الثورة – لينا شلهوب:
في خطوة جديدة تعكس جديّة التحرك نحو إعادة تأهيل البنى التحتية في مدينة دوما، أعلن المجلس المحلي في المدينة عن إطلاق لجان مسح ميداني متخصصة لتقييم المدارس المتوقفة عن العمل، بمشاركة فاعلة من طلاب الهندسة المدنية والمهندسين الاستشاريين، وتأتي هذه المبادرة ضمن حملة شاملة تهدف إلى إحصاء وتقييم البنية التحتية، تمهيداً لوضع خطط واقعية وفعالة للنهوض بقطاعات التعليم والخدمات في المدينة.
نهج علمي وتشاركي
وفق المجلس المحلي، فإن المسح الميداني يشمل زيارة ميدانية مباشرة لكل منشأة تعليمية متوقفة، يتم خلالها تقييم الوضع الإنشائي، والخدمات المرافقة كشبكات الكهرباء والمياه، إلى جانب جاهزية الصفوف ودورات المياه والمرافق الصحية، وتم توزيع الفرق التطوعية على قطاعات المدينة المختلفة لضمان شمولية المسح وواقعيته.
هذه المقاربة التشاركية– التي تعتمد على طلاب جامعيين بإشراف مهندسين مختصين– توفّر من جهة فرص تدريب حقيقية لطلاب الهندسة، ومن جهة أخرى تؤمّن بيانات دقيقة تسهم في دعم عملية اتخاذ القرار وتحديد الأولويات، ولاسيما في ظل محدودية الموارد.
أمل في النهوض
تشير التقديرات الأولية إلى أن نسبة كبيرة من المدارس في دوما تضررت خلال السنوات الماضية، سواء بشكل كلي أم جزئي، بعض الأبنية تعرضت للدمار نتيجة القصف، فيما عانت أخرى من الإهمال وفقدان الصيانة، ما جعلها غير صالحة للاستخدام التعليمي.
وحول أهمية هذه المبادرة، يقول المهندس أحمد عبد الرزاق، خبير في إعادة الإعمار ويعمل مع منظمات دولية في سوريا: إن عمليات المسح الميداني تعتبر الخطوة الأولى والأكثر حيوية في أي مشروع إعادة تأهيل، ولا يمكن وضع خطة أو طلب تمويل أو حتى ترتيب الأولويات من دون بيانات دقيقة، مضيفاً: إن ما يقوم به المجلس المحلي في دوما هو مثال جيد على التخطيط المستند إلى الواقع.
ما بعد المسح
رغم إشادة الكثيرين بالخطوة، تبرز مجموعة من الأسئلة التي لا تزال بحاجة إلى إجابة.. هل توجد خطة زمنية واضحة للانتقال من مرحلة المسح إلى مرحلة التنفيذ؟ وكيف سيتم تمويل مشاريع الترميم وإعادة التأهيل؟ وهل هناك شراكات قائمة مع منظمات دولية أو مجتمع مدني؟
إضافة إلى ماهية المعايير التي ستعتمد لتحديد أولوية إعادة تأهيل مدرسة على أخرى؟ وكيف سيتم التعامل مع الكوادر التعليمية في المدارس المؤهلة؟ وهل هناك تنسيق مع وزارة التربية لضمان جاهزية الطاقم البشري إلى جانب البنية التحتية؟
تعليقاً على الجهود المبذولة، يرى التربوي محمد الرفاعي أن إعادة تأهيل المدارس أمر أساسي، لكنه لا يكفي، نحن بحاجة إلى بيئة تعليمية شاملة، وهذا يتطلب تجهيزات صفية، ودعم نفسي للطلاب، وبرامج تدريب للمعلمين، مع توفير وسائل تعليمية حديثة.
نظرة إلى الأمام
المبادرة الحالية للمجلس المحلي قد تكون نقطة انطلاق حقيقية إذا ما استكملت بخطوات تنفيذية مدروسة وتمويل مستدام، الأهم أن تبقى هذه الجهود تحت مظلة الشفافية والمساءلة، وأن يشرك فيها المجتمع المحلي بوصفه المستفيد والمراقب في آن معاً.
ففي مدينة خرجت من سنوات طويلة من النزاع، يُعد التعليم بوابة الاستقرار والتنمية، وعودة الطلاب إلى صفوفهم هي أولى إشارات التعافي.