الثورة – تقرير منهل إبراهيم:
لن نتردد بإحباط أي محاولة لإعلان استقلال تايوان.. هذا هو بيت القصيد بالنسبة لبكين، التي تراقب واشنطن وهي تلعب بالنار وتحرض تايوان على الانفصال، وتعدها بالدفاع عنها.
والمراقب للأحداث يرى أن حدة التوتر تصاعدت بعد التصريحات السابقة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي في اليابان حول استعداد بلاده للتدخل العسكري لحماية تايوان في حال تعرضها للهجوم من قبل الصين، والتي بدت مناقضة للسياسية التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ عقود.
ورغم أن البيت الأبيض وبايدن نفسه أكدا فيما بعد أنه ليس هناك تغيير في السياسة الأمريكية تجاه تايوان، إلا أن التعليق الذي جاء على لسان بايدن في معرض رده على سؤال صحفي، شكل المرة الثانية خلال الأشهر الأخيرة التي يقول فيها الرئيس الأمريكي إن بلاده سوف تدافع عن تايوان إذا تعرضت للهجوم، ما أثار علامات استفهام حول ما إذا كانت واشنطن تعتزم الحياد عن سياستها المعروفة باسم “الغموض الاستراتيجي” في هذا الشأن.
وشهدت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة توتراً مع عدم توافق أكبر اقتصادين في العالم حول كل ما يتعلق بقضايا بدءاً من سيادة تايوان، إلى نشاط بكين العسكري في بحر الصين الجنوبي، وعاد التوتر بين الصين وتايوان إلى الواجهة بعد تصريحات بايدن التي قال فيها إن الصين “تلعب بالنار” في مسألة تايوان، وتعهد بالتدخل عسكرياً لحماية الجزيرة إذا تعرضت لهجوم.
وسرعان ما ردت الصين على تصريحات بايدن مؤكدة أنه “لا مجال للتهاون في أمور تتعلق بسيادة الصين ووحدة أراضيها”، محذرة بدورها الولايات المتحدة من “اللعب بالنار”.
ويكمن جوهر التوتر بين الصين وتايوان في حقيقة أن بكين ترى تايوان جزءاً غير قابل للتصرف من أراضي الصين.
وقد بدأت العلاقات بين الصين وتايوان تتحسن في الثمانينيات.. وطرحت الصين صيغة تعرف باسم “دولة واحدة ونظامان” تمنح بموجبها تايوان استقلالية كبيرة إذا قبلت إعادة توحيد الصين.
رفضت تايوان العرض، لكنها خففت من القواعد الخاصة بالزيارات والاستثمار في الصين، وفي عام 1991، أعلنت تايوان انتهاء الحرب مع جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي، وفي عام 2000 عندما انتخبت تايوان تشين شوي بيان رئيساً، شعرت بكين بالقلق، وكان تشين قد أيد صراحة “الاستقلال”.
بعد عام من إعادة انتخاب تشين في عام 2004، أصدرت الصين ما يسمى بقانون مناهضة الانفصال، والذي ينص على حق الصين في استخدام كل الوسائل ضد تايوان إذا حاولت الانفصال عن الصين.
خلف تشين شوي بيان في الرئاسة ما يينغ جيو، الذي سعى بعد توليه منصبه في عام 2008، إلى تحسين العلاقات مع الصين من خلال الاتفاقيات الاقتصادية.
وبعد ثماني سنوات وفي عام 2016، انتخبت الرئيسة الحالية لتايوان تساي إنغ ون.
وتقود تساي الحزب الديمقراطي التقدمي (DPP)، الذي يميل نحو الاستقلال الرسمي النهائي عن الصين.
بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية لعام 2016، تحدثت إليه تساي عبر الهاتف في مكالمة مثيرة للجدل، نُظر إليها على أنها خروج عن السياسة الأمريكية الموضوعة في عام 1979، عندما قطعت الولايات المتحدة العلاقات الرسمية مع الجزيرة.
وعلى الرغم من الافتقار إلى العلاقات الرسمية، تعهدت الولايات المتحدة بتزويد تايوان بأسلحة دفاعية وشددت على أن أي هجوم من جانب الصين من شأنه أن يثير “قلقاً كبيراً”.
طوال عام 2018 ، صعّدت الصين من ضغوطها على الشركات الدولية، وألزمتها على إدراج تايوان كجزء من الصين على مواقعها على الإنترنت، وهددت بمنعها من ممارسة الأعمال التجارية في الصين إذا لم تمتثل.
وفي أيلول من العام الماضي، أرسلت واشنطن مسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الخارجية إلى الجزيرة في أول زيارة رسمية من نوعها منذ عقود.
وانتقدت بكين بشدة الاجتماع، وحذرت الولايات المتحدة من “عدم إرسال أي إشارات خاطئة لعناصر” استقلال تايوان “لتجنب إلحاق ضرر شديد بالعلاقات الصينية الأمريكية”.
وخلال تلك الزيارة المثيرة للجدل، أجرت الصين تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في الممر المائي الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي.
وفي وقت سابق أكد وزير الدفاع الصيني وي فنغي أن الجيش الصيني لن يتردد بإحباط أي محاولة لتحقيق استقلال تايوان وحماية السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها.
وجدد فنغي في أول اجتماع مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن على هامش مؤتمر شانغريلا للأمن الدولي في سنغافورة أمس التأكيد على أن تايوان جزء من الأراضي الصينية وأن بلاده لن تتردد بسحق أي محاولات لاستقلالها وحماية السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها.
وقال وزير الدفاع الصيني “إذا تجرأ أي شخص على فصل تايوان عن الصين فلن يتردد الجيش الصيني في القتال وسيسحق أي محاولات لاستقلال تايوان بأي ثمن، وسيحمي بشدة السيادة الوطنية وسلامة الأراضي”.