الثورة – محمود ديبو:
أظهرت آخر إحصائية أن سلامة المركبة وجهوزيتها الفنية بدأ يشكل بنسبة متزايدة أحد العوامل المسببة في الحوادث المرورية والتي أدت إلى إصابات كثيرة ووفيات أكثر خاصة إذا ما كان الحادث الواقع بمركبة من مركبات النقل الجماعي المخصصة للسفر بين المحافظات.
ولعل الأمر بات بحاجة إلى أخذه على محمل الجد في وقت تضاعفت فيه تكاليف صيانة وإصلاح المركبات وكذلك قطع الغيار وكل ملحقات السيارات ومركبات النقل الجماعي العامة والخاصة، هذا إلى جانب تراجع واضح في جودة ومواصفات بعض قطع التبديل لماركات من السيارات التي لم يعد يتوافر لها القطع الأصلية فيتم الاستعاضة عنها بقطع إما صينية أو ذات منشأ آخر غير المنشأ الأصلي، وهذا الأمر أيضاً يضاف إلى مسألة ارتفاع التكاليف.
فالمواطن أو صاحب المركبة لم يعد قادراً على تحمل أعباء إجراء الصيانات الدورية للسيارة خاصة الأمور الضرورية من استبدال الزيوت والبواجي والفرامل وصولاً إلى الإطارات التي وصلت أسعارها حداً غير محتمل، ومع حالة الاستمهال والتأجيل والتغاضي عن بعض الأعطال الجانبية، قد تكبر المشكلة وتتعاظم ويظهر العطل بشكل مفاجئ أثناء سير المركبة الأمر الذي يؤدي إلى حوادث أليمة قد تودي بحياة بعض الركاب أو تؤدي ببعضهم إلى عجز أو أضرار غير محسوبة..
يأتي هذا في وقت تشهد فيه أسواق قطع السيارات حالة من شبه الانفلات وعدم السيطرة عليها لجهة الأسعار الفلكية التي بات يطلبها بعض باعة قطع تبديل ومستلزمات المركبات والسيارات، بمقابل ذلك أيضاً نجد أيضاً أن أجور تصليح السيارات غير منضبطة بالشكل المطلوب فتجد كل صاحب ورشة أو مصلح سيارات سواء مكنيكي أو كهربائي أو حتى محلات بيع واصلاح العجلات، يطلب أجورا مرتفعة جداً لقاء إجراء إصلاح قد لا يتطلب منه أكثر من نصف ساعة كزمن للإصلاح ، وكلما كان العطل أكبر كلما زادت الأجرة…!!
ليس هذا فحسب فهناك قصة الجودة والمواصفة لقطع السيارات، وذات منشأ أحياناً غير موثوق أو غير مرغوب لدى صاحب المركبة، لكن الجميع هنا يرضخون للأمر (مكرهين لا أبطال) فهذا الموجود بالسوق، وأما إذا أراد الحصول على قطعة ذات جودة عالية ومصدر (أوروبي) فإنه مضطر إما للانتظار عدة أيام حتى يتمكن صاحب المحل لتأمينها عن طريق وسائله الخاصة، أو أن يلجأ صاحب المركبة لشخص مسافر إلى تلك البلد ويطلب منه إحضار القطعة معه.. وكلا الاحتمالين غير قابلين للتحقق بالوقت المناسب ما يدفع صاحب المركبة للقبول بما هو موجود على أمل أن يسعى لتأمين القطعة الأصلية..!!
كل تلك الأحاجي يتعرض لها المواطن خلال اضطراره لإصلاح مركبته بعد أن تصل إلى مرحلة التوقف بسبب عطل كبير تم إهماله منذ البداية ولم يتم تلافيه وإصلاحه في وقته..
ولنا بعض الأمثلة لحوادث سير مؤلمة راح ضحيتها مواطنون بسبب عدم قيام صاحب المركبة بإصلاح الأعطال والصيانة المطلوبة أو ربما لأسباب تعود لعدم جودة قطع التبديل التي استخدمها .. فالأمر هنا مفتوح على عدة احتمالات وجميعها تصب في اتجاه واحد وهو الحالة الفنية للمركبة.
هذا الأمر لم يعد يحتمل التغاضي عنه أو تأجيل النظر به ومعالجته من قبل المعنيين في دوائر الرقابة التموينية وحتى في دوائر الاقتصاد والمعنيين بأمور الاستيراد والكشف على البضائع الداخلة إلى القطر والتأكد من توفر عوامل الجودة والمواصفات المطلوبة فيها والتي غالباً ما تكون مسجلة على إجازات الاستيراد..
هذا الأمر فيه تلاعب بأرواح المواطنين وحياتهم وسلامتهم ويجب ألا يبقى مفتوحاً على مصراعيه ومتروكاً لأمزجة وأهواء البعض ممن لا يهمهم سوى جني الأرباح وتحصيل الثروات وتكديس الأموال..