كان الهدف الأهم من أسواق الخير ومهرجانات رمضان التي بدأت تفتتح في عدد من المحافظات، أن تساهم تلك الفعاليات بالتخفيف عن كاهل المواطن الذي أثقل بكل أنواع الغش والتدليس والتلاعب بالأسعار، ولم يعد قادراً على تحمل المزيد..
وبالنظر إلى أهمية الفكرة وضرورتها خاصة في هذه الأوقات العصيبة، وما لها من انعكاس طيب في نفوس المواطنين، إلا أن البعض ذهب بها باتجاه آخر كاد أن يفرغ تلك المبادرة من محتواها، حيث إن المتابع لتلك الأسواق والمهرجانات لا يجد أن هناك فروقا كبيرة في أسعار السلع المعروضة فيها ومثيلاتها في الأسواق المحلية، ونسبة التخفيضات ليست كما يتم الإعلان عنها بأنها ما بين 20 إلى 40%، على الرغم من أن مثل هذه المهرجانات تقام على أساس أنها تتوجه للشرائح الضعيفة وأنها تطرح السلعة من المنتج أو المستورد إلى المستهلك مباشرة، دون المرور بالحلقات الوسيطة (تجار جملة ونصف جملة، وباعة مفرق) الأمر الذي يحتم بالضرورة انخفاضا واضحا بالسعر فيما لو تم الالتزام بهذا الجانب.
إن مثل هذه المبادرات يعول عليها كثيراً لتحقيق فروقات حقيقية بالأسعار يشعر بها المستهلك لا أن تذهب باتجاه استحكام المستهلك ببعض العروض المرهقة أصلاً من مثل (بيع خمس قطع مجتمعة مع تخفيض بسيط) أو (مع هدية بسيطة) لا يستفيد منها المستهلك.
ويجب أن تتيح الشراء للمستهلك بالكمية التي تناسبه مع تخفيضات مجزية حتى يشعر بأنه فعلاً في مهرجان (للخير) وليس لاصطياد الزبائن وتصريف أكبر كميات ممكنة تحت اسم تخفيضات وتحت شعار الوقوف مع المواطنين ومد يد العون لهم ومساعدتهم في هذه الظروف الصعبة الناجمة عن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات إلى حدود فاقت طاقات الجميع بمن فيهم الميسورون، حيث إن أقل وجبة لعائلة صغيرة تكلف اليوم بحدود 15 ألف ليرة.
لا بد أن تخرج مثل هذه الفعاليات من عباءة التسويق والترويج لمنتجات الشركات المشاركة وتدخل في سباق مستمر مع أسعار السوق من خلال إعطاء تخفيضات حقيقية وملموسة ومجزية، لتكون فعلاً مؤدية للرسالة التي أقيمت من أجلها لا أن تبقى في إطار الترويج الإعلامي وترديد بعض العبارات المنمقة والمرتبة والتي تتستر بمعاناة المواطنين، بحيث يظهر القائمون عليها بأنهم أصحاب الأيادي البيضاء في كسر أسوار الغلاء التي علت كثيراً، وتحطيم قيود المحتكرين
حديث الناس _ محمود ديبو