“منتدى فالداي”: هل تعيد أزمة أوكرانيا الحرب الباردة؟

الثورة – ترجمة ميساء وسوف:

خلال الثلاثين عاماً الماضية، ساد منطق خطي في العلاقات بين روسيا والغرب، وقد وصف الرئيس الأمريكي الثاني والأربعون، بيل كلينتون، معنى ذلك في عموده بمجلة The Atlantic: “كانت سياستي هي العمل من أجل الأفضل، مع توسيع حلف الناتو للاستعداد للأسوأ”.
تُظهر هذه الصياغة بإيجاز الموقف الأمريكي، بحيث كان يُنظر إلى توسع النفوذ الغربي على أنه أداة للهيمنة الجيو-استراتيجية من موقع قوة، أما الأفكار حول انتشار مؤسسات الديمقراطية والليبرالية والتبادل الحر واقتصاديات السوق، فتم النظر إليها ” كسعي وراء الأفضل”.
في التسعينيات، بُنيت استراتيجية السياسة الخارجية لروسيا أيضاً على أسس “السعي نحو الأفضل”، كان أندريه كوزيريف، أول وزير خارجية لروسيا يلتسين، من المؤيدين النشطين للمسار الموالي للغرب.
وقد روج كوزيريف في سلسلة من الخطابات لوجهة النظر هذه، ولكن بالفعل في تلك اللحظة، أصبح من الواضح أن هناك قائمة بالمصالح الحيوية لروسيا لم تكن مستعدة للتخلي عنها، وإذا تم الضغط عليها، فإن الأزمة بينهما “روسيا والغرب” يمكن أن تصبح واقعية تماماً.
مع نهاية فترة ولايته، بدأ خطاب كوزيريف يتغير، فقد بدأ بالترويج لفكرة أن توسع الناتو يؤثر على المصالح الأمنية لروسيا. وقد لاحظ ذلك أيضاً محللون أمريكيون بارزون، ممن شكلوا أسس الحرب الباردة. وصف مؤلف مبدأ احتواء الاتحاد السوفياتي، الدبلوماسي الأمريكي جورج كينان، في مقالته عام 1997 لصحيفة نيويورك تايمز، علانية توسع الناتو بأنه “خطأ مصيري” قائلاً إن مثل هذه السياسة ستؤدي حتماً إلى صدام مع روسيا: “الروس لا يتأثرون كثيراً بالتأكيدات الأمريكية ولكنهم سيرون أن مكانتهم ومصالحهم الأمنية تتأثر سلباً، لن يكون لديهم، بالطبع، خيار سوى قبول التوسيع كأمر واقع عسكري، لكنهم سيستمرون في اعتبار ذلك بمثابة رفض من جانب الغرب ومن المرجح أن يبحثوا في مكان آخر عن ضمانات لمستقبل آمن ومفعم بالأمل لأنفسهم”.
كتب أحد علماء السياسة الأمريكيين، جون ميرشايمر، في عام 2003 أن الدول عقلانية، لكن لكل دولة مقياسها الخاص للقدرة على تقييم بيئتها بشكل عقلاني وتعديل استراتيجيتها وفقاً لذلك.
لقد أدرك الأمريكيون منذ فترة طويلة أن بلادهم تنطلق من إيمان عقلاني بتفوقها على الدول الأخرى، إذا استخدمت أمريكا مصطلحي “الصحيح” و”الجانب الخطأ من التاريخ”، اللذين يُزعم أن روسيا والصين تقعان فيهما، فإن العقلانية الروسية تأتي من شيء آخر: هناك العديد من القوى الكبرى في العالم، من الناحية العسكرية والاقتصادية، والإمكانات الاجتماعية، قادرة على إبراز القوة بكونها مركز الثقل للبقية، وبالتالي لا ينبغي للجبابرة أن يتشاجروا مع بعضهم البعض، لأنه في حالة اصطدامهم، ستنهار السماء بأكملها، وهذا هو سبب انهيار الهيكل العالمي للاستقرار اليوم.
في مقابلة حديثة، اعترف وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكين بأن حقبة ما بعد القطبية الثنائية قد انتهت، وأن زمن التنافس العالمي بين روسيا والولايات المتحدة قد بدأ، سنضطر حتماً إلى مراقبة تجاوزات هذا التنافس في شكل أزمات إقليمية، وسيُبنى النظام الجديد الذي سيتشكل نتيجة للأزمة الأوكرانية على العداء المتبادل.
من المحتمل أن يصبح قانون تأسيس روسيا والناتو لعام 1997 مسألة من الماضي، وستكون القوات المسلحة للناتو أكثر نشاطاً في أوروبا الشرقية، سيكون النظام أكثر خطورة، ويذكرنا بالحرب الباردة.
ومع ذلك، كان لهذا النظام اختلافات جوهرية، فالجميع كان على دراية بتكلفة الخطأ ومخاطر التصعيد التلقائي للأزمة، خلال العديد من الأزمات البارزة بين الاتحاد السوفييتي والغرب، أدرك الطرفان أنه لا يمكننا تحمل حرب كبيرة من شأنها أن تؤدي إلى إبادة كاملة.
على الرغم من العداء، ستناقش روسيا الخطوط العريضة المستقبلية للأمن الأوروبي مع الولايات المتحدة، بدأت المشاورات الروسية الأمريكية، ماراثوناً دبلوماسياً طويلاً في تشرين الثاني- كانون الأول 2021، عندما جرت آخر محاولة للتوصل إلى تسوية دبلوماسية للخلافات العسكرية.
عندما تمر المرحلة الحادة من الأزمة الأوكرانية، سيعود الطرفان إلى المفاوضات، وستكون المشاورات الروسية الأمريكية مرة أخرى مركز صنع القرار بشأن مستقبل الأمن الأوروبي.
في الوقت نفسه، من الواضح أن مصلحة الأمريكيين الآن هي جعل الأزمة الأوكرانية تستمر لأطول فترة ممكنة، حتى تخرج روسيا منها أضعف: وهذا سيخلق واقعاً تفاوضياً مختلفاً، وكما جادل فلاديمير لينين، “من أجل تأجيل المفاوضات، أنت بحاجة إلى تأخير”، فاليوم، الولايات المتحدة هي بالضبط التي تلعب مثل هذا الدور في الأزمة التي أصبحت واضحة بشكل كبير.
المصدر: Valdai Club

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة