الثورة – ترجمة ختام أحمد:
الاقتصاد الأخضر، وتراجع الصناعات القديمة، وجوازات السفر الصحية الرقمية، والعملات الرقمية للبنك المركزي، هذه كلها مكونات أساسية لمستقبل العالم الجديد التي رسمها المنتدى الاقتصادي العالمي لكن العقبة الرئيسية أمام هذه الرؤية الكبرى أن هناك عدداً من البلدان لا ترغب في مواكبة ذلك.
يعلم دعاة العولمة أن لعبتهم وسياستهم القديمة تقترب من نهايتها ويعملون على إعادة التعيينات الكبرى، فهي طريقتهم لضمان استمرار عصاباتهم المالية التي أوصلت العالم إلى حالته المؤسفة الحالية ومحاولتهم الاستمرار في السيطرة على النظام العالمي الجديد. أبرز المعترضين على هذه الخطة الخبيثة بالطبع روسيا والصين اللتان تملكان عناصر المواجهة، قادة أقوياء يتمتعون بدعم شعبي، لديهم اقتصادات قوية ومتفائلون بشأن آفاق النمو المستقبلية، ولا يريد أي منهما التضحية ببلده فقط من أجل سيطرة بعض النخب الليبرالية على النظام الاقتصادي العالمي وفرض إرادتها على الدول الأضعف، فالوقت ليس في جانب ولصالح العولمة، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أنهم على دراية بذلك ويسرعون جداولهم الزمنية على الأقل اقتصادياً قبل أن يتم فرض إعادة التعيينات الكبرى وفرض نظام عالمي جديد على العالم بعيد عن العولمة والليبرالية.
إن انتخاب ترامب في عام 2016 كان عثرة بوجه مخططات العولمة، وقضى السنوات الأربع بأكملها من رئاسته يقاتل ضد فصيل العولمة، على الصعيدين الدولي وداخل أمريكا “شعرت واشنطن بالخداع”، فقد كان ترامب مناهضاً لحلف شمال الأطلسي ومناهض صريح جداً للعولمة وكان عقبة أمام جدول أعمالهم وكان لا بد من إزالته. فكانت انتخابات 2020 مزورة بشكل فاضح، وإذا ترشح ترامب مرة أخرى في عام 2024 فجميع المؤشرات تدل على أنه سيفوز.
ستشكل عودة ترامب عقبة رئيسية أخرى لأجندة العولمة والليبرالية وهم الآن يلعبون ضد عقارب الساعة لتعويض الوقت الفائت وقبل عودة ترامب، نلاحظ الدعوات الأخيرة الموجهة إلى السويد وفنلندا من أجل الإسراع في الانضمام لعضوية الناتو وهذا استفزاز آخر لروسيا. بالنسبة لبوتين يريد إنهاء الصراع في أوكرانيا بشروطه الخاصة والانسحاب، وألا يتورط في مستنقع قد يستمر لسنوات طويلة، فاستمالة السويد وفنلندا هي محاولة لضمان سنوات إضافية من الصراع والتوتر، وهذا ما يعرفه بوتين جيداً.
انتخاب ترامب مرة ثانية ليست القضية الوحيدة التي تواجه العولمة، الاقتصاد العالمي على وشك الانهيار، فتخلف سريلانكا عن سداد ديونها الدولية سيؤدي على الفور إلى إحداث فجوة لا تقل عن 500 مليار دولار في الاقتصاد العالم، ووفقاً للبنك الدولي فإن أكثر من 70 دولة أخرى في وضع اقتصادي صعب ومعظم ديونها غير مستحقة الدفع، ولذلك فإن حل صندوق النقد الدولي، واتباع سياسة التقشف، والخصخصة، وخفض الخدمات الحكومية، كل هذا سوف يزيد من الأزمات الاقتصادية في الغرب.
أيضاً تحاول العولمة الليبرالية السيطرة على الدول من خلال منظمة الصحة العالمية حيث تم تقديم اقتراح جديد أمام الأمم المتحدة في 22 أيار يطل بشكل أساسي من جميع الدول تسليم سيادتها إلى منظمة الصحة العالمية في حالة حدوث جائحة أخرى، إنهم يعتقدون أن منظمة الصحة العالمية تتمتع بثقة عالية لدى الكثير من الدول بعد جائحة كورونا “إنهم واهمون”.
لذلك يمكننا أن نتوقع حدوث جائحة أخرى بعد فترة وجيزة، فلاتزال عصابات العولمة تمتلك الأدوات التي تمكنها من إنشاء فايروس جديد، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا، والكشف عن المختبرات التي صنعت فايروس كورونا والتي كانت تحت سيطرة أمريكا والغرب، أفقدتهم الثقة والتأييد من كثير من دول العالم.
فشل Covid في الدخول في عملية إعادة الضبط العظيمة كما تخطط لها العولمة الليبرالية، وأطلق موجة من دمار الاقتصاد العالمي والتي قد تستغرق أجيالاً لإصلاحها.
تظل العديد من الأسئلة حول سوء الإدارة الإجرامية لـ Covid.
لدى كل من الصين وروسيا بدائل لـ SWIFT وترحبان بالدول التي تريد الهروب من المزرعة المالية النيوليبرالية، كلاهما يعرض الاستثمار من أجل التنمية وعدم التدخل واحترام سيادة الدول وهذا ما تريده وتقدره كل دولة.
بعد وقت قريب ستتخذ البلدان في جميع أنحاء جنوب الكرة الأرضية قرارات تتعلق بالانضمام إلى الحلف الروسي – الصيني الذي يوائم مستقبلهم ويحترم سيادتهم.
ستحدث إعادة تعيين كبيرة، لكن ليست تلك التي تقصدها العولمة، فمع استمرار النفوذ الغربي في التقلص بوتيرة سريعة سوف تضطر الكثير من الدول الأوروبية إلى الالتحاق بالمعسكر الشرقي والدخول في المدار الصيني والروسي.
إن آثار الحرب على أوكرانيا والعقوبات الفاشلة التي فرضتها العولمة على روسيا هي من سوف يقضي عليها، إن نقص الغذاء والطاقة بالإضافة إلى التضخم الذي لا يمكن السيطرة عليه هذه هي الحالة الاقتصادية في أوروبا الغربية الآن، فالإمبراطور من دون ملابس وبلا غذاء ولا تدفئة وليس لديه أفكار جديدة.. وقد ينتهي أمر العولمة في أي وقت قريب.
المصدر:Strategic Culture
بقلم: ايمون ماكيني