كل فرد منا يسعى للأفضل في حياته لكن تحقيق ذلك يحتاج إلى جهد كبير وصبر وأناة، ومن هنا كان أمير الشعراء أحمد شوقي قد افتتح قصيدته الشهيرة بالحكمة المقصودة:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي.. ولَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا..
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ.. إذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
إن تحقيق الأفضل في حياتنا هو من طبيعة النفس البشرية، فالناس جميعاً يطمحون لمزيد من تحسين حياتهم، إن كان مالاً أو علماً أو جاهاً أو أي شيء يرفع من مقامهم أمام الآخرين، لكن السؤال هو: هل يكفي أن نطمح أو نتمنى لتحقيق ما نصبو إليه، أو ما يحقق أهدافنا.
بالتأكيد لا يكفي ذلك، بل يحتاج الأمر إلى الإرادة الحقيقية التي لا تحتمل التأويل أو المناقشة، والقرار مصيري ويحتاج إلى التفكير الطويل مع دراسة العواقب في حال الفشل.
إذاً فالإرادة أولاً، والتأني ثانياً، والاستفادة من تجارب الناس الصحيحة ثانياً، وهذا يقودنا إلى التشاور مع أصحاب الرأي والاختصاص حتى لا نقع في المحظور، أي الفشل لا سمح الله، وهنا تكون الطامة الكبرى فالخسارة هي خسارة المستقبل، وإن كنا نريده مستقبلاً منيراً ووهاجاً، مادياً ومعنوياً، فعلينا أن ننهل من علوم من سبقونا.
ومن هنا جاء المثل الشهير: “ما خاب من استشار”، أي فاز وربح من استأنس برأي الناجحين والموفقين في حياتهم بعد ذلك، وقال حكماؤنا في ذلك: “شاور أكبر منك وأصغر سناً وبعدين ارجع لعقلك”.
فالحكماء لم يتركوا شيئاً إلا ووصفوه من خلال تجاربهم وتجارب من سبقوهم، لذلك أفلحوا ووصلوا إلى هدفهم وأنجزوا وأبهروا في تفوقهم وبشهادة الناس، أما الإنسان المتسرع في قراره فيقع في مطبات هو بغنى عنها، وخلاصة القول قرارك هو بالإرادة أولاً، والتأني ثانياً، والاستفادة من تجارب الإنسانية آخراً وأخيراً.
جمال الشيخ بكري