الثورة – كتب المحرر السياسي ناصر منذر:
يكتسب يوم القدس العالمي الذي يحتفل به الفلسطينيون والعالمان العربي والإسلامي اليوم الجمعة، أهمية بالغة لتأكيد الحقوق الفلسطينية المشروعة، في ظل تصاعد الجرائم الإسرائيلية ضد المقدسيين، والشعب الفلسطيني على وجه العموم، وفي ظل الاقتحامات اليومية التي ينفذها المستوطنون للمسجد الأقصى المبارك، بهدف تكريس واقع الاحتلال، واستكمال تنفيذ مخططات التهويد، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم وبيوتهم.
يوم القدس العالمي، يتزامن اليوم مع أحداث الأقصى، والمقاومة الشرسة التي يبديها الفلسطينيون بوجه ممارسات الاحتلال والمستوطنين لمنعهم من تدنيس المسجد المبارك، ومن محاولة تغيير معالمه الإسلامية والتاريخية، وهذه المقاومة المشروعة يرجح أن تفجر انتفاضة فلسطينية شاملة تضع العدو أمام مشهد أمني يزلزل كيانه، لاسيما وأن مسألة الدفاع عن الأقصى والقدس، سرعان ما وحدت مختلف الفصائل الفلسطينية في جبهة واحدة بعيداً عن الانقسام السياسي، ما يؤكد مجدداً أن الفلسطينيين على مختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية يقفون صفاً واحداً ضد سياسات الاحتلال والتهويد والاستيطان، وباتوا أكثر إدراكاً أن العدو الصهيوني لا يفهم سوى لغة القوة، وبأن المقاومة هي الأنجع لاسترداد الحقوق، بعدما أثبتت سلسلة المفاوضات العبثية مع هذا العدو خلال العقود الماضية عقمها وفشلها.
منذ أن احتل الكيان الصهيوني مدينة القدس عام 1967، لم يدخر جهداً للسيطرة عليها وتغيير معالمها العربية الفلسطينية بهدف تهويدها، واستخدمت سلطات الاحتلال لأجل ذلك الكثير من الوسائل والأساليب الإجرامية والوحشية، واتخذت العديد من الإجراءات العدوانية ضد المدينة وسكانها، وكان الاستيطان أهم الوسائل لتحقيق هدف العدو الصهيوني تجاه مدينة القدس المحتلة، فضلاً عن سياسة التغيير الديموغرافي الممنهجة عبر طرد سكانها الأصليين وسحب الهويات منهم، مروراً بسلسلة من الإجراءات العنصرية لتهويد المعالم الإسلامية في المدينة المقدسة، ومحيط المسجد الأقصى المبارك، وصولاً إلى إقامة الجدران العازلة لتقطيع أوصال المدينة وعزلها عن محيطها الجغرافي.
الكيان الصهيوني يراهن اليوم على استغلال حالة الفوضى التي تنوء بثقلها دول المنطقة، جراء الحرب الإرهابية على سورية، لتمرير “صفقة القرن”، وتجريد مدينة القدس، وكل المدن الفلسطينية من هويتها العربية، ولكن تقديراته ورهاناته خاطئة وخاسرة، وكل مشاريعه ستبوء بالفشل، خاصة وأن المقاومة التي يبديها الفلسطينيون دفاعاً عن القدس والأقصى، وكل المدن الفلسطينية، تستمد قوتها وزخمها اليوم من الإنجازات المتراكمة لمحور المقاومة في المنطقة، والتي لا تزال تربك حسابات حكومة العدو، والإدارة الأميركية، التي تقدم لها كل الدعم اللازم لمواصلة ارتكاب جرائمها، ولمحاولة تصفية الوجود الفلسطيني.
العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة المقاومة الكفيلة بدحره، واسترجاع الحقوق لأصحابها الشرعيين، ويوم القدس العالمي هو يوم لحشد الإمكانيات من أجل مواجهة هذا العدو الغاصب، وهو مناسبة للتأكيد على أن القدس ستبقى عربية، وعاصمة فلسطين التاريخية، وأن الاحتلال زائل، وللتأكيد أيضاً على أن أفضل رد على الممارسات الصهيونية والمخططات الأميركية الرامية لاستهداف القدس وتصفية القضية الفلسطينية هو استمرار المقاومة من أجل الدفاع عن فلسطين كلها، وعن مدينتها المقدسة التي تتعرض لعملية تهويد شاملة عبر تهجير الفلسطينيين وهدم منازلهم واستبدالها بالبؤر الاستيطانية.