الثورة – ترجمة – ميساء وسوف:
قبل محادثات أمنية للرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة ثلاثية مع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، اتهمت السلطات الكورية الشمالية واشنطن بمحاولة بناء “الناتو الآسيوي” لاحتواء جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
التقى بايدن مع نظيريه الياباني والكوري الجنوبي على هامش قمة الناتو الأخيرة في مدريد لمناقشة برنامج بيونغ يانغ النووي، في 29 حزيران، قالت وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية، KCNA: “إن الولايات المتحدة عازمة على التعاون العسكري مع عملائها في تجاهل للمطلب الأمني الأساسي والقلق من جانب دول آسيا والمحيط الهادئ”.
تخطط سيؤل وطوكيو وواشنطن لإجراء مناورات صاروخية بالقرب من هاواي الشهر المقبل، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحافة إن القادة الثلاثة ناقشوا “التهديد المستمر” من كوريا الشمالية، وكذلك سبل “حرمان الشمال من العملة الصعبة التي يستخدمونها لتمويل برنامجهم النووي والصاروخي”.
علاوة على ذلك، وصلت مقاتلات الشبح الأمريكية من طراز F-35 هذا الأسبوع إلى كوريا الجنوبية وسط تصاعد التوترات في المنطقة.
في السياق الأوسع، تتصاعد التوترات أيضاً بين الصين وتايوان، وبين اليابان وروسيا، والصين واليابان، يمكن أن تتحول مثل هذه الخلافات إلى استقطاب خطير.
في نهاية حزيران، وفقاً لأكسيوس، صرح مسؤول كوري جنوبي أن بلاده تتوقع أن ترد الولايات المتحدة عسكرياً على “التهديد” الصيني لتايوان.
توقفت المحادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ التي بدأت في ظل رئاسة (دونالد ترامب) السابقة، ويمكن للمرء في الواقع أن يقول إن نهج بايدن الرئاسي تجاه شبه الجزيرة الكورية كان في الغالب انتكاسة.
على أي حال، منذ تسعينيات القرن الماضي، لم يكن أي قدر من العقوبات فعالاً في إقناع كوريا الديمقراطية بالتخلي عن أسلحتها النووية، التي تعتبرها مسألة استراتيجية حيوية، وهو أمر مفهوم، بالنظر إلى القوات الأمريكية المتمركزة بالقرب من حدودها.
على الرغم من تقدم محادثات المصالحة بين الكوريتين خلال حكومة الرئيس الكوري الجنوبي السابق مون جاي، صرح خليفته المحافظ، يون سوك يول، العام الماضي، في 22 أيلول، أنه سيطلب من واشنطن نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلاده، إذا شعر بالتهديد من جاره الشمالي، لم تنشر الولايات المتحدة مثل هذه الأسلحة هناك منذ أوائل التسعينيات، بفضل اتفاق مع روسيا لتخفيف التوترات في المنطقة.
دأبت كوريا الديمقراطية على إدانة التدريبات العسكرية المشتركة بين أمريكا وكوريا الجنوبية بالقرب من حدودها وتعتبرها تهديداً، من جانبها، أجرت كوريا الشمالية بالفعل أكثر من 30 اختباراً للصواريخ الباليستية هذا العام، وهو رقم قياسي، ويتكهن البعض بأن البلاد قد تكون مستعدة لإطلاق أول تجربة جديدة للأسلحة النووية منذ عام 2017.
كما ندَّد البيان الكوري الشمالي سالف الذكر بالمناورات المشتركة المخطط لها باعتبارها إشارة إلى أن واشنطن لم تغير طموحها في “الإطاحة” بحكومة بيونغ يانغ “بالقوة”، بالإضافة إلى ذلك، فقد أدان التحالف باعتباره “مقدمة خطيرة لإنشاء نسخة آسيوية من الناتو”، ولكن العديد من الخبراء وصفوا الحوار الأمني الرباعي الياباني – الأمريكي – الهندي – الأسترالي (QUAD) بأنه حلف الناتو الجديد.
كتبت الخبيرة الاقتصادية الفرنسية مارتين بولارد مؤخراً لصحيفة “لوموند ديبلوماتيك” بأن “الناتو الآسيوي” قد يكون وشيكاً، ما يعكس مثل هذه المخاوف.
في الواقع، يرى بعض المحللين أن الغرب مسؤول إلى حد كبير عن تصعيد الصراع على الحدود الروسية – الأوكرانية، بعد سلسلة من الاستفزازات، والآن يظهر سيناريو مماثل في آسيا حول تايوان. وفقاً للباحث في الجمعية الدولية للبحوث السياسية في كوريا الشمالية، كيم هيو ميونغ، هناك “مؤشرات تنذر بالسوء على أن الموجات السوداء في شمال المحيط الأطلسي ستؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى كسر الهدوء في المحيط الهادئ”.
تصاعدت التوترات بين طوكيو وبيونغ يانغ منذ تشرين الأول 2020 على الأقل، عندما بدأت كل من كوريا الجنوبية واليابان في تعزيز علاقاتهما، على الرغم من خلافاتهما التاريخية، لمواجهة كوريا الديمقراطية، علاوة على ذلك، منذ أن التقى بايدن ورئيس الوزراء الياباني السابق يوشيهيدي سوجا في البيت الأبيض في نيسان من العام الماضي، كانت العلاقات اليابانية الصينية أيضاً في أدنى مستوياتها منذ عقود
في الواقع، بينما حاول دونالد ترامب احتواء بكين بطريقة تجارية واقتصادية (من خلال متابعة ” الحرب التجارية “)، أضاف نهج بايدن عنصراً عسكرياً أكثر صراحةً لهذه المنافسة، وبالتالي نقلها إلى عالم أكثر خطورة.
يمكن للمرء أن يرى علامات على ذلك في الرد الأمريكي غير المتناسب على الصفقة الأمنية الأخيرة بين الصين وجزر سليمان، وكذلك في المشاركة الأمريكية الأوسع في جنوب آسيا، وفي المحيط الهادئ بشكل عام، لذا، يجب النظر إلى القمة الأمريكية – الكورية الجنوبية – اليابانية في هذا السياق أيضاً.
في غضون ذلك، تُنشئ الولايات المتحدة الآن قاعدة عسكرية دائمة في بولندا للمرة الأولى وتدفع بالعسكرة المتزايدة لأوروبا لمواجهة موسكو، يتعامل المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو أيضاً مع بكين باعتبارها “تحدياً” للحلف لأول مرة.
وبالتالي، فإن استراتيجية واشنطن الحالية تتضمن على ما يبدو تطويق كل من الصين وروسيا، في وقت واحد، مما له تأثير جانبي كارثي، من منظور أمريكي، لتقريب هاتين القوتين العظميين، هذا بالطبع نهج محفوف بالمخاطر للغاية.
باختصار، تخطط واشنطن لتوسيع كلاً من QUAD + وحلف الناتو نفسه لاحتواء الصين في عالم شديد التوتر بالفعل.
المصدر: Global Research