الثورة – مها دياب:
في ظل تنامي ظاهرة “التفويض التربوي”، يجد كثير من الأسر أنفسهم خارج المعادلة التعليمية، تاركين للمدرسة وحدها عبء التربية والتعليم، متناسين أن التربية مشاركة، والنتيجة أن المدرسة تحمل فوق طاقتها، والمعلمون يفقدون الصبر، والأطفال يدفعون الثمن.
مظاهر الدور السلبي
يظهر التفويض السلبي والكامل للمدرسة من خلال إلقائهم بالمسؤولية كاملة على المدرسة، وبالتالي تحميل المنظومة التعليمية ما يفوق طاقتها الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق المعلمين، وتدهور جودة التعليم، ومعاناة الطلاب.
الغياب رغم الحضور
إن ظروف الحياة الصعبة، جعلت الأهالي يعملون لساعات طويلة، فلا وقت لديهم لمتابعة الواجبات أو الحوار مع الأبناء، وحتى عندما يكونوا موجودين جسدياً، يكونوا في الغالب، غائبين ذهنياً وعاطفياً، والتقليل من شأن التعليم، وللأسف بات الكثير من الأهالي يعتقدون أن المدرسة مجرد شهادة، فلا يعطون أهمية للتعلم الحقيقي أو لتنمية المهارات، ويوجهون أبناءهم بالحفظ من أجل اجتياز الامتحان فقط، ولا داعي للتفكير الزائد، الأمر الذي ينشىء جيلاً بلا فضول أو إبداع.
ثقافة الصمت
الكثير من الأهالي يترددون في المطالبة بحقوق أبنائهم، حتى عندما يلاحظون أي تقصير أو ظلم من المدرسة، ولا يتحركون خوفاً من المشكلات أو وصم أبنائهم بـالمشاكسين، وهذا الصمت يرسخ فكرة أن “المدرسة دائماً على حق”، حتى لو كانت تدمر ثقة الطفل بنفسه.
تحذيرات تربوية
في إطار ذلك يؤكد الموجه التربوي محمد مهدي لـ”الثورة” أن انسحاب الأهل هنا له تبعات خطيرة منها: شعور الأطفال بعدم القيمة، وتحول المدرسة إلى بيئة قمعية، وخروج جيل يفتقر إلى الثقة بالنفس، والمهارات النقدية، والقدرة على المبادرة.
إعادة دور الأهل
وأوضح مهدي أن على الأهل إعادة دورهم الفعال في حياة أبنائهم من خلال تخصيص 30 دقيقة يومياً لحوار غير أكاديمي، والمشاركة معهم في الأنشطة وزيارتهم في المدرسة ولو مرة شهرياً، وعليهم متابعتهم أثناء حل الواجبات ومساعدتهم إن أمكن.
وشدد أيضاً على الوجود الفعال من خلال وضع قواعد لاستخدام الهواتف من الطرفين، والاستماع والتحدث عن يومه في المدرسة وعلاقاته بمعلمه وزملائه، وتدريبه على التعبير عن احتياجاته و مشاكله باحترام.
بدورنا نؤكد أن التربية في حياة الأبناء تعتبر معركة وجودية، إما أن نكون فيها شركاء فاعلين أو مشاهدين عاجزين.. فالأبناء لا يحتاجون أبطالاً خارقين، بل أهلاً حاضرين بقلوبهم قبل أجسادهم.. فالتربية ليست ترفاً وقت الفراغ، بل هي الاستثمار الأهم في مستقبل أبنائنا.