لا يبدو من المفهوم كثيراً لماذا تُصرّ السلطات النقدية على النفي القاطع المشوب بالاستبعاد الشديد لفكرة طرح فئات نقدية أعلى من الخمسة آلاف ليرة، التي تتربّع اليوم على عرش أعلى الفئات النقدية المتداولة ..؟!
ربما تريد من وراء ذلك أن لا تعترف بحجم التضخم المفرط الحاصل، ولكن هذا التضخم قائم بقوة، وهو ليس عيباً في السياسة النقدية أكثر مما هو تعبير عن ارتدادات طبيعية ناجمة عن زلازل الحرب والحصار الجائرة تجاه بلادنا.
فالأمر في هذه الأحوال العصيبة كالقضاء والقدر الذي لا رادَّ له، ولا نجد أي داعٍ للخجل ولا للتحفظات على مثل هذا الأمر، والأفضل – في الواقع – هو التعاطي معه بموضوعية وأريحيّة، وبطريقة منسجمة مع الواقع كي نتلافى تلك الاختلالات التي تصادفنا كلّ يوم.
والواقع لو أن هذا الاستبعاد والنفي يخفف التضخم فعلاً ( ففيها ما فيها ) ولكنه ماضٍ في إفراطه، حتى غدت الألف ليرة مشكلة .. وكأنها ( فراطة ) فنحن الذين نعاني .. نشتري القليل من الحاجيات فنحتاج إلى عدِّ كميات كبيرة من الأموال حتى نسدّ ثمنها .. فعلى الأقل خففوا عنّا هذه المعاناة بوجود قطعٍ نقدية كبيرة كعشرة آلاف .. وخمس وعشرين ألف .. بل وأكثر .. لا سيما وأن عمليات الدفع الالكتروني – رغم كلّ الوعود – لا تزال تحبو ببطء شديد، وهي في وضعٍ لا يؤهلها – حتى الآن على الأقل – لأن تحل محل دفع الكاش، ولو كانت هذه العمليات قد انتشرت على نطاق واسع فلا مشكلة في الموضوع.. ومن الآن إلى أن تنتشر وتحل محل الكاش خفّفوا عنّا هذا العبء .. فقد أنهكتنا الأعباء.