الثورة – طرطوس – فادية مجد:
طقوس شهر رمضان المبارك أيام زمان مازالت محور حديث السهرات الرمضانية في أيامنا هذه، حيث الحنين المشوب بالكثير من الحب لتلك الأيام الخوالي ونفحاتها الوجدانية بكل ما تحمله من عادات وطقوس دينية وتحضيرات من مأكل ومشرب للشهر الفضيل. وبالأخص الأكلات التراثية و التي ما زال أغلب أبناء الريف يحرصون على إعدادها على مائدة الافطار إضافة لأصناف درجت حديثاً..
عن أكلات أيام زمان في ريف القدموس واستعداداتهم للشهر الفضيل تحدثنا السيدة جمانة حرفوش من قرية ( المقرمدة ) فتقول: كانت حياتنا بسيطة، وشاقة، ولكنها كانت ممتعة وقائمة على المحبة والتعاون بين أبناء القرية، والتي تبلغ أوجها في شهر رمضان المبارك، حيث كانت تحرص النسوة على تجهيز الأطعمة والعصائر والحلويات حسب توقيت مجيء الشهر الفضيل، فإن جاء في فصل الشتاء، نكون في فصل الصيف قد جهزنا له كافة لوازمه من ناحية الاستفادة من الخضار والفواكه الصيفية والاحتفاظ بها كمونة شتوية، تعدُّ كطبخات أو عصائر أو حلويات خلال شهر الصيام، فمثلاً كانت أمي صيفاً تقوم بتقطيع لحم الغنم وتقليته بدهنته ، وبعد أن يبرد تقوم بحفظه في ( برش ) وهو خابية مصنوعة من الفخار كمؤونة شتوية، ليطبخ في شهر الصيام بزيت الزيتون والبصل أو مع الفاصولياء أو البطاطا وغيرها من الأكلات، إضافة لعصر العنب والرمان صيفاً والاحتفاظ بهما لوقت الشتاء وأيام شهر رمضان، مع حفظ الخضار الصيفية وتجفيفها كالبندورة والفاصولياء وغيرها.
وتتابع قائلة: ومن أهم الأكلات التراثية القديمة والتي أحرص على إعدادها في شهر رمضان إن جاء في فصل الشتاء إضافة للشاكرية والمقلوبة والكبسة تلك الأكلات الجديدة، كبة بسلق وبجانبها ثوم وحامض، وهناك أكلة اسمها لقاسات عبارة عن كرات البرغل الناعم المسلوقة والمعروكة مع الطحين والمضاف لها حامض السماق والتي تقلى بزيت الزيتون والبصل، وأكلة السيلات، والبرغل سيد الأكلات ( برغل بحمص أو برغل بشوافة أو بسلق أو عدس ) وطبعاً لا ننسى البرغل ببندورة والفريكة والكشك وورق العنب الذي كنا نحفظه لوقت الشتاء بماء وملح حتى يبقى فترة طويلة، والفطائر بسمسم وسمنة أو بزيت، والزليبة، والتي كنا أيضاً نتناولها في فترة السحور مع كأس شاي وهي عبارة عن عجين يشكل بشكل اسطواني ويغطى بالسمسم ويقلى بزيت الزيتون.
وتضيف: أما إن جاءنا شهر رمضان المبارك في أشهر الربيع والصيف فكان التركيز على المتبلات باللبن مثل الذرة الصفراء والبيضاء والحنطة وجميعها مطحونة ناعم تسلق وتطبخ مع اللبن، إضافة للسلطات إنتاج أرضنا مثل سلطة البندورة والخيار أو العجور والنعناع والبصل، أو التبولة وكانت مكوناتها قديماً البرغل والنعناع والبصل الأخضر والزيت وتؤكل بورق العنب وهناك الفطائر المخبوزة على التنور ( فطائر بسلق أو بكشك أو بسمنة وبسمسم) وقراص بشوافة، واللحم مطبوخاً بأشكال متعددة كالفروج أو الغنم، والمرشوشة وهي عبارة عن سليق متنوع ينبت في الأراضي يقلى بعد تقطيعه بالبصل والزيت ويضاف له كمية من البرغل الناعم، وأكلة القرموزي وهي بيض مقلي بالسمن العربي ويضاف له اللبن.
وعن وجبة السحور تقول حرفوش: اعتمادنا في تحضير موائدنا على ما تنتجه أرضنا ومواشينا من حليب وألبان وأجبان وخبز التنور، ولهذا كنا نتناول في فترة السحور البيض البلدي المسلوق واللبنة والشنكليش والقشطة والزبدة ومربى المشمش ونشرب الزوفا أو الشاي، وهناك أكلة تسمى ( المغطوطة ) كنا نحرص على تناولها في فترة السحور، وهي عبارة عن خبز أسمر يغطس بحليب البقر، حتى تتجمع كل المادة الدسمة على الخبز وهكذا لنضعه في صينية لحين تناوله.
وبالنسبة للحلويات التي كانت تقدم أيام زمان وخلال فصل الشتاء في شهر رمضان هناك التمر والزبيب وكنا نأخذه من الباعة الجوالين الذين كانوا يأتون من مدينة حماة، نبادلهم بالدخان العربي المشهورين بزراعته في منطقتنا، إضافة لشرائنا النمورة ( الهريسة ) والشعيبيات بقشطة من محل المعلم حسن المشهور في تلك الأيام على صعيد المحافظة، حيث كان محله في مدينة القدموس، وكان أغلب سكان القرى يقصدونه لشراء تلك الحلويات الشهية.
وعن طقوس وسهرات رمضان وأماسيه تقول: كان والدي رحمه الله في أماسي شهر رمضان يجمعنا مع أبناء أعمامي وأخوالي، ويتلو علينا القرآن الكريم ويدعونا لحفظه، مع قراءته قصائد دينية وقصص الأنبياء، وسرد أحاديث عن أهمية العمل الصالح وصلة الأرحام، وضرورة التحلي بمكارم الأخلاق.