يُحكى أنه كان في قديم الزمان ملك عظيم الشأن، وكانت له زوجةٌ وفيّةٌ، وابنةٌ جميلةّ، يحبهما حباً كبيراً.
وفي يوم من الأيام مرضت الزوجة وماتت، ومنذ ذلك اليوم لم تنطق الأميرة بكلمة، فاحتار الملك في أمرها، وعرضها على جميع الأطباء، وكان رد الجميع أن ابنته الأميرة سليمة.
فكّر الملك كثيراً، ثم أرسل منادياً يُعلن في أنحاء المملكة أن ملك البلاد سيزوج ابنته ممن يجعلها تنطق، فتقدم للأميرة أكبر تجار وأطباء وأغنياء البلاد، ولم يستطع أحد أن يجعل الأميرة تنطق، حتى وصل شاب يتيمّ، يعمل راعيا للغنم عند أحد الأغنياء إلى قصر الملك ليجرب حظه.
سخر كبار رجال المملكة من الشاب، وحاولوا منعه من دخول القصر، لكنّ الملك قرّر أن يدعه يجرّب حظه مثل غيره، دخل الشاب على الأميرة، ولم يكلمها، لكنه أخذ يقص عليها قصة، قال فيها: كان هناك أب لديه ثلاثة أبناء نجّار وخيّاط ورسّام، وفي يوم من الأيام، حضر النجار إلى بيت أبيه فوجد قطعة خشب، فنحتها بخنجره حتى أصبحت على شكل دمية، ثم تركها ورحل.. وبعد يومين جاء الخياط إلى البيت ورأى الدمية فأعجبته، ثم أمسك قطعة قماش وصنع لها فستاناً جميلاً، ورحل بعد ذلك، ثم جاء الرسّام ورأى الدمية فأحبها جداً، وأخرج ألوانه وجعلها تبدو رائعة جداً، وبعد مرور أسبوع انتبه الأب للدمية، وظن أن أحد أبنائه صنعها من أجله، فقرر أن يكتب كل أملاكه لمن أحضرها.
دعا الأب أبناءه الثلاثة وسألهم: من منكم صاحب الدمية؟ أجاب الأبناء الثلاثة معاً: أنا.
احتار الأب، وظلّ صامتاً يفكر، ولا يعرف لمن يعطي ثروته، وهنا سكت الشاب ولم يتحدث، فسألته الأميرة بلهفة: ومن أخذ الثروة؟، ففرح الشاب كثيراً، والتفت إليها وقال مبتسماً: لقد نجحنا.