المخدرات .. الخطر الصامت   أضرار نفسية وجسدية مدمرة ..كيف نتخطاها..؟ 

الثورة – غصون سليمان:

اليوم العالمي لمكافحة المخدرات ليس مجرد مناسبة بروتوكولية تحتفي بها الدول والشعوب في السادس والعشرين من شهر حزيران كل عام، بإقامة الأنشطة و ورش العمل وإصدار البيانات والتحذير من مخاطرها.

وإنما القضية أبعد من ذلك بكثير.. فهي مسألة جوهرية في ضمير المجتمع، فالكل معني فيها بدءاً من البيت، والأسرة، والشارع، والمدرسة، والأصحاب، والأصدقاء، والأقرباء، والوزارات والمؤسسات، والنقابات والجمعيات الأهلية، والأهم هو تفعيل دور القانون في تطبيق المواد الرادعة لهذه الآفة من الزراعة إلى التعاطي المختلف الأشكال.

ولطالما وصفت المخدرات بالآفة، فهي حين تفتك بالشخص لم يعد بمنأى لوحده عن هذا “الوزر” وإنما تلحقه سلسلة من المعاناة الأسرية والاجتماعية والصحية والمادية لتصبح الخسارة مزدوجة على جميع الأصعدة..

ولأن الشباب هم الوقود الأكبر، والضحية الأوسع والأكثر استهدافاً من قبل التجار ومافيات هذا اللون من التجارة والخداع بعقول هؤلاء.

أخطر الظواهر الاجتماعية

الباحث في القضايا النفسية والاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور حسام الشحاذة يوضح حول مخاطر تعاطي المخدرات من قبل المراهقين والشباب، أن هذه الظاهرة في بلدنا كانت قبل الحرب السورية منتشرة في حدودها الدنيا، وضمن النسب المقبولة وفق التقييمات العالمية، لكنها اليوم غدت منتشرة بنسب ليس من السهل تجاهلها، وأصبحت من أخطر الظواهر الاجتماعية خطورة بسبب فساد النظام البائد الذي سهل انتشار هذه الظاهرة.

ويتابع د. الشحاذة: بالرغم من انتشار الوعي بمخاطر تعاطي المخدرات وترويجها، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت موجودة في معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنها سوريا، وتلعب دوراً سلبياً في إحداث خلل وانحلال في القيم الأخلاقية والإنسانية والثقافية للمجتمع، وفي إضعاف التركيبة الفتية فيه، وإلحاق ضرر بمُقوماته البشرية المتمثلة بالأطفال والمراهقين والشباب.

اهتمام حكومي

كما أكد على ظهور الاهتمام الواضح من قبل الحكومة السورية الحالية بعد التحرير بقضية مكافحة تعاطي كل أشكال المخدرات وترويجها، من خلال السعي الدؤوب لصياغة مجموعة من القوانين الرادعة، وإصدار قوانين خاصة برعاية الأحداث الجانحين ممن تورطوا بقضايا المخدرات وترويجها، وإبعادهم عن أجواء السجون، ورعايتهم في معاهد ومراكز خاصة بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لافتاً إلى أنه يتم العمل حالياً على إخضاعهم لقانون خاص بعدالة الأحداث الجانحين، يختلف عن محاكم الخاصة بالبالغين، وأسندت هذه المهمة إلى وزارة العدل من خلال محاكم الأحداث.

ويضيف د. الشحاذه أنه رغم الجهود الحميدة التي تبذلها الحكومة السورية الحالية خلال الأشهر القليلة الماضية- التي تلت التحرير وسقوط النظام- عبر الوزارات المعنية (العدل، الداخلية، الصحة، التربية، الشؤون الاجتماعية والعمل) في التعامل الخاص مع قضايا المخدرات بكل أشكالها وأنواعها ومصادرها، وقضايا الترويج والعلاج..

إلا أن سنوات الحرب السورية وفساد النظام المخلوع خلف الكثير من الآثار السلبية المرتبطة بهذه الظاهرة، ولاسيما أن سوريا تعتبر بلد عبور بين الدول المنتجة والمصدرة للمخدرات، وبين الدول المستقبلة لها بين آسيا وأوربا ودول حوض البحر المتوسط، وما رافق ذلك من ظهور أنواع جديدة من المواد المخدرة والتي تعتبر سهلة التداول بين فئات الأطفال والمراهقين والشباب، والتي يعتبر من أخطرها اليوم وهي “الترامدول”، الذي ظهر له منشأ في سوريا من قبل منتفعي النظام البائد، وغدت بعض المافيات المحلية في سوريا تنتج هذا النوع من المواد المخدرة بطريقة غير شرعية، وتُلحقه بحملة ترويج منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبوساطة عصابات صغيرة غزت بعض المناطق التي ما زالت خارج سيطرة الدولة بفعل إرهاب “منتفعي” النظام السابق أو الانفصاليين، أو التي تمكنت من التوغل إلى بعض المناطق الآمنة في عدة قرى وبلدات في بعض المحافظات  تحت مسمى أن “الترامدول” هو بديل فعَّال عن المواد المنشطة والمسكنة للآلام، بالتزامن مع وجود بعض ضعاف النفوس من أصحاب بعض الصيدليات الذين يقومون بصرف هذه المادة المخدرة دون وصفة طبية، ومن دون استشارة طبيب.

إغراءات التعاطي

أما عن الدوافع النفسية والانفعالية والاجتماعية التي تدفع المراهقين والشباب لتعاطي المواد المخدرة، مثل الحشيش والترامدول والكبتاكون والمورفين.. فقد بين د. الشحاذة أنها عديدة ومتنوعة، ومنها أسباب تقليدية وأسباب غير تقليدية، وتعود الأسباب التقليدية، إلى ضعف الواعظ الديني وضعف الإيمان بالله، وعدم اللجوء إليه في المصائب والمحن.

إضافة إلى تأثير البطالة السلبي ووجود وقت فراغ كبير وغير مستثمر في الدراسة أو العمل، ناهيك عن الفضول وحب التجربة، وإظهار حالة البذخ والترف- مع ملاحظة تأثير رفقة أصدقاء السوء.

كذلك الترويج عبر المسلسلات والأفلام الأجنبية، والتي تحمل قيماً لا أخلاقية دخيلة على المجمع ، والتي تصوّر تعاطي المخدرات على أنّها شيء عاديّ وممتع، أو تُقدم مُتعاطي المُخدرات أو عصابات ترويجها بأنهم أبطال.

غير تقليدية

أما الأسباب غير التقليدية والمستحدثة التي أشار إليها الباحث الشحاذة، فتتعلق بسوء التوافق الشخصي والاجتماعي الناتج عن الأزمات النفسية والانفعالية والاجتماعية والاقتصادية التي سببتها الحرب السورية، وما رافقها من عمليات تهجير، وفقدان للممتلكات الخاصة، وقلة فرص العمل، وغلاء المعيشة.. وبالتالي يصبح تعاطي المواد المخدرة محاولة من المراهق أو الشاب للهروب من هذا الواقع المؤلم.

أيضا هناك عمليات الترويج المنظمة التي تقوم بها العصابات المُصغَّرة والمافيات المحلية بين فئات اليافعين من المراهقين والشباب، والتي تقف خلفها أياد منتفعة مرتبطة بالنظام البائد أو أياد خارجية معادية للمجتمع والدولة السورية.

إهمال الأسرة

كما نوه الباحث النفسي والاجتماعي بانشغال الأسرة وإهمالها لعلمية الرعاية و التربية والرقابة الأخلاقية على الأبناء لاسيما في مرحلتي الطفولة المتأخرة والمراهقة وحتى الشباب.

وفي هذا السياق بين الدكتور الشحاذة أن وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت تلعب دوراً سلبياً، ولاسيما بعد الفوضى الأخلاقية والقيمية التي تسبب بها النظام السابق وتوقف العلمية التعليمية وانتشار الأمية في بقاع واسعة من بلادنا الحبيبة، وبالتالي فإن واجب الجهات المعنية اليوم هو تفعيل دور رقابي أكثر حزماً تجاه هذه الظاهرة، ودعوة وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية ومنظمات المجتمع الاهلي للمشاركة الفاعلة في نشر الوعي للحد من انتشار هذه الظاهرة، واستئصالها.

آخر الأخبار
أهالٍ من درعا يقدمون العزاء بضحايا كنيسة مار إلياس دوما تتحرك نحو الإعمار التعليمي " الأوروبي" يطالب بمحاسبة مرتكبي تفجير كنيسة مار إلياس الأمم المتحدة: لا مستقبل في سوريا دون محاسبة المخدرات .. الخطر الصامت   أضرار نفسية وجسدية مدمرة ..كيف نتخطاها..؟  حصرياً لـ"الثورة.. من الكبتاغون إلى شراب السعال.. أنس يكشف رحلة السقوط والتعافي مجالس الصلح بريف  حماة.. تسوية النزاعات الأهلية والمجتمعية انقطاعات متكررة في خدمات الاتصالات وADSL في جرمانا إصلاحات ضريبية شاملة  و"المالية" تبدأ العد التنازلي للتنفيذ 165 مستثمراً و32 ينتظرون الترخيص الإداري في "حسياء" اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تعقد اجتماعاً مع فعاليات حمص تعزيز التعاون مع الجهات المجتمعية بحلب في مختلف القطاعات المخدرات.. آلة هدم ناعمة تنهش نسيج المجتمعات  وضع 3 سيارات إسعاف بالخدمة في مستشفى مصياف توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسية في العمل الحقوقي صناعيو الغذاء بين تحديات السوق وأمنيات تسهيلات العودة إلى سوريا  لقاء سوري- بولندي في "صناعة دمشق" لتعزيز العلاقات الاقتصادية   The New Arab  كيف أثبتت قطر مرة أخرى أن لا غنى عنها للسلام الإقليمي..؟  كوماندوس إسرائيلية في قلب إيران.. خرق أمني كبير قلب موازين الحرب  باراك: الشعب السوري هو من أسقط نظام الأسد ولا نسعى للتدخل بشؤون سوريا