
جَسَدُ البحرِ لها حبٌّ له الشّمسُ يَدانْ
جَسَدٌ مُستودَعُ الرَّعْدِ ومَرْساةُ الحنانْ
جسدٌ وَعْدٌ أنا الغائبُ فيهِ
وأنا الطّالِعُ مِن هذا الرّهانْ
جَسَدٌ
غطّوا بضوءِ المطرِ العاشقِ وَجْهَ الأقحوانْ
وَلْيَكنْ…
أحتضِنُ العصرَ الذي يأتي وأَمْشي
جامِحًا. مِشْيةَ رُبّانٍ. وأختطُّ بِلادي
اصْعدوا فيها إلى أعلى ذُراها
اهْبطوا فيها إلى أَغْوارِها
لن ترَوْا خوفاً ولا قيداً . كأنّ الطّيرَ غُصْنٌ
وكأنَّ الأرضَ طِفْلٌ . والأساطيرَ نِساءْ
حُلُمٌ؟
أُعطي لمن يأتون مِن بَعديَ أن يفتتحوا هذا الفضاءْ
العدد 1089 التاريخ: 29/3/2022

آخر الأخبار
" السياحة " توضح: لا منع لأي نوع من ملابس السباحة في الشواطئ والمسابح مياه الشرب منكهة بطعمة بالصرف الصحي في المزة 86  القيمة السوقية تتخطى حاجز الـ 2 مليار دولار  " التجاري " يسهّل إيداع الأموال في المنافذ الحدودية بالقطع الأجنبي  الشيباني يبحث مع نظيره النرويجي في أوسلو قضايا مشتركة المرفأ الجاف في حسياء الصناعية يدعم تنافسية الاستثمار فعاليات مجتمعية بطرطوس لمواجهة التلوث بالمواد البلاستيكية  معهد واشنطن: العنف الطائفي مرشّح للتصاعد ما لم تتحقق العدالة الانتقالية في سوريا باخرة تؤم مرفأ طرطوس محملة بـ 40 الف طن زيت نخيل لبنان: التنسيق مع دمشق والمنظمات الدولية لإطلاق خطة عودة النازحين السوريين تجميل وصيانة للمرافق في وسط دمشق.. وأحياء خارج دائرة الاهتمام "صحة حلب".. نقل مرضى الأمراض النفسية إلى مركز متخصص العدالة الانتقالية بين المفهوم العام ومطالب الشعب في سوريا  نشاط دبلوماسي سوري مكثف على هامش منتدى أوسلو للسلام فريق طوارئ لدرء مخاطر الكوليرا في درعا نظافة حلب في صيف ملتهب.. تهديد لصحة الإنسان والبيئة   الدراجات النارية.. الموت المتحرك   خطر يهدد الأمن المروري وضجيج متواصل.  مقبرة جديدة في ريف حماة توثق إجرام نظام الأسد المخلوع مرسوم رئاسي بمنح كل مزارع يسلم قمحه إلى مؤسسة الحبوب مكافأة قدرها 130 دولاراً عن كل طن الجامعة العربية: فرض خمس دول عقوبات على وزيرين إسرائيليين خطوة مهمة للمحاسبة