الثورة – حسين صقر:
تُعد المخدرات من أخطر المواد التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان، نظراً لتأثيرها العميق والمباشر على أجهزة الجسم المختلفة، سواء على المدى القصير أو الطويل، ومن منظور صيدلاني، فإن فهم آلية تأثير المخدرات يتطلب تحليلاً دقيقاً لتأثيرها الكيميائي والفسيولوجي على أجهزة الجسم الحيوية.
وإن إدراك الأثر العميق للمخدرات على الجسم، وخاصة من منظور صيدلاني، يُعد خطوة أساسية نحو تعزيز الوعي المجتمعي والتدخل العلاجي المبكر، إذ يقع على عاتقه دور مهم في تقديم التثقيف الصحي، ورصد إساءة استخدام الأدوية، وعليه مسؤولية كبيرة لجهة المشاركة الفاعلة في برامج الوقاية والعلاج من الإدمان.
علاجها دوائي ونفسي
ولتسليط الضوء أكثر على المخاطر النفسية والصحية، تواصلت صحيفة الثورة مع الدكتور الصيدلاني خالد كعكوش، مؤكداً أن المخدرات تعتبر من أخطر الآفات التي تصيب المجتمعات والتي تترك اثراً بليغاً على متعاطيها خاصة وعلى المجتمع بشكل عام.
وللانطلاق بهذا الموضوع لا بد لنا من معرفة ما هي المخدرات وكيف يمكن وصف مادة معينة على أنها مادة مخدرة، موضحاً أن المخدرات بالمعنى العام هي المواد التي تسبب لمتعاطيها الإدمان بحيث لا يمكنه التخلي عنها دون مساعدة طبية ونفسية، وتكمن خطورتها بتسببها بعدد من التأثيرات السلوكية والفيزيولوجية التي تمنع المتعاطي من تركها.
وقال: لا بل تدفعه للتمسك بها بسبب غياب العقل الراغب بالانسحاب من مستنقعها مسببة الإدمان النفسي والفيزيولوجي، بمعنى أنها تشكّل حالة قهرية للاستمرار في تعاطي المادة المخدرة أو الحصول عليها بأية وسيلة ممكنة دون أي رادع أخلاقي أو ديني أو قانوني.
وأشار د. كعكوش أن للمخدرات العديد من الأشكال والأنواع منها الطبيعي المصدر ومنها المصنّع، ولها تصنيفاتها الدوائية، ومن الممكن استخدام بعضها لأغراض علاجية بإشراف طبي مباشر يرتبط بمدة الاستخدام وتحديد الجرعات التي يتناولها المريض إضافة إلى تحديد آلية إيقاف الاستخدام.
وأوضح كيف انتشر تعاطي المخدرات في دول العالم انتشاراً واسعاً، وفي سوريا خلال سنوات الثورة، مشيراً إلى عمل نظام الحكم البائد على تصنيعها وتصديرها وترويجها والاتجار بها، وتعتبر مادة الكبتاغون المخدرة إحدى أبرز المواد التي انتشرت في البلاد، يضاف إليها ما يسمى بحشيشة الكيف، وعدد كبير من الأدوية المسكنة للألم التي يتم استخدامها في غير الطرق الطبية المصنعة لأجلها.
وشرح أن المدمن يتعرض للعديد من الآثار الطبية الفيزيولوجية خلال فترة التعاطي عدا عن الآثار النفسية العميقة.
آثار جانبية
وذكر أنه من أهم الأثار الجانبية الطبية التي يتعرض لها المدمن هي فقدان الشهية، وفي حالات أقل زيادتها، مع انتشار للهالات السوداء حول العينين، واضطرابات في النوم، وصولاً إلى التأثير المباشر على وظائف العديد من أجهزة الجسم كالقلب والكلى والرئتين، كما تؤثر على إصابة جهاز المناعة والإصابة بالأمراض الجنسية، والأمراض الفيروسية كالإيدز والتهاب الكبد الفيروسي. يضاف إلى ما سبق ما قد تسببه من اضطرابات هرمونية.
آثار نفسية
أمّا فيما يتعلق بالأثر النفسي قال كعكوش أهمها: التغير السلبي في الشخصية، والشعور باللامبالاة، وفقدان التركيز، والعزلة، والعدوانية، كما يؤدي تعاطي المخدرات إلى التفكك الأسري والاجتماعي الذي يوصلنا بالمحصلة إلى انتشار الجرائم وفساد المجتمع.
وأضاف: إن الوقاية من إدمان المخدرات مسؤولية عامة شخصية ومجتمعية وحكومية. ومن أهم العوامل التي تساعد على الابتعاد عن المخدرات: تنمية اهتمامات الأفراد والمجتمعات بأنشطة إيجابية كالرياضة والفنون، وتعزيز الوازع الأخلاقي والديني والقانوني، والتركيز على نشر الثقافة والقراءة والاطلاع، ونشر برامج التوعية والتثقيف والابتعاد قدر الإمكان عن ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي وما يسمى بالمؤثرين واستبدالها بالكتاب، ونشر قيم الحب والتسامح وقبول الرأي والرأي الأخر واعتماد ثقافة الحوار.
وكذلك الاهتمام بتربية النشئ انطلاقاً من الأسرة فالمدرسة فالمجتمع، وتعلم مهارات التعامل مع ظروف الحياة وقسوتها والضغوطات النفسية وتبعاتها.