الأسعار الرائجة للعقارات ظلم امتد لكل القطاعات .. إدريس لـ”الثورة”: ضاعفت تراخيص البناء والرسوم  

الثورة – معد عيسى: 

عندما صدر قانون البيوع العقارية وفق القيمة الرائجة لكل منطقة، هللنا له من باب أنه ألغى معاملة عقار في البادية السورية مثل عقار في قلب دمشق، ولكن يبدو أن هذا المرسوم يجسد بمضمونة مقولة :”الشيطان يكمن في التفاصيل”، لأن مفعوله طال بقية الرسوم والقطاعات الأخرى، ولم يميز بين الرسم الذي يُدفع على الخدمة، والضريبة التي تُدفع على الدخل، وطال المخططات التنظيمية التي أصبحت بتكلفة بناء المنزل والرسوم القضائية، واستوفى قيماً مالية من مكتتبين بالجمعيات السكنية لم يستلموا البيت الذي اكتتبوا عليه.

خطأ بالاسم والتوصيف

قبل أيام من إعادة العمل بتسجيل البيوع العقارية هناك جملة من الملاحظات التي كان لها دور كبير في ظلم وقع على شريحة واسعة باعت بخسارة، وتحت ظروف قاهرة، وأقل من الأسعار الرائجة بكثير، ودفعت ضرائبها وفق الأسعار الرائجة.

الخبير العقاري والمدير العام الأسبق للمصالح العقارية المهندس عبد الكريم إدريس قال في حوار مع “الثورة” قبل أن نخوض في سلسلة ملاحظات حول قانون البيوع العقارية لا بد من القول أولاً إن تسمية القيمة الرائجة أحدث بعض الإرباك باعتبار أنها سميت بالقيمة الرائجة، وهي بنفس الوقت لا تمثل القيمة السوقية، ولا تمثل القيم المالية التي كان معمولاً بها سابقاً، فهذا الاسم أعطى انطباعاً للمواطنين والعاملين بالقضايا المالية من الموظفين الحكوميين بأنها القيمة السوقية، فيما كان الغرض منها تعديل القيمة العقارية التي بموجبها يتم استيفاء ضريبة البيوع العقارية، وكان من المفترض تحديد قيمة استيفاء الضريبة من دون أن تؤثر على باقي الرسوم الأخرى المتعلقة بالقيم المالية.

ضاعف تكاليف رخص البناء

بالانتقال إلى الملاحظات، أوضح إدريس أنه قبل أن تكون الضريبة على القيمة الرائجة كانت تستوفى ضريبة البيوع العقارية على القيمة المالية التخمينية وكذلك رسم التسجيل العقاري، ولكن رسم التسجيل العقاري كان إذا ظهر قيمة أخرى غير القيمة التخمينية في عقد بيع أو حكم فيتم الاستيفاء على القيمة الأعلى، أما القيمة الرائجة لم تعتمد القيم إلا التي تظهر لاحقاً، واعتمدت على القيمة الرائجة في تحديد الضريبة وهذا أوقع الظلم لكثير من الحالات.

وتابع إدريس: من الملاحظات أيضاً ما ظهر بالجمعيات السكنية، إذ أصبح يعامل المكتتب أو المخصص معاملة مالك العقار رغم أنه مكتتب أو مخصص، ولم يتملك البيت هو, فقط يملك حق أفضلية باستلام بيت ويقوم بدفع أقساط، القرارات التي صدرت أدت إلى أن هذا المكتتب أو المخصص عندما يقوم بالتنازل عن حق الأفضلية بالجمعية يدفع ضريبة على القيمة الرائجة للعقار الذي لا يملكه ولم يستلمه, فكيف؟ وهذا ظلم لمنتسبي الجمعيات لمن هم بطور التخصص ولم يستلموا البيت.

الشيء الآخر الذي كان له أثر سلبي- والكلام للخبير إدريس- فهو اعتماد القيمة الرائجة في رسوم ترخيص البناء في الوحدات الإدارية فأصبحت رسوم الترخيص للبناء تتعلق بالقيمة الرائجة وهذا خلط بين الرسم والضريبة وكان يجب التفريق ما بين الرسوم وما بين الضرائب، فالرسم يدفع مقابل خدمة أما الضريبة فتدفع نتيجة الدخل المحقق وهذا رفع رسوم البناء أضعافاً مضاعفة من خلال القانون 37 الذي اعتمد القيمة الرائجة في تحديد رسم البناء.

رسوم قضائية بالأسعار الرائجة

وأضاف إدريس: من الملاحظات أيضاً ما حصل في قانون أصول المحاكمات، إذ اعتمد القيمة الرائجة بالرسوم القضائية، يعني الرسوم التي يدفعها المواطن للجوء للمحكمة بفض نزاع وإثبات حق أو لأي شي متعلق بعقار أصبح يدفع رسماً قضائياً وفق القيمة الرائجة للعقار بغض النظر عن نوع الخلاف أو الحق، كما قامت وزارة العدل باستيفاء الرسوم القضائية للدعاوي العينية بناءً على القيمة الرائجة وهذا رفع الرسوم القضائية بشكل كبير وجعلها متغيرة، كلما تغيرت القيمة الرائجة تغيرت الرسوم العقارية، وكلما تغيرت القيمة الرائجة تتغير رسوم البناء علماً أن رسم ترخيص البناء أو الرسوم القضائية هي شيء متعلق بنوعية الخدمة القضائية أو البلدية فإذا لم تتغير الخدمة كيف يتم رفع الرسم بمجرد تغير القيمة الرائجة.

الاعتراض عملية مضنية

بالإضافة لما سبق هناك إجحاف بحق من وقع عليه خطأ، وقال إدريس: القانون سمح بالاعتراض على القيمة، ولكن الاعتراض عملية مضنية وطويلة لا يمكن أن يستفيد منها المواطن أثناء قيامه بالمعاملة، فعندما يجري معاملة واكتشف خطأ في عملية التسعير أو بالمنطقة وقدم اعتراضاً، فيتعطل العمل حتى يتم البت بنتيجة الاعتراض، لأنه مرتبط باجتماع لجنة تجتمع كل فترة برئاسة قاضٍ للنظر بالاعتراض، وهنا المشكلة، فالنظر باعتراض على أمور إدارية وتقنية ليس بحاجة لقاضٍ ويمكن أن تقوم به الجهة المعنية نفسها من دون انتظار طويل.

الضريبة تدفع قبل البيع

ورداً على سؤال حول أحقية استيفاء الرسوم عند كل بيع للعقار قال: بما أنها ضريبة ناتجة عن دخل لذلك يفترض أن تستوفى الضريبة على فرق القيمة، وليس على القيمة الكاملة للعقار (بمعنى أن تستحوذ على بيت ثم تقوم ببيعه بعد فترة زمنية فيكون فرق القيمة الذي حقق الدخل هو من يجب أن يخضع للضريبة وليس قيمة العقار بالكامل)، فبمجرد تغيير مفهوم القيمة من قيمة تخمينية إلى قيمة رائجة تم تحقيق الضريبة على الدخل المحصل من العقارات والذي لا تعبر عنه قيمة العقار، بل يعبر عنه فرق القيمة ما بين قيمته عند الاستحواذ وقيمته عند بيعه، مما يؤدي إلى حدوث خلل (إشكالية) في مفهوم الضريبة وعلى المال الذي تُستَحَق عليه وموعد دفعها، إذ أصبح المواطن اليوم يدفع الضريبة قبل عملية توثيق البيع الذي يتم عادة في المصالح العقارية، وإجراء البيع أيضاً يتم في المصالح العقارية بعد عملية تدقيق العقد وتسجيله على الصحيفة علماً أن تسجيل العقار على الصحيفة يمثل إتمام عملية البيع، وأنه يوجد الكثير من العقود العقارية تعود بمرحلة التدقيق أو التسجيل ولا تتم عملية الانتقال بشكل مريح وتأخذ الكثير من الوقت، فيكون الشاري غير متمكن من العقار قانوناً.

فاليوم تحدث ممارسة غير دقيقة لهذه العملية، ويتم دفع قيمة للضريبة في المالية ثم يتم الانتقال في المصالح العقارية، وبين دفع الضريبة والانتقال يوجد مسافة زمنية تطول أو تقصر، وحتى عملية نقل الملكية بالمصالح العقارية من الممكن أن تشوبها الكثير من المواضيع القانونية التي تؤخر عملية الانتقال..

فالضريبة تتحقق عندما يتم تسجيل العقار باسم الشاري من دون أن يتم الدفع مسبقاً أي تدفع بالاستحقاق، فاليوم يوجد خلل في هذا الموضوع مما أدى إلى الكثير من العقبات والتأخير والمشكلات ما بين البائع والشاري بسبب هذه الآلية، وأن البائع يعتبر أن البيع قد تم بمجرد أن قدم تصريحاً في المالية ودفع الضريبة، بينما الشاري يكون أمام رحلة طويلة حتى تمام الشراء.. فالدولة تريد ضمان دفع الضريبة في بداية عملية إجراءات البيع الطويلة التي قد تحوي عقبات تؤخر أو تمنع عملية الانتقال بالكامل.

في أي دولة بالعالم عند رفع رسم أو ضريبة يكون المقابل تحسين الخدمة، ولكن في حالنا ارتفعت رسوم تراخيص البناء والرسوم القضائية من دون أي تحسن في الخدمة، وهذا لا يخدم الخزينة وفي نفس الوقت يظلم المواطن.. فهل من مراجعة لهذا الظلم؟

آخر الأخبار
أهالٍ من درعا يقدمون العزاء بضحايا كنيسة مار إلياس دوما تتحرك نحو الإعمار التعليمي " الأوروبي" يطالب بمحاسبة مرتكبي تفجير كنيسة مار إلياس الأمم المتحدة: لا مستقبل في سوريا دون محاسبة المخدرات .. الخطر الصامت   أضرار نفسية وجسدية مدمرة ..كيف نتخطاها..؟  حصرياً لـ"الثورة.. من الكبتاغون إلى شراب السعال.. أنس يكشف رحلة السقوط والتعافي مجالس الصلح بريف  حماة.. تسوية النزاعات الأهلية والمجتمعية انقطاعات متكررة في خدمات الاتصالات وADSL في جرمانا إصلاحات ضريبية شاملة  و"المالية" تبدأ العد التنازلي للتنفيذ 165 مستثمراً و32 ينتظرون الترخيص الإداري في "حسياء" اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تعقد اجتماعاً مع فعاليات حمص تعزيز التعاون مع الجهات المجتمعية بحلب في مختلف القطاعات المخدرات.. آلة هدم ناعمة تنهش نسيج المجتمعات  وضع 3 سيارات إسعاف بالخدمة في مستشفى مصياف توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسية في العمل الحقوقي صناعيو الغذاء بين تحديات السوق وأمنيات تسهيلات العودة إلى سوريا  لقاء سوري- بولندي في "صناعة دمشق" لتعزيز العلاقات الاقتصادية   The New Arab  كيف أثبتت قطر مرة أخرى أن لا غنى عنها للسلام الإقليمي..؟  كوماندوس إسرائيلية في قلب إيران.. خرق أمني كبير قلب موازين الحرب  باراك: الشعب السوري هو من أسقط نظام الأسد ولا نسعى للتدخل بشؤون سوريا