الثورة – إيمان زرزور:
في مشهد يوحي بالعفوية والصفاء، شارك وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، متابعيه على منصة “إنستغرام” بصورة جمعته مع الرئيس أحمد الشرع، أثناء جلوسهما في أحد مطاعم بلدة بلودان ذات الطابع الجبلي الهادئ، غير أن الصورة، ببساطتها الظاهرة، حملت في طياتها دلالات عميقة وتأويلات متعددة بين السوريين، الذين لا يزالون يتابعون عن كثب ملامح التحوّل السياسي في بلادهم بعد سقوط نظام الأسد البائد.
الصورة، التي أظهرت الشيباني والشرع يرتديان بدلتين رسميتين ويجلسان على مائدة تضم الشاي وبعض المقبلات، جاءت في إطار وصفه الشيباني بـ”جلسة هادئة بعد يوم مزدحم بالعمل من أجل مستقبل مشرق لسوريا”، مشيرًا إلى سحر بلودان بقوله: “ترمّم ما أفسده التعب بهدوئها ونسيمها العليل”.
وهو توصيف حمل، برأي كثير من المتابعين، رغبة في رسم صورة قيادية مختلفة، لا تنتمي إلى مشهد العزلة والسلطوية الذي طبع سلوك المسؤولين في عهد النظام السابق، بل تقترب من الناس، وتقدّم رموز الحكم الجدد كأشخاص يمارسون يومهم الطبيعي، ويتشاركون لحظات الراحة، لا بوصفهم نخبة منفصلة عن المجتمع.
ليست هذه الصورة الأولى التي يظهر فيها الرئيس أحمد الشرع إلى جانب وزير خارجيته بأسلوب غير تقليدي، إذ سبق أن نُشر مقطع مصور في السادس من أيار، جمع بين الرجلين وهما يلعبان كرة السلة في صالة مغلقة، في إشارة لاقت حينها تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبرها ناشطون “لقطة محمّلة بالرسائل”، توحي بجو من الثقة والتماسك في قمة هرم السلطة الجديدة.
وقبل ذلك، في 12 نيسان، نشر الشيباني صورة “سيلفي” تجمعه بالشرع في مدينة أنطاليا التركية على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي، وعلّق عليها بعبارة: “العمل مستمر في كل الميادين”.
رغم طابع الصور الهادئ والودّي، يرى متابعون أن هذا النوع من الرسائل البصرية يدخل ضمن سياق مدروس لتكريس نمط قيادة مختلف عما اعتاده السوريون في عقود سابقة، حيث كانت الصور الرسمية تُظهر المسؤولين في مشاهد صارمة ومنفصلة عن الواقع، أما اليوم، فإن الرئيس الشرع وفريقه يظهرون كجزء من الحياة اليومية، وهو ما يمنح مشهد القيادة طابعًا إنسانياً أقرب إلى الناس.
مع ذلك، فإن هذه الصور، بحسب بعض التعليقات، لا تكفي وحدها لبناء الثقة، بل تُقابل أحياناً بتساؤلات عن قدرة الحكومة على ترجمة هذه الرمزية إلى سياسات ملموسة تُنهي معاناة الناس، وتُرسي نموذجاً حقيقياً من الحكم الرشيد.
الصورة التي جمعت الرئيس ووزير الخارجية في بلودان لا يمكن فصلها عن المشهد السوري الأوسع، فهي في نظر كثيرين، ليست مجرّد لحظة استراحة بعد يوم عمل، بل تمثل رغبة واضحة في صياغة خطاب بصري جديد، ينقل رسالة اطمئنان إلى الداخل، ويؤسس لتقاليد سياسية أكثر شفافية ومرونة، إلا أن التحدي يبقى في تحويل هذه الإشارات إلى واقع يعكس تطلعات السوريين لحكم يعيد لهم كرامتهم وحقوقهم بعد سنوات الحرب والاستبداد.